ذر الرماد على العيون..!

الخطاب الدينى من بعض خطباء المساجد وهم يحاولون ذر الرماد على العيون فى الازمة الاقتصادية التى تلتف حول عنق الشعب السودانى و التى تسببت فيها الادارة الاقتصادية للدولة و القائمين على امر البلاد من اللصوص و الارزقية يعزي هؤلاء الخطباء ما يحصل فى بلادنا انه غضب من المولى عز و جل من هذا الشعب الطيب المسكين تحت ذرائع عدم التقرب الى الله وعدم إعطاء العبادة حقها الذي ينبغى أن يكون !!!!!ولذلك أمطرنا الله بوابل من الازمات الاخلاقية و الاقتصادية و الابتلاءآت الدنيوية لأننا بعدنا عن الطريق القويم ، كيف يرضى الله علينا و بين ظهرانينا أناس يسكرون و هناك أناس يزنون وبعض منا يكذبون وبييننا سافرات عاريات !!!! لذلك غضب الله علينا واذن الله بتلك الحرب الاقتصادية اللعينة بسبب عدم تقوانا .!!!!وهم يستغلون فى ذلك طيبة هذا الشعب الطيب الصديق وهم يعلقون فشلهم وسذاجة تفكيرهم وضحالة رميهم الغير مسئول لخالق البشر الرحيم الغفور وهو يرحم الناس فى مشارق الغرب و مغاربها وهم أكثر عريا و تفسخا منا و تسير حياتهم كما ينبغى لها أن تسير ، كنا فى السودان فى ستينيات و سبعينات القرن المنصرم و قد شاهدنا بأعيننا الحانات و البارات واماكن الرقص واللهو و الاماكن المخصصة لممارسة الجنس فى و ضح النهار فيما يعرف بحى ابوصليب و فى جميع مدن السودان كانت هذه الاماكن معروفة للجميع ومحمية بالقانون من ضمن الحريات الشخصية للناس ، و قد شاهدنا الناس يقومون بممارسة شعائرهم الدينية حسب ما تمليه عليهم معتقداتهم سوى كانوا مسلمين او مسيحين أو يهود ولقد كان المعبد اليهودي بالقرب من سينما كلوزيوم فى موقع البنك الاهلى السودانى الحالى ، فعلا كان هناك قوانيين تحمى الحريات الشخصية و الديانات السماوية ولا يتدخل القانون إلا فى أطار إحترام اللوائح و النظم التى تحمى حقوق وواجبات الكل !!!! و فى ظل كل هذه الحريات كان الاقتصاد و كل امور المعايش الحياتية من رعاية صحية و تعليمية تتكفل بها الدولة بالمجان ويسير الاقتصاد على اكمل وجه لم يغضب رب العزة والجلال منا ومن أفعالنا !!!!
وإذا حكمنا عقلنا و تفكيرنا و قمنا بعمل مقارنة الامس باليوم نجد الامس افضل بعشرات المرات عن اليوم لم نسمع فى تلك الايام الجميلة ما يعكر صفو وحياة الناس ، لم نجد من الوعاظ ماهو وكيلا أو وصيا على الناس من رب العالمين و الوعظ فى ذلك الزمان كان بالتى هى احسن وهم يعلمون الناس (لا إكراه فى الدين )( فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمصيطر)(لكم دينكم و لى دين )(ليس عليك هداهم و لكن الله يهدي من يشاء)(من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر )(عليك البلاغ و علينا الحساب ) (إنك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء )كل ذلك و لم يخرج علينا أحد من وعاظ الامس وفى برقية عاجلة ليحدثنا عن غضب الله علينا !!!!!
كنا نطمع ونطمح من هؤلاء الخطباء السذج الضعفاء أن يحدثونا عن الموبقات المهلكات، و فى أكل أموال الناس بالباطل كنا نطمع و نطمح من هؤلاء أن يفسروا لنا ماهى المكوس !!!!! وماهو التضخم ؟؟!! وماهى الجمارك و ما أدراك بالجمارك !!!! كنا نطمح و نطمع أن يحدثونا عن تجارة الدولة منذ عهد سيدنا يوسف و كيف كانت تعتمد الدولة على العمل التجاري و تجارة المبادلة حتى تتمكن من تحقيق موارد حقيقية لها تمكنها من تصريف أمور الدولة دون المساس بحقوق الناس و أكل اموالهم بالباطل ، كنا نأمل و نتوق بأن يفسروا لنا الايات التى تمنع أكل أموال الناس بالباطل مثل قول الله تعالى فى محكم التنزيل :-
(يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا اموال بينكم بالباطل إلا ان تكون تجارة عن تراضى منكم و لا تقتلوا أنفسكم أن الله كان بكم رحيما )النساء الاية ( 29)
كنا نأمل ان تحدثونا عن الفرق الكبير بين الصدقة و الزكاة و بين مصارف الزكاة فى الاية (177) سورة البقرة ( لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177))
ومصارف الصدقات فى الاية (60 ) من سورة التوبة (۞ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)
كنا نأمل أن تؤكدوا لنا أن الزكاة شعيرة وليس جباية يستفيد منها ذوي القربى اولى بالمعروف وليس لها عاملين عليها و انما عاملها صاحبها فهو الذي أدري وأعرف بالفقراء فى أهل بيته .!!!!
كان الأحري بكم يا علمائنا الاكابر أن تؤكدوا لنا عبر المنابر بأن الله هو الرزاق الحكيم وقد رزقنا بثروات وكنوز لم يرزق بها أحد من البشر فى هذه المعمورة فنحن نجلس على كنز من النعم التى حبانا الله بها نشكره و نحمده عليها كثيرا !!!! فإذا نحن لم نحسن و لم نسخر ولا نعلم كيف نستغل هذه الموارد العظيمة و هذه النعم لمصلحة الانسان و الانسانية فيصبح الخطأ بشري و ليس كما تدعون بأنه غضب من الله و تذرون الرماد على الاعين !!!!
ومن الثروات التى حبانا بها الله واكرمنا بها رب العزة و الجلال وهى كثيرة ومتنوعة وربما بعضها لم يكتشف حتى الان !!!!وإذا نظرتم من حولكم لشاهدتم الثروة الحيوانية التى يذخر بها السودان – فطن اللحوم فى العالم سعره يتراوح بين6000 -6600دولار بينما طن البترول سعره560 دولار !!!!
كنا نأمل أن يتحدث علماء المنابر ووعاظ السلاطين بأن ينصحوا السلطان بعدم إنتهاك أعراض الناس و يفعلون حق الناس المذكور فى الايات 27،28 من سورة النور فى محكم التنزيل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28).
أشك بأن كثير منكم لا يعلم بأن الدين الاسلامى يمثل 23% من سكان الارض البالغ عددهم 6.9مليار نسمة وعدد المسلمين 1.6مليار نسمة و الديانة الاولى فى العالم هى الديانة المسيحية إذ يبلغ عدد المسيحيين فى العالم 2.2 مليار و يمثلون نسبة 32% من سكان الارض يليهم الديانة الهندوسية بنسبة 15% ثم البؤذية وتمثل 7% ومن ثم اليهودية و تمثل 0.02% من سكان العالم وما تبقى لا دين لهم .!!!!!
كنا نطمع أن تحدثونا عن حاكم يحكم ثلاثون عاما وقد باع كل اصول و ممتلكات الدولة وأراضى الدولة ومواردها الاقتصادية التى تجلب لها المال و يحول الدولة الى دولة عاطلة تماما تعيش على اكتاف الناس !!!ولم تنطقوا او تشجبوا عبر المنابر بيع 19 باخرة كانت تملكها حكومة السودان !!!!هل كان هذا غضب من الله !!!!!
لقد اسرفتم بالدعاء فى هلاك 77% من سكان الارض فى كل يوم جمعة نذهب لنصلى فيه و نسمع الدعاء اللهم (أهلك أعداء الدين واهلك اليهود ومن شايعهم وسلط عليهم ريحا صرصر عاتية لا تبقى فيهم باقية واجعلهم كقوم عاد و ثمود شتتت شملهم وخيب رميهم وطيش سهمهم ….الخ ) لماذا لا يكون دعائنا لهم بأن يهديهم الله ويهدي الجميع فى تقديري هؤلاء اصحاب الديانات الاخري الغير مسلمة إستفدنا منهم نحن المسلمون وصنعوا لنا صناعات أدهشت الانسان و الانسانية ، كيف نطالب بتدمير الذين صنعوا لنا السيارات و القطارات و البواخر و الطائرات ومعظم الآليات الزراعية و الطبية و الهندسية وفى كل مجالات الحياة ظهرت روعتهم وانسانيتهم ولمساتهم وضربوا اروع الامثال فى تقدم الانسان والانسانية التى إستفادة منهم الصناعة و الزراعة وأنعكست على حياة الناس ومنفعة الناس و كل هذه الايجابيات كانت من خلال العقل البشري الذي تحدث القرآن عنه كثيرا ( أفلا تتفكرون ? افلا تعقلون-أفلا تتدبرون ? افلا تبصرون )
فمهلا علينا يا وعاظ السلاطين فعالم اليوم ليس هو عالم الأمس و مع هذا العلم المنتشر عبر الفضاء وبالمجان لابد أن تتوخوا الحذر فى مخاطبة عقل انسان اليوم الذي يعتمد على العقل والعلم و المنطق .
وعليه فأن إنهيار الوضع الاقتصادي بالبلاد ناجم عن أخطاء بشرية وليس غضب من اه وذلك يحدث فى جميع العلوم عندما يولىً أمر لغير أهله فعلم الاقتصاد هو علم إجتماع وهو علم يهتم بإدارة الموارد المتاحة لتحقيق أقصى منافع وحاجيات الناس من خلال التجارب الواقعية فالاتوجد قوانيين أو معايير عالمية تتناسب مع كل الدول وإنما من المفترض أن تكيف كل دولة ما يناسبها حسب معطياتها و حسب مواردها و إمكانياتها المادية و البشرية وكثير من العناصر المتشابكة و المفاهيم المختلفة .إلا اننا نجد بأن علم الاقتصاد يستهدف رفاهية الشعوب و تسهيل حياة الناس ومعاشهم عبر أسس علمية jتستطيع أن تميز بين المعقول و اللامعقول !!!!
بقلم
السادس من مايو2018
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..