مقالات وآراء

بعض اللايف/ات وظواهر ما بعد الثورات

حسن احمد الحسن

ليس من شك ان الإعلام الجديد فتح آفاقا واسعة للحضور على شبكة الإنترنت من غث وثمين على نحو ما نشاهد ونرى سيما وسط الشباب فبقدر ما ساهم هذا الإعلام في دعم وانجاح الثورات ضد أنظمة القهر إلا أنه أسهم أيضا في تضخيم البعض لأنفسهم وبيع الوهم لهم فمنهم من اعتقد أنه جيفارا زمانه أو مارتن لوثر كنج الحقوق المدنية يوزع على الآخرين صكوك الوطنية والعمالة على غير هدى. ومنهم من يعتقد بحكم التعتيم الذي فرضته طغمة الإنقاذ على حركة الوعي والمعرفة بالمعلومة أن الثورة التي اقتلعت نظام الإنقاذ قد بدأت في 2013 أو أنها بدأت في ديسمبر 2018.

ولو سئلت أي من هؤلاء الواهمين من أصحاب الحناجر الهوائية التي تملأ الوسائط عن مئات الشهداء الذين قضوا في مقاومة نظام الإنقاذ في أسوأ الظروف خلال الثلاث عقود الماضية بعيدا عن موطنهم وأهليهم ومن ابتلعتهم المهاجر وهم يقاومون نظام الفساد في كل المساحات ومن اعتقلوا وعذبوا في بيوت الأشباح حتى الموت أو من قتلوا بدم بارد أمام أهليهم لا أحد يذكر لك اسم واحد منهم.

ولا أحد يعرف اسم أي من مئات الشباب من كوادر الأحزاب السياسية بمختلف ألوانها ومعسكراتها خلال حقبة التسعينات الذين واجهوا مليشيات نظام الإنقاذ في الحدود الشرقية وأحراش الجنوب ومن دفنوا شهداء في تلال هايكوتا أو عواصم العالم أو من عادوا إلى وطنهم في صناديق خشبية ليدفنوا ليلا أو من عادوا أحياء فأصبحوا غرباء في وطنهم أو من ظلوا يواجهون الإنقاذ دون أن يبيعوا مواقفهم ممن أخرجوا من بلادهم شبابا وعادوا إليها شيوخا وممن لايزالون في مدن قصية يلاحقون أخبار وطنهم من مراكز الرعاية الطبية.

ما أريد أن أقوله لبعض هؤلاء الشباب الذين يمتهنون اللايفات بالأسلوب الخطأ لا لصناعة الوعي والتبشير بالديمقراطية وترويج ثقافتها بل لنشر ثقافة الكراهية والانتقاص من قيمة الآخر أو إغراق أنفسهم في حالة من الوهم وتضخيم الذات إن الحناجر لا تغني عن العقول وأن من تواضع لله رفعه وأنهم ليسوا بأفضل من الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء لهذا الوطن وأنهم أيضا ليسوا الراعي الرسمي لشهداء الثورة. وأن عليهم أن يتعلموا كيف تبنى الأوطان التي تحتاج إلى وعي أبنائها لا إلى نقيض ذلك.

نعم أن نظام الإنقاذ لم يترك بعد رحيلة إلا ثقافة الانتهازية وثقافة الفساد وأنه حجب جيل كامل عن تاريخ بلاده بفعل القمع والتعتيم المتعمد وكأن تاريخ السودان وشعبه بدأ في عام 89 لكن الشباب الذي شكل رأس الرمح في اقتلاع ذاك النظام قادر بوعيه على إدراك وتعلم أن ثورة ديسمبر ليست هي الأولى بل هي مسك الختام لنضالات وجولات من التضحية ضد نظام الإنقاذ بدأت منذ اول يوم انقلاب 89 وحتى الحادي عشر من أبريل 2019 وأن الشعب السوداني شعب ذكي يعرف الصالح والطالح من أبناءه.

حسن احمد الحسن
[email protected]

تعليق واحد

  1. شكرا الحبيب حسن على هذا المقال الضافى الوافى
    فقد القمت أصحاب بوخة المرقة وعلوق الشدة حجرا وهم يشنفون اذاننا صباح مساء بلايفاتهم الباهتة الماسخة التي تحكى انتفاخا صولة الأسد
    ان الأوان لهولاء الجهلة ان يفيقوا من سكرتهم فالدول لاتبنى بالهياج والصياح واللوم والعتاب وان وجدنا لهم العزر لصغر السن وقل التجربة فمابالك بالشيوخ والكهول من أحزاب الفكة واليسار الطائش ممن يريدونها ديمقراطية بلاتفويض انتخابى واى صيحة للاحتكام للصندوق يعتبرونها ردة تستوجب التوبة والاعتذار
    الشعب السودانى يميز بين الدرة والبعرة وشاهدنا بام اعييننا مئات الألوف تخلرج في الامس القريب لاحياء ذكرى السيدة مريم الميرغنية والتي يتغاضون عن فضلها عمدا ليرفعوا من درجات من يظنظنهم سادة الحداثة والتنوير ممن توهط في برلمان الإنقاذ سيء الذكر كالراحلة فاطمة احمد إبراهيم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..