المجلات الثقافية

أحزنني جداً أن أجد ذات مرة مجموعة من المجلات السودانية المتخصصة مفروشة على الارض بالقرب من استاد الخرطوم، وزاد حزني ان البائع طرح ثمناً زهيداً للمجلة او الكتاب بواقع واحد جنيه فقط، وهوأقل من ثمن صحيفة يقرأها المواطن في داخل الحافلة قبل ان يصل الى البيت، ولكن رغم هذا السعر الزهيد فلا احد يريد ان يشتري.!
ومن المؤسف ان يصل الأمر بمجلات: “الخرطوم، الثقافة السودانية ووازا “الى هذا الدرك من الاهمال، فهذه المجلات ? وفي جميع عهود اصدارها ? كانت تمثل الروح الاصيلة للثقافة السودانية، ولا أدري ? حقيقة ? هل هذه المجلات تواصل الصدور أم انها اصبحت في ذمة التاريخ. ولم أقرأ او اطلع على عدد جديد منها، منذ سنوات خلت.
المجلة الثقافية المحكمة وسيط متميز لتثاقف وتحاور كل الاجناس الثقافية والابداعية، وهي ساحة جيدة لإبراز الاصوات الجديدة جنباً الى جنب مع تواصل هذه الاجيال مع الرواد والكتاب المجيدين، واثبتت التجارب ان مثل هذا النوع من الاصدارات لابد ان يكون مدعوماً من الدولة، لانه ليس من المشاريع التجارية المربحة.
واذا كانت مجلة الدوحة القطرية قد اوجدت لنفسها مكانة سامية في اذهان ووجدان كافة القراء في جميع انحاء الوطن العربي، فان ذلك نتج لان الدولة هناك تؤمن بأهمية مثل هذا النوع من العمل الثقافي.
وكذا الحال بالنسبة لمجلة العربي الكويتية والتي استطاعت ان تمثل وحدة ثقافية ووجدانية من خلال سياستها التحريرية وفتحها لابواب النشر ? وفقاً للمعايير المحكمة ? لكل الكتاب والمبدعين من المحيط الى الخليج. وظلت المجلة في حالة تطور مستمر، لدرجة انها جمعت “اليوم” بين الجد والاب والحفيد، وكان لها تأثيرها البالغ في التكوين الثقافي لعدة اجيال عربية.
وليس جديداً القول بان مجلة الخرطوم “الثقافية المحكمة” مؤهلة تماماً للقيام بمثل هذه الادوار، خاصة اذا استحضرنا الواقع الذي يشير الى ان بلادنا تمثل بوتقة انصهار للثقافتين العربية والزنجية، وفي ذلك مصدر ثراء واسع وادهاش للآخرين، وينطبق الامر على مجلتي “وازا” والثقافة السودانية.
لكن، وبكل اسف، فان الحرب على الثقافة والصراع اليديولوجي، واحياناً الجهل بقيمة هذه الاصدارات، كل ذلك ادى لضياع مشروعات ثقافية مهمة، وإحداث فراغ هائل في مجال النشر الثقافي الجاد، و- بطبيعة الحال ? فإن هذا الفراغ قد تم ملؤه بنماذج شائهة و”فطيرة” من الصحف والمجلات، والتي ساهمت بدروها في اتساع دائرة الجهل والتسطيح المعرفي.
ان ميزانية هذه المجلات الثلاث في كل شهر، لا تصل الى مصروفات احد وزراء الدولة أو المدير العام وزارة، ولكن المصيبة ان اغلب الوزراء الثقافيين لا علاقة لهم بالثقافة، واضيف مؤخراً ? لهذه القائمة ? رجال مولعون بالغناء الهايف والمغنين المطاليق، تجدهم ? يسبقهم عطرهم ? يومياً في منتديات الخرطوم، التي اصبحت ساحة لقضاء الوقت والطرب الرخيص.!
صحيفة الأخبار

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الثقافة تخدع لقانون العرض والطلب
    ويوجد دكتاتويين ثقافيين في المجلات الثقافية من مخلفات اليسار القديم”اتحاد الكتاب” والصحف الصفحات الثقافية وشللية بغيضةجدا لذلك يبدوا ان ما ينشر لا يعجب المواطن ولكن ابداعات السودانيين “الاحرار”في الانترنت يتهافت عليها الالالف وهم غائبين ومغيبين في وطنهم..اصدر مجلة ثقافية سودانية حقيقية وستجد كل العالم يقيف يسمع فقط حررنا من الحرس القديم الممل الذي يهمين على المشهد الثقافي في السودان من سنة دو…-نفس الناس- ونفس الكلام الممجوج- والمستلب والبعيد عن حضارة كوش وتراث السودان
    الدوحة اسسها السودانيين ابراهيم الشوش والطيب صالح واتحداك تنشر فيها الان عمل سوداني مع تجربتي الخاصة معاها لو ما عندك علاقاتا بي “النعر “والشلل الفي القطر

  2. الدليل الواضح و الفاضح معاً
    لإنصراف الناس عن الإهتمام
    بالثقافة و الأدب مقالك هذا الذي
    يتحسر على المجلات البثقافية المنقرضة
    أن لا أحد يعيره إلتفاتاً !!؟….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..