خلاف قطر والسعودية في سوريا

الانكسار الحاصل في سوريا اليوم محزن وتبعاته المستقبلية خطيرة، ويأتي في ظل خلاف قطري – سعودي؛ البلدين الشريكين في مساندة الشعب السوري في وجه مذابح النظام وحلفائه. الحقيقة أن سوريا جزء من مسببات الخلاف؛ ففي الوقت الذي كانت تدعم فيه السعودية القوى الوطنية السورية مثل «الجيش الحر»، اختارت قطر دعم جماعات مسلحة؛ دولياً مصنفة إرهابية، امتداداً لما تفعله قطر في ساحات حرب أخرى، مثل ليبيا.
تباين الرياض والدوحة في سوريا بدأ مبكراً، منذ بدايات الانتفاضة هناك، لكنه كان أزمة صامتة، فقد كان البلدان مقتنعيْن بأن استقرار سوريا والمنطقة ليس ممكناً بوجود نظام بشار الأسد المتآكل، ولا بعد المجازر المريعة بحق المدنيين، وفوق هذا مكّن إيران من السيطرة على بلاده عسكرياً بما يهدد إقليمياً أمن دول؛ مثل الخليج والعراق وتركيا.
ومع تدمير النظام للمدن تشرد ملايين الناس، وازداد خوف العالم من تحول سوريا إلى مركز للإرهاب، إلا أن قطر استمرت تدعم «داعش»، و«جبهة النصرة»، و«أحرار الشام» وغيرها. أما السعودية، فقد كان خيارها الأساسي الجيش السوري الحر. واتسعت شقة الخلاف بين البلدين الخليجيين في إدارة المعارضة داخل «هيئة الائتلاف»، وعلى الأرض كانت «داعش» والنصرة «القطرية» تهاجمان الجيش الحر «السعودي»، وتسلبان أراضيه المحررة من النظام.
الخلافات رفعت الستارة عن نشاطات قطر التي كانت تتخفى وراء التحالف، بعد أن تكاثرت أجهزة التجسس الدولية ترصد خيارات البلدين في جنوب تركيا، وشمال الأردن.
والخلاف أعمق مما تراه العين، فالسبب الحقيقي أن السعودية ترتاب في نوايا قطر بسبب حرصها على جذب ودعم «الجهاديين»، خصوصاً السعوديين… تشك منذ التسعينات، أي منذ الانقلاب في الدوحة، بأن حكومة حمد بن خليفة كانت تعمل على استهداف المملكة بدعم معارضيها مالياً وإعلامياً، بمن فيهم أسامة بن لادن، زعيم «القاعدة» حينها، الذي كان يدعو لإسقاط النظام السعودي من على شاشة التلفزيون القطري. وبعد الغزو الأميركي للعراق، لعبت قطر دوراً خطيراً في تمويل ما سمي بالمقاومة، خصوصاً المقاتلين الأجانب، وبينهم سعوديون. كانوا يتجمعون في سوريا ويرسلون، مع المقاتلين الأجانب الآخرين، إلى المحافظات العراقية الثائرة مثل الأنبار. جرى ذلك خلال فترة تحالف نظامي حمد والأسد لنحو عشر سنوات في لبنان والعراق وغزة، واختلفا قبيل ثورات الربيع العربي بعام.
في ثورة سوريا تكررت شكوك السعودية، حيث استمرت قطر تدعم مسلحين سعوديين ضمن تبنيها تنظيمات إرهابية، مثل «النصرة»، التي وضعتها السعودية على قائمتها السوداء. ورداً على قطر، أصدرت وزارة الداخلية السعودية إنذارات علنية للمواطنين تحذرهم من الانخراط في الحرب السورية، وطلبت من تركيا عدم مرورهم من أراضيها. ومن أبرز السعوديين الهاربين عبد الله المحيسني، الذي تولت قطر رعايته ضمن تمويلها لـ«جبهة النصرة» الإرهابية. والمحيسني، مثل بن لادن، ينحدر من أسرة ثرية، وفر إلى سوريا في عام 2013 متحدياً الحظر السعودي.
وقد يبدو من التناقض أن يدعم السعوديون، من جهة، الثورة السورية، وفي الوقت نفسه يعترضون على دعم المقاتلين الأجانب لها، وذلك لأنها تخشى من ارتداداتهم عليها. كانت ضدهم في أفغانستان، بعد خروج السوفيات، وضدهم في حروب البوسنة والصومال والعراق. إلا أن حرب سوريا كانت الكابوس الإرهابي؛ فيها إيران وميليشياتها، و«داعش» وشقيقاتها.
بالنسبة للرياض، ما وقع للشعب السوري من ذبح لم يكن مقبولاً، ولا هيمنة إيران على سوريا، لما تشكله من خطر على المنطقة. أما قطر فقد كانت تعدّ سوريا مجرد ساحة عبث أخرى، تربي فيها حيواناتها المتوحشة من الحركات المتطرفة. فهي تعدّ الإسلاميين المتطرفين حصانها الرابح، متوهمة أنها قادرة على ركوبه في مصر وليبيا وتونس، وبالطبع في سوريا.
قطر دمرت المنطقة، بتفضيلها المتطرفين؛ مثل الإخوان المسلمين في مصر، والجماعات المتطرفة في ليبيا وسوريا، وورطت السنّة في العراق. وتنظيماتها المتطرفة هي التي ألحقت الضرر بمجاميع الثورة السورية، أكثر مما فعلته قوات الأسد وميليشيات إيران. كما تسببت قطر في تشويه صورة الشعب السوري وأحلامه، الذي ثار على البطش، لتستورد له قطر جماعات تؤمن بالذبح والسبي وتكفر نصف الشعب وتحل دمه!
كنا نعتقد في البداية أن هناك بارانويا سعودية من قطر، وأنها تبالغ في ارتيابها، لكن تكرار ممارسات الدوحة، بإصرار واستمرارية عجيبين على دعم المتطرفين، أثبت أنها سياسة، وليست مجرد ردود فعل أو تخيلات!

عبد الرحمن الراشد
اعلاميّ ومثقّف سعوديّ، رئيس التحرير السابق لصحيفة “الشّرق الأوسط” والمدير العام السابق لقناة العربيّة

الشرق الأوسط

تعليق واحد

  1. كل يوم إزداد يقينا بإن هذا المدعو الراشد ليس له من الرشد شيئا ولا أدرى كيف ( تبول ) تبوأ كل تلك المهام الصحفية التي زين بها إسمه في نهاية المقال
    عبدالرحمن غير الراشد يكتب أولا بمنظار الجهالة ويحاول من وقت لآخر أن يربط بين بن لادن وداعش وما فضل عنده إللإ الحوثين و صالح ليقول أنهم صنيعة قطر بينما بن لادن سعودى وكل إنتحارى داعش من السعودية ولم يتم القبض على قطرى واحد لا في سوريا ولا داعش ولا يحزنون من قطر بل كلهم سعوديون أبا عن جد
    التعصب الاعمى والمال الذى يعطى لعبدالرحمن الغير راشد هو الذى يحرك مثل هؤلاء الكتاب اتحدى عبدالرحمن الغير راشد أن يكتب حرفا واحد عن الاختراق
    الذى قام به أولاد زاىد لوكالة الانباء القطرية بعد أن ثبت للعالم أجمع ضلوعهم في تلك القرصنة ؟؟؟
    للأسف كنا نظن عيال زايد ان فيهم شيئا من الوالد الراحل الله يرحمه ولكن كما يقول المثل السودانى عندنا النار تلد الرماد ..

  2. كل يوم إزداد يقينا بإن هذا المدعو الراشد ليس له من الرشد شيئا ولا أدرى كيف ( تبول ) تبوأ كل تلك المهام الصحفية التي زين بها إسمه في نهاية المقال
    عبدالرحمن غير الراشد يكتب أولا بمنظار الجهالة ويحاول من وقت لآخر أن يربط بين بن لادن وداعش وما فضل عنده إللإ الحوثين و صالح ليقول أنهم صنيعة قطر بينما بن لادن سعودى وكل إنتحارى داعش من السعودية ولم يتم القبض على قطرى واحد لا في سوريا ولا داعش ولا يحزنون من قطر بل كلهم سعوديون أبا عن جد
    التعصب الاعمى والمال الذى يعطى لعبدالرحمن الغير راشد هو الذى يحرك مثل هؤلاء الكتاب اتحدى عبدالرحمن الغير راشد أن يكتب حرفا واحد عن الاختراق
    الذى قام به أولاد زاىد لوكالة الانباء القطرية بعد أن ثبت للعالم أجمع ضلوعهم في تلك القرصنة ؟؟؟
    للأسف كنا نظن عيال زايد ان فيهم شيئا من الوالد الراحل الله يرحمه ولكن كما يقول المثل السودانى عندنا النار تلد الرماد ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..