قوموا إلى صلاة الإعتذار!

الإعتذارٌ قيمة عالية، لا يقدرُ عليها إلا أولي الضمائر التي تستيقظ.
هو قد يكون كلمة.. وقد يكون جملة.. وقد يكون فعلا شريفا.
بالإعتذار يغتسلُ الضمير، وتهللُ- بعض انقباض- أساريرُ النفس، وتترقى هذه النفسُ درجات في مقام الطمأنينة والراحة، والكمال.
من منا، من لم يرتكب خطأ في حق إنسان آخر، والأخطاء- مثل الخطايا- منها مايحوك في الضمير، وتخاف أن يطلع الناسُ عليها!
الضمير؟
أى نعم، له عذاب أمر، ولا من نجاة من هذا العذاب، إلا بغسله بمطهرات طلب الصفح!
يعترفُ أفظع الرجال في نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ومن هو أفظع الرجال في ذلك النظام غير وزير الداخلية؟
ادريان فلوك.. اسم- ما أن يرد- إلا ويقف شعرُ الرأس. كان جهما، أجش التقاطيع.. وكانت مهمته في الأساس ترويع السود، وارتكاب الفظائع.
الذاكرة السوداء، في جنوب إفريقيا، لا تزال تختزنُ عذابات، من وسائل تعذيب هذا الرجل.. لكن هذا الرجل، ظل منذ سنوات يمشي بين الناس، بفعل الإعتذار.. خاصة بين الفقراء في مدن الصفيح، حيث كان اسمه -اسمه فقط – يوقف شعر الجلد!
يومذاك- كان ضميره- وهو في خضم سلطة القمع العنصري- في بيات شتوي.
كان المسكين يدركُ أن اليوم هو اليوم، وليس غدا هو يوم آخر، على الإطلاق.
أشرقت شمسُ اليوم التالي، وكان مانديلا يودعُ سجانه، ويبتسم، وكانت ويني زوجته ورفيقة كفاحه تفرد ذراعيها، وكان السود في كل مكان يرقصون بالعنق والساق والردفين والقدم!
انتهى فصل، وجاء فصلُ الحقيقة والمصالحة: أجملُ تعاليم مانديلا.
أتخيل أدريان فلوك، يقف مشدوها، يفرك في عينيه. أتخيله ينتبه فجاة: ياااا ه.. هذا هو يوم آخر!
لو أضعت في خضم سطوة السلطة، يومك هذا، فلا تضيّع- ياصاحبي- يوم غد… ولو غيّبت ضميرك في يوم، فهش عليه بعصا الندم، في الأيام التالية!
الندم، حالة شريفة.
هو حالة، تقول إن الضمير فتح عينيه.
هو أول منازل التقرب إلى الناس زلفى.. أول المداخل إلى فضيلة الإعتذار.
ندمتُ.. أى ورب الناس.
تخيلتُه- رجل الفظاعات- وهو في ندمه. أشفقتُ عليه: ياااااه ما أعظم الفظاعات، وأعظم الندم.
أدريان فلوك، لم يكتف بإعلان الندم، هرع إلى فعل الإعتذار, هو الآن كهل، أشيب الرأس، يجوب من وقت لآخر مدن الصفيح بشاحنة صغيرة، يوزع الطعام والحلوى لفقراء السود، ويفتح بيته لمن عذبهم ذات تاريخ، يتخذون منه زوايا لأشغال تدر عليهم مايسكت صراخ المصارين.
أدريان، لم يعد أجش الملامح..
الإعتذار، يعيد تطييب الملامح، من اول جديد.
الآن، كثيرون، في مدن الفقراء، لا يرون أدريان غير رجل أبيض، حيي الملامح، يمشي بالإحسان.. وقليلون منهم يقفُ شعر رأسهم- بأثر رجعي- كلما ورد اسمه: رجل الفظائع أدريان فلوك.. أدريان فلوك، وتقفز لهم- من مكان ما في الذاكرة- ملامحه الجهمة!
أيها الناس: طوبى لرجل يستيقظ فيه ضميره.
طوبى لمن .. يعتذر!
أيها الفظائعيين في السودان، قوموا قانتين إلى صلاة الإعتذار، يرحمكم من تبقى من الشعب السوداني الفضل!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هولاء يا هاشم كرار يحسبون انهم يحسنون صنعا .. ويحسبون انهم يفعلون فظائعهم هذه – ” التي لم يسبقهم عليها احد ولن يسبقهم عليها احد في وطن التسامح “- يحسبون انهم يفعلونها تقربا وزلفى الى الله سبحانه وتعالى لان من يذيقونهم ويلات العذاب حتى الموت -” د. علي فضل مثالا ” – يعتبرونهم من ملة الكفر .. يظنون انهم ينفذون مشئية الله كأن الله عز وجل انزل عليهم امرا بذلك من السماء ونسوا ان الله سبحانه وتعالى يقول في محكم تنزيله : ” وكل انسان الزمناه طائره في عنقه ويخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا 13 اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا 14من اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر اخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا 15
    سورة الاسراء هكذا فصل الله سبحانه وتعالى الامر .. ومن رحمته على خلقه ان قال عز من قائل – ” ويدخل من يشاء في رحمته والظالمين اعد لهم عذابا اليما ” – وياتي في اخر الزمان نوعا من البشر بعذبون ويذبحون ويحرقون ويقولون انهم ينفذون ارادة السماء .. يمارسون الوصاية باسم الله كما يفعل هولاء في السودان ..يظنون – وخاب ظنهم – انهم بتطبيقهم لمشروعهم الحضاري الكاذب الظالم ان السماء تصفق وتهلل وتكبر لهم طربا وفرحا ونسوا انهم يخادعون انفسهم .. -” ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ” –

  2. شكراُ كتير كمال مصطفى، وأرجو -أن تكون الذي في بالي-
    الفرق بين زول هاشم كرار بتاع ج أفريقيا وناس حكومتنا
    إنو هو ظلم وفسد وتجبر ع الناس ولكنه كان عندو ذرة من (ضمير)
    أرجعه
    للندم وبالتالي للإعتذار وطلب الصفح ممن ظلمهم…..
    أما هؤلاء ففعلوا فينا أسؤ مما فعل الخواجة في اهل مانديلا
    ولكن الفرق بينهم وبينه إنهم بلا ( ضمير).
    وبالتالي لا نرجو منهم ولا أقل مما فعله الخواجة الكافر
    بعد صحوة ضميره…….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..