عودة الأسير..!!

كنت وزوجي صديقي ننام في سطوح المنزل الصغير في ليلة صيفية ..حضر القمر في صحبة النجميات البعيدة ..تحدث معي صديق عن معاناة العمل في الوزارة التي يشغل فيها منصب المدير العام.. قبل ان يكمل حكاياته مضى في نوم عميق.. للمرة الاولى التي يزعجني صوت شخيره..شعرت ببعض القلق على أطفالي الذين ينامون في الطابق الأرضي بصحبة والدتي.. لا شيء يدعو للقلق حتى ابنتي من صديق تنام في حضن امي..عدت لعادة ذميمة وتناولت قرص من البندول ..اشعر احيانا ان هذه الحبوب تجلب النوم..بعد نحو نصف ساعة عدت الى مرقدي ولكن النوم بات امر صعب المنال..شعرت ان هذه الليلة لن تنتهي بسلام.
الذاكرة تعمل بمعدل عال.. عشرين عام الى الوراء ..نحن طلاب في جامعة النيلين..نهتم بالعلوم واشياء اخرى ..كوني خرطومية ومن اسرة ميسورة بعض الشيء بالاضافة لمسحة جمال جعل اخوتي واخواتي في التنظيم يهتمون بي قليلا..كنت اول شخص في اسرتي الصغيرة يعلن انتمائه للاتجاه الاسلامي..والدي محامي كان ناصريا في بواكير شبابه..امي معلمة بالمدارس الثانوية لا تتعاطى السياسة الا اذا وصلت حدود بيتنا الصغير في حي الصحافة..لم تكن ترحب كثيرا بزيارات اخوة التنظيم المختلطة الى بيتنا الصغير..بينما ابيً كان يجد في الامر سانحة لمناقشة السياسة ..كان يعتقد ان التنظيم في الجامعة يحفظني وان الالتزام السياسي مجرد فترة عابرة.
في السنة الثالثة استشعرت باهتمام شديد من صديق الذي يسبقني بعام في كلية العلوم.. كان يزورني في الفصل ويزودني ببعض المذكرات.. تربيته الريفية منعته من ان يقول شيئا..كنت اقراء بعض الهيام في عيونه الشاردة..كل ما احاول ان اضبطه يهرب بعيدا..انتهى العام الثالث بسلام..في يوم اعلان النتيجة نادتني صباح مسؤولة الشؤون الاجتماعية في الاتجاه الاسلامي..ظننت ان الامر تكليف تنظيمي خلال العطلة الصيفية ..لم اشعر معها بذات الالفة.. نقلت الى مسامعي ان هاشم الفكي أمير التنظيم السابق يريدني زوجة على سنة الله ورسوله.
لم اكن اعرف شيخ هاشم جيدا على المستوى الخاص.. كان بالنسپة لى أسطورة ..كادر سياسي من الدرجة الاولى..متحدث لبق يعلو نجمه في اركان النقاش ..اذكر ذات يوم وفي اثناء التعارف ذكر لى ان قريته تقع بالقرب من رفاعة التي ولد فيها ابيً..ما ان خرجت من صباح الامين حتى مضيت ابحث عن صديق علوم ..زرت كل الأماكن التي يتواجد فيها.. هاتفه مغلق.. ذهبت للبيت ..وددت ان اصارح امي.. وجدت ان المسافة بعيدة.. اخيرا لجأت للاستخارة كما طلبت من صباح الامين.
مع بداية العام تم زواجي من هاشم الفكي.. مناسبة مازالت تتحدث عنها ضاحية الصحافة.. جاء الشيخ الى المسجد وتولى مراسم عقد القران.. كل الحكومة احتشدت في صالون بيتنا الذي خصص للشخصيات المهمة فيما تناثر الأهل في الصيوان الواسع..بعدها تنقلت مع هاشم في كل الولايات.. من بورتسودان الى نيالا..بعض الايام في دنقلا ثم اخيرا معتمدا برئاسة الولاية..كان دائماً في شغل شاغل..لكنني كنت سعيدة..إربي أطفالي الثلاث باهتمام بالغ..بعد ان مات ابيً جاءت امي لتقيم معنا فملأت كل الفراغات.
في ذات نهار رمضاني زارنا هاشم زيارة مفاجئة.. كان عجلا ولم ينتظر عودة العيال من المدارس.. طلب مني تجهيز حقيبة صغيرة لانه سيمضي في مهمة عاجلة ..تعودت على هذه السفريات المفاجئة ..حينما وصل الى الباب ضمني في حضنه كما لم يفعل من قبل.. اخبرني انه سيقود كتيبة من المجاهدين لتحرير مدينة توريت.. رغم انني تربية تنظيم لم أتمالك نفسي من البكاء.. اختفى هاشم داخل عربة كانت تنتظره.
منذ ذلك اليوم لم يعد هاشم.. بعيد ستة اشهر زار بيتنا جمع غفير من شيوخ الجبهة .. وجوه لم أراها منذ زواجي من هاشم ..ارتفعت أصوات الذخيرة ..تكبيرات هنا وهنالك ودموع تهطل بكثافة من عيوني ..استشهد هاشم في مدخل توريت..لم تكن هنالك رواية ثابتة ..بل ان بعض الروايات تصادم بعضها ..من بين الايادي التي اصرت على تقديم التعازي جاء صديق علوم الى داخل الغرفة التي سأقضي فيها ايام الحداد.. لو لا الحزن وخصوصية المناسبة لسالته (وين يا راجل).. بعد نحو عام انتقلنا لهذا المنزل الصغير الذي اشتراه رفاق هاشم الفكي في الجهاد ..تقدم للزواج مني عدد من زملاء وأقارب الشهيد ولكنني رددتهم برفق..قررت ان اتفرغ لتربية أطفالي والعيش على ذكرى هاشم الفكي.. كان لدي احساس انه سيعود يوما ما.
ذات يوم قررت حضور ندوة للشيخ في ميدان المولد.. كانت المفاصلة قد باتت واقعا بين الاسلاميين.. بعد ان انتهت الندوة كنت أمسك بيد ابني باسل خوفا من الزحام.. حينما اقتربت من شارع النص جاءني صوته الذي لم أنساه..صديق علوم كان يقود عربة حكومية.. عرض على إيصاله للمنزل .. ترددت لان الوقت متاخر.. حينما ترجل من العربة ووضع قبلة على راس أبني باسل وفتح له الباب الأمامي استسلمت..حكى لى رحلته مع الحياة ..تزوج من ابنة خاله وله ثلاث ابناء ذكور.
بعيد اسبوع من ذلك اللقاء زارني صديق في مكان عملي بالمدرسة الثانوية كان برفقة احمد بابنوسة دفعتي بالكلية ورفيقي بالتنظيم.. تقدم صديق تاركا خلفه احمد بابنوسة.. بذات خفة دمه القريبة من الدروشة نقل لي نية صديق الزواج مني..عاجلته ولكنه متزوج..ضحك بابنوسة ثم ردد” خلاص يطلق”.. قبل ان اعود الى صوابي كان احمد يخبرني انهم سيزوروا الاسرة يوم الجمعة ..كانت الزواج هادئا.. لم اغب عن أولادي سوى ثلاث ايام..نجح صديق في ان يكسبهم في صفه.. كانوا ينادونه بعمو ..حتى ابنته الصغيرة دعاء كانت تناديه بذات اللقب.
أمسكت بالسبحة توسلا في طلب النوم.. طيف هاشم الفكي ماثلا امامي..كنت قد قرات في (الواتساب ) ان من بين الأسرى الذين سيفرج عنهم شخصية دستورية معروفة ..سالت نفسي ماذا اذا عاد هاشم..قبل ان اجد الاجابة كان صديق يستيقظ فزعا مرددا “الله اكبر الله اكبر”..قفز الى وسط السرير الحديدي اتجه الى ناحيتي “ان شفت الشهيد”.. رحت ابكي وكانت تلك المرة الاولى من زواجنا ان يحضر هاشم بهذه الكثافة ..ثم بعدها ساد صمت حزين.
(اخر لحظة )
خلو بالكم يا جماعة ده خبر في شكل رواية … ومبروك عودة أمير المجاهدين هاشم الفكي وعقبال عودة الشهيد إبراهيم شمس الدين كمان، وكل شهداء الحسناوات من نساء تجار الدين المتحزلقين…
خلو بالكم يا جماعة ده خبر في شكل رواية … ومبروك عودة أمير المجاهدين هاشم الفكي وعقبال عودة الشهيد إبراهيم شمس الدين كمان، وكل شهداء الحسناوات من نساء تجار الدين المتحزلقين…
لم نفهم قول صديق “ان شفت الشهيد”؟؟؟؟؟
هل المقصود “أنا شفت الشهيد” ؟؟؟؟؟؟؟
ولا (كنت وزوجي صديقي ننام)!!!!
كنتو نايمين كيف ووين الأولاد .والشقى دا راجع داير شنو تانى
يا بقبقه ياخ شوف ليك زبادى بقبقا ,, هسى دا شنو قصه واللا خبر واللا البنيه دى أدتك بعض سيرة حياتا تنشرا ليها ,,
يا ناس آخر لحظة أوع تقولوا لى نشرتو السخف دا فى ملحقكم الثقافى … دا لو عندكم ملحق ثقافى من أصلو ,,
يا الظافر ما ترد عامل تقيل ومحير الناس! انت الخاسر!!!!