مقالات سياسية

الحملة ضد البروف حيدر الصافى من المقصود، شخصه ام مركزية قحت

ياجبل ما يهزك ريح

تابعت باهتمام قضية وزارة الزراعة.. أولا لانها قضية رأى عام فى زمن الثورة التى مازالت شعاراتها واهدافها قيد التنفيذ..
ثانيا لاننى زراعية ولاننى كنت ضمن قيادات نقابة المهندسين الزراعيين الشرعية، ولاننى الان عضو فى تمهيدية النقابة..
وفوق هذا وذاك لاننى مواطنة من جملة افراد الشعب السودانى الذى نذر ألا يفرط فى ثورته التى تحققت بعد ثلاثين عاما بدم الشهداء وارواح الشباب فى كل شبر من الوطن..
جميعنا تابع عبر الاسافير المذكرة التى رفعتها مركزية قوى الحرية والتغيير الى رئيس مجلس الوزراء ضد وزير الزراعة.. المذكرة لم تتحدث عن اى شئ يسئ الى سمعة الرجل او ذمته المالية او غيرها وانما تناولت فشله التام فى ادارة قطاع يعتبر هو الاهم على الاطلاق فى تنمية البلاد ودفع عجلة الانتاج الى الامام فى دولة وصفت قبل الانقاذ بانها (سلة غذاء العالم) لتتحول بفعل فساد النظام الى دولة متسولة للقمة الرغيف من دول الاستعمار الحديث وغيرها..
وفى البداية وبصفة عامة دعونا نقر بان جميع من تبوأوا مناصب فى السلطة الانتقالية بما فيهم الوزراء هم ليسو منتخبين ولم يأتوا بانتخاب من الشعب السودانى الذى قدم التضحيات العظيمة حتى حقق ثورته واسقط نظام الفساد والاستعباد.. بل جاءوا بامر الثورة تكليفا لا تشريفا لتحقيق اهدافها وتنفيذ اجندتها وتحقيق شعاراتها..
اذن ليس فيهم من هو فوق النقد او المتابعة او الاقالة اذا لزم الامر..

مذكرة الحرية والتغيير لم تخرج من هذا الاطار اذ تناولت فشل وزير الزراعة بايضاح كامل وتناولت رقابة الجهات ذات الصلة بالزراعة وتقاريرها لتوضيح ذلك وعلى رأسها تحالف مزارعى مشروع الجزيرة وغيره.. هذا المشروع الذى ظل واحدا من اهم معالم تدمير الاقتصاد السودانى وهدم البنى التحتية للبلاد وافقارها فى ظل النظام المدحور.. هذا المشروع الذى سيظل التريمومتر الحقيقى لقياس النهضة الزراعية المنتظرة بعد الثورة..

تناولت المذكرة نقاط اساسية لاثبات فشل وزير الزراعة المعين فى اوائل سبتمبر 2019.. ولم يخطو خطوة واحدة الى الامام لاثبات مقدرته على تحقيق تطلعات القطاع الزراعى بعد الثورة..
اشارت المذكرة فى مضمونها الى عدة نقاط هامة لتأكيد فشل وزير الزراعة.. تحدثت عن الدمار الذى اصاب القطاع الزراعى فى عهد الانقاذ، والى محاولة النظام لمحو مشروع الجزيرة من خارطة الانتاج وعن مقاومة تحالف مزارعى المشروع لتلك السياسات الاقطاعية الفاسدة مشيرة الى دور التحالف فى مقاومة النظام حتى تكوين الحرية والتغيير فكان من المؤسسين لها، واستمرت جهوده بعد الثورة لتغيير السياسات التى اقعدت بالمشروع وبالقطاع الزراعى ككل.. واشارت المذكرة الى انه وبكل الاسف ظلت عناصر النظام البائد تستقوى بوزير الزراعة وظلت الامور كما هى عليه قبل الثورة وظلت الشكاوى ترد الى مركزية الحرية والتغيير ليس من تحالف مشروع الجزيرة فحسب بل من كل المشاريع الكبرى، مثل مشروع الرهد، كساب، سكر الجنيد.. الخ

وحملت المذكرة مسئولية فشل الموسم الشتوى لسياسات الوزارة المتعنته، ووعود الوزير التى لا يوفى بها، كما تناولت المذكرة ايضا تدخل الوزير لحماية موظفة متورطة مع اخرين فى اخذ اموال من مشروع بالمجلس القومى للبيئة بشكل غير قانونى، وتم ايقافها بموجب قرار ادارى بعد ان ثبت تورطها، فقام الوزير بالغاء قرار ايقافها بقرار وزارى وايقاف الامين العام للمجلس الاعلى للبيئة الذى اصدر قرار ايقافها بقرار وزارى اخر..
وطالبت مذكرة الحرية والتغيير بعدة مطالب على رأسها اقالة وزير الزراعة.. هذا باختصار ما اشارت اليه مذكرة الحرية والتغيير المرفوعة الى رئيس مجلس الوزراء فى ديسمبر/2019..
وبهذه المذكرة اصبح الامر تحت يدى رئيس مجلس الوزراء.. ومن المتوقع ان يولى القضية الاهتمام المطلوب خاصة وانها مرفوعة من مركزية الحرية والتغيير الجهة التى اكتسبت مشروعيتها الرقابية من شرعية الثورة وبامر الشعب السودانى خاصة فى غياب المجلس التشريعى..

وبجانب مذكرة الحرية والتغيير ﻭوفقًا لما نشرته صحيفة الجريدة فى عددها الصادر يوم 24/12، ونقلته عنها صحيفة الراكوبة فى نفس اليوم، ﺩﺧﻞ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﻣﻮظفى ﻮﺯﺍﺭﺓ الزراعة ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺎﺕ ﺣﺎﺩﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻓﻲ ﺍﺣﺘﻔﺎﻝ الوزارة ﺑﺬﻛﺮﻯ ﺛـﻮﺭﺓ ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﺍﻟﻤﺠﻴﺪﺓ ﺑﻤﻘﺮ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ، وﺃﻋﻠﻨﺖ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺪﻳﺔ ﻟﻨﻘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﺑﺎﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﺗﻤﺴﻜﻬﺎ ﺑﺎﻗﺎﻟﺔ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ، وصرح ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺪﻳﺔ ﺳﺎﻣﺮ ﺍﺑﻮ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﻋﻦ ﺗﻤﺴﻜﻬﻢ ﺑذلك، ﻭﻫﺪﺩ ﺑﺎﻟﺘﺼﻌﻴﺪ ﺣﺎﻝ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻤﻄﺎﻟﺒﻬﻢ.. واشار التقرير الى ترديد العاملين لهتافات الثورة فى مواجهة الوزير ومقاطعته اثناء مخاطبتهم (الحل فى البل).. فبالنظر الى كل ذلك وبالنظر الى ردود الافعال التى تبعت هذه القضية نجد ان معظم المدافعين عن وزير الزراعة “على قلتهم” باختلاف مآربهم واغراضهم ودوافعهم صبوا جل غضبهم من مذكرة مركزية الحرية والتغيير على رئيس اللجنة الزراعية بالمركزية البروف حيدر الصافى المكلف بمهمة الاتصال بالوزير.. وتعدى الامر الى اتهامه بالفساد والطعن فى ذمته المالية ابان فترة عمله القصيرة بالمجلس الاعلى للبيئة خاتمة عمله الحكومى الذى امتد الى اكثر من ربع قرن منذ تعيينه فى 1985 بوزارة الزراعة حيث تم تعيننا متزامنا وبقرار واحد من وزارة الزراعة بالولاية الشمالية/نهر النيل حاليا، فعملت معه بوزارة الزراعة ثم محطة ابحاث الحديبة، وقبلها تزاملنا فى الجامعات المصرية كدفعة واحدة، اضافة الى انه ابن مدينى مدينة الحديد والنار التى لا تلد رمادا، فشهادتى فى حيدر الصافى مجروحة، ولكن للتاريخ اقول، عرف حيدر خلال عمله بكفاءته العالية ونزاهته المشهودة وعلمه المتطور، وتميزه المهنى.. وما طالته من اتهامات جزافية استهدفت شخصه او ربما استهدفت الحرية والتغيير فى شخصه.. وهذا هو الاقرب الى الحقيقة.. فحيدر الصافى احد قيادات الحرية والتغيير المؤسسين لها والموقعين على اعلانها منذ تكوينها فى 2/يناير/2019، واحد قياداتها البارزة فى لجنة التفاوض مع المجلس العسكرى بعد نجاح الثورة، واحد القيادات الموقعة على وثائق الفترة الانتقالية، واحد قياداتها فى الترشيحات وتكوين السلطة الانتقالية بل ابرز قياداتها المدافعين عن خطها الثورى ومبادئها على الاطلاق..

دون ان يزكى نفسه فى اى منصب من المناصب التى كان سيجد دعم الجميع اذا تقدم لاى منها بكفاءته المشهودة وتاريخه النظيف.. ولكنه اكد منذ بداية الترشيحات على موقفه الثابت من عدم تبوء اى من المناصب الدستورية والتنفيذية للمرحلة الانتقالية بما فى ذلك وزارة الزراعة والتى عمل فيها سنوات طويلة وهو الادرى بكل كوامنها واحتياجاتها ومفاصل نهضتها.. ولكنه اكد ان يظل جنديا مخلصا لكل قضايا الوطن بعيدا عن المناصب..
ما يشاع الان عن قضايا مالية تتعلق بالمجلس الاعلى للبيئة بغرض التشكيك فى حيدر الصافى واشانة سمعته دون ابراز اسماء من يدلون بهذه التصريحات.. فهذا دليل على انهم ايادى خفية ليست للدفاع عن وزير الزراعة فحسب ولكن الحملة تستهدف الحرية والتغيير فى شخص حيدر خاصة وهو المكلف بمتابعة ملف وزارة الزراعة، الحملة فى تقديرى تهدف الى ايقاف اى متابعة او رقابة للحرية والتغيير للاداء فى اى وزارة باعتبارها المراقب لاداء السلطة التنفيذية خاصة فى غياب المجلس التشريعى (كما اسلفت) فما يدور من حديث مالى عن فترة بروف حيدر فى المجلس الاعلى للبيئة يطرح سؤال مفصلى:
حيدر الصافى معارض شرس لنظام الانقاذ.. تم استهدافه بطرق مختلفة ومنها الاقالة من العمل والمطاردات والمداهمات الامنية فى مكان عمله الخاص ومنزله.. بالاضافة للاعتقالات المتعددة لفترات طويلة والتى امتد بعضها الى عدة اشهر.. ما الذى يجعل النظام الذى يبحث عن اى ادانة كانت ضد معارضيه ان يسكت عما يتحدث عنه مجهولى الهوية الان حول التجاوزات المالية فى المجلس الاعلى للبيئة..

وحول الفترة التى عمل بها بروف حيدر فى المجلس الاعلى للبيئة رغم قصرها!! ولاهتمامى بهذه القضية ذهبت الى حيدر الصافى فى مكتبه، وسألته عن اسباب الحملة ضده الان من وجهة نظره..
فقال: انا رئيس لجنة الزراعة والبيئة في المجلس المركزي للحرية والتغيير وقد كلفت وزميلين في اللجنة لحل مشكلة مزارعي مشروع الجزيرة ومشكلة الفساد الخاصة بالمجلس الاعلى للبيئة، ولما تعنت الوزير ورفض الاستجابة اجتمع المجلس المركزي وهو يمثل قيادة الحرية والتغيير واتخذ قرار بالاجماع لاقالة الوزير وسلم الخطاب عبري لحمدوك مما اغضب وزير الزراعة واستاجر مجموعة من اعوانه لتشويه صورتي.. واضاف حيدر اما بخصوص علاقتي بالمجلس الاعلى للبيئة فقد تم انتدابي بواسطة الوزير حسن هلال دون سابق معرفة لمحاضرة قدمتها باسم جامعة ود مدني الاهلية واتصل علي وعرض علي المنصب واوضحت له انني معارض ولن يوافقوا على تعيني ولقد كان، فظللت منتدبا ومكلفا من الوزير وليس مجلس الوزراء الذي رفض حتى تكليفي٫. وعندما حاولوا ان يسجلوا خبراء اجانب في وفد السودان لاحد المهام رفضت ذلك وانتهى الأمر باقالتي وعينت مديرا بعد ذلك في مشروع تابع للامم المتحدة وتم فصلي بعد شهر و١٩ يوم وفق توصية من جهاز الامن بحجة اني معارض،
فى المجلس لم يكن لدي علاقة بالنظام المالي لمشاريع المجلس اذ لكل مشروع مديرا ومحاسبا تشرف عليهم الامم المتحدة….اما من ناحية الحساب الحكومي فقد تمت مراجعة المجلس الاعلى ابان عملي وبعدها وكانت تقاريرهم ممتازة (مرفق تقرير المراجع العام)، فمحاولة الكتابة من بعضهم لايسنده منطق، وهل من الممكن للانقاذ ان تجد فرصة في معارض وتتركها..

واضاف حيدر:
ما زلت لا املك عربة واسكن في شقة ايجار بمحطة معاوية باركويت..
وتساءل مشيرا لتقرير المراجع العام “وهل هناك جهة غير المراجع العام”.
هذه هى قضية وزير الزراعة ومركزية الحرية والتغيير..
وفى الختام اؤكد على ان الثورة يجب ان تكون محروسة بكل فئات الشعب السودانى، وليس هناك من هو كبير على النقد او التصحيح او الاقالة اذا لزم الامر كما ذكرت من قبل..
فالسلطات جاءت بامر الشعب ومن لم يستطيع اثبات كفاءته ومقدرته على تحمل المسئولية يجب ان يذهب بامر الشعب والثورة.

2/يناير/2020
إحسان عبد العزيز

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..