نفوس تائهة

نفوس تائهة

قِلّةٌ قليلة تلك التى ترضى بواقعها، وتعمل على تعديله، تطويراً وتحسينا، بالحزف أو الإضافة. .لكن الغالبَ الأعظم يستهلك وقوده الروحىِّ خارج نطاق حياته ، ويهدره فى طريق خياله المؤدى إلى حياة الآخرين.

الغنىُّ تستهويه بساطةَ حياةِ الفُقراء، وقدرة بعضهم على الضحك حدَّ امتلاء محاجر المُقل بالدمعِ ، و الفقير يتمنى من الغنى ثيابه وفارهةً امتطاها . …المرأةُ الولود تشكى لطوب الأرض من خصوبة لازمت رحمها وأنهكت منها الجسد،وتمنت لو كانت مثل فلانة، عقيماً ، تلتحف بثياب حريرية ،غارقةً فى عطور …والعقيم تبتهل لسماواتٍ سبع، أن ترزقها بوحيد ،وإن غدا مجرماً! السقيم يترجى صحةً تستبدل له لحوماً وطيوراً ينهشها، وتمنعت معدته عليها، بطبقٍ من لبن رائبٍ يشعره بطعم الحياة. .وصحيحُ البدن يتمنى أن يتغير إيدامه الوحيد بطبق من مشاو متعددة المصادر ،وإن صار بعده عليلاً وللمرض صديقا !

الجاهلُ يحسد العالِمَ على عقله ، والأخير يتشهى بالاً خالٍ نعِم به الجاهلُ ،الذى أراحته الدنيا من بلوة الذهن وعنائه ..الطبيب يتأسى ليته صار سفيراً. .والسفير يدون على حوائط غربته ليته كان مدرساً ، يعلم ناشئة وطنه ، ويرتحل من خلال أحلامهم. المُزارع يرفع يديه المتشققة إلى السماء، أن تعفيه من شمسها القائظة وسمومها اللاهب بمشروعٍ صناعىٍّ صغير، يستجير بحوائطه من لهب شمسٍ انضجت له منتوج حقله ، وصاحبُ صناعةٍ يدعو مبتهلا أن يستبدل له ربه ماكيناته ذات الصوت المزعج المتبوع برائحة الجازولين، والتى لا تجلب له إلا جُباةَ الأتاوات والضرائب بحقلٍ صغير، تحرسه بهائم ، رغاؤها لحنٌ، ومخلفاتها سماد.

تيبست وصدئت مفاصلُ الأبوابِ والنوافذ التى تدخل منها الحياة لعديد من الأنام ، وعلا منها صريرٌ مستمر، بسبب المقارنة وعدم القناعة. . فلتطوِّعوا أيها الناس مفاصل تلك الأبواب والنوافذ عبر طلائها بالرضا والتعايش والطموح. .ثمّ ادهنوها بالحب. حب الذات والحياة وحب الآخرين.، تعبر لكم من خلالها نفوسكم التائهة وأحلامكم الشريدة، دون ضوضاء وصرير.

محمــــــود، ، ،

محمود دفع الله الشيخ
المحامى
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..