رحيل ظاهرة استعمار الخرطوم? واستحقاق هيكلة المعارضة

محجوب حسين

قراءة تفاعلات الأزمة السودانية وفق مخطط الديكتاتورية السودانية تؤكد راهنا حقيقة لا مراء فيها، وهي انسداد المسار السياسي، بل انغلاقه تماما، لعقل سياسي ظل يعيش ويعتاش على بنية الفشل والتفريط وانعدام قيمة الأمانة الأخلاقية في استلامها وتدبيرها لشؤون البشر السوداني، جاء هذا المسار في شكل آلية لحوار مزعوم وافتراضي يدعو له الرئيس وأجهزته لغاية تنصيبه «ملكا»، أو في روايات أخرى إمبراطورا سودانيا بامتياز، أو عبر آلية مفاوضات بدأت مسارها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وفيها الدولة لا تعترف بشيء، ووفودها لا تحمل أي تفويض من الرئيس السوداني الذي يتحكم في العديد من خيوط اللعبة السودانية في الداخل والخارج، والمؤسف كما رشح لنا من خلال وجودنا في أديس أبابا، على هامش انعقاد قمة الاتحاد الأفريقي في مهمة أخرا، أن هذا الخارج في شقه الدولي والإقليمي تماهى مع الرئيس السوداني في كذبته أو أكاذيبه المتعددة في حُكم إعدام الوطن ومواطنيه، فيما ثالثة الأثافي ثمة قضايا وطنية سودانية لشعوب يفوق تعدادها الستة إلى السبعة ملايين نسمة، وتعرضت لأسوأ عملية إبادة، باتت اليوم مرهونة بمصير مجهول لقوى إقليمية وأجندات دولية وجدت ضالتها في رئيس مأزوم ظل يحجز أي مقعد متخيل لفك أسره، هذا الأسر قابله بعملية ارتدادية أسر فيها الوطن كما أشرنا.

وللانعتاق من ظاهرة استعمار الديكتاتورية التي يصعب موقعتها في أي نوع من الكولونياليات التي مرت على التاريخ الإنساني، غير القول إنها ظاهرة استعمارية لا تحمل أي قيمة سياسية أو إنسانية، فيها دشن الشعب السوداني وقواه الوطنية الأسبوع الماضي، في تحد لحالتي الانسداد والانغلاق حملة «إرحل»، في استفتاء جماهيري وطني برفض حكمه ومنتخباته التي تلعب وتتبارى على جنَي المغانم، وكذا انتخاباته التي قبيل إجراء عملية تدليسها للإرادة الجماهيرية، هي معلومة النتيجة والحصيلة وتستطيع فيها الجماهــــير السودانيـــة أن تؤدي القسم على نتائجها قبل وقوعها، فقط هي تنتظر أن يطل عليها مهندسو الجوقة واللعبة عبر شاشات التلفزيون لإعلان فوزه بنسبة كذا في المئة، وربما التوصية لبرلمانه لإكمال إجراءات تنصيبه ملكا مطلقا، وأنا والجميع والله له من المخالفين.

في هذا الجانب تسعى الجماهير السودانية إلى أن تتحول حملة رحيل الاستعمار من السودان إلى ثورة جماهيرية، تستعاد فيها الإرادة الوطنية ويحرر فيها الوطن ويتم إعلان استحقاق الاستقلال الثاني من على قبة القصر الجديد، الذي هو «استقلال» بشروطه الحقيقية، عوض «استقلال الاستغلال» أو»استغلال الاستقلال» الأول، الذي بمفاهيمه ومكوناته تمت عرقلة مسيرة نهوض الوطن خلال أكثر من نصف قرن.

ما سبق الإشارة إليه له ارتباط بسؤال المعارضة السودانية، وهو سؤال الماضي والراهن، بل هو الاستفهام المستمر للسواد الأعظم من السودانيين، في هذا أستحضر إبان ندوة للسيد الصادق المهدي في العاصمة البريطانية لندن، طرح أحد الحاضرين سؤالا هو «ثم ماذا بعد؟» في إشارة منه «لإعلان باريس» الموقع بين الجبهة الثورية السودانية وحزب الأمة القومي برئاسة المهدي، الذي جاء في رده بأن الأولوية لوحدة المعارضة بشقيها المدني والعسكري ومن ثم هيكلتها.

لا شك أن دلالات هذه الإجابة هي مطلوبات وطنية لحاضر المعارضة، قصد تمكينها من آليات خوض تحدي الانغلاق والانسداد السائدين في الأزمة السودانية، وفيها قطعت شوطا في تقدمها بإعلان «نداء السودان» بانضمام قوى سياسية مدنية أخرى، في تطوير متقدم لإعلان باريس الذي ردم حالة الهوة والفراغ بين قوى الجبهة الثورية والقوى الوطنية في الداخل الخارج، هذا الفراغ أسس له النظام واستفاد منه كثيرا في إطالة أمد السيطرة، عبر تصوير قوى الجبهة العسكرية كشبح يقضي على الجميع، وسرعان ما تكتشف ذات القوى أن أجندتها الوطنية تتطابق تماما مع قوى الجبهة الثورية التي تعتبر الخطر الحقيقي لنظام الاستعمار بناء على فلسفته التي تعرف فقط قوة السلاح وكثافة النيران.

مجموع هذه القوى تستطيع أن تشكل كتلة تاريخية وطنية لطرد ورحيل المستعمر واستلام زمام المبادرة في أجندة وطنية، وأهمها أجندة استرداد الدولة، التي تتيح للجميع الحديث عن ماهية مادية كائنة أمامهم، ليست متخيلة، وعلى اعتبار ما يكون في دولة واقعة عمليا تحت نير استعمار قبيح، استـــعملت فيه عباءة السماء وهي عباءة ذات قيم لا تشبه قطعا منتجي ومتحكمي ظاهرة هذا الحكم، الذي تبين بالأدلة القاطعة أنه «عصابة» محترفة تجيد وتعمل في كل الممنوع، وواجب الجميع استعمال أدواتهم ذاتها لدك حصونهم كخيار حتمي بالضرورة يجب أن يقع، لضبط ماكنة إيقاع التاريخ السوداني، ومعها ما عادت مفاهيم السلمية إلا ترفا سياسيا غير منسجم مع واقع الأرض.

أما استحقاق هيكلة المعارضة كاستحقاق سياسي مهم لضبط شكل الصراع وأطرافه وتحديد أجندته لخوض التحدي كقوة تحرر ضد قوى مستعمرة، تتطلب معيارية خاصة، بل متطابقة مع قوى الحراك التاريخي والثقافي والاجتماعي، الذي جرى في البلاد وسالت فيها الدماء وما زالت تسيل، هذه الملاءمة مهمة لاعتبار المعارضة نفسها هي سلطة سياسية ينبغي أن تتلاءم هيكلتها بما يؤشر إلى أن تغييرا بنيويا قادما ومعبرا عن جدلية الحراك السوداني، هذا الحقائق لا تقبل الاحتواء وفنون تلاعب السياسي الذي قد يعمل على إعادة إنتاج النمط القديم وبأدوات جديدة مغايرة قد تعيق حتمية التحول، الذي هو واقع لا يحتمل جدال النقاش، ما دام التاريخ السوداني تحرك لفك الرموز والطلاسم التي أغلقته عن المواكبة مع واقع التضاريس الاجتماعية والحضارية للشعوب السودانية، هذه الهيكلة لخوض التحدي مع انسداد الخرطوم وإدارة النشاط المعارض في أكبر شرعية ومشروعية وطنية لتحديد الآلية الجديدة والواقعية الفعالة لمضاهاة التحدي مع مستعمر الخرطوم لتحرير البلاد بفكر وثورة سودانية خالصة تعبر عن طموحات الشعب السوداني في الانعتاق والتحرر.

هذه المشروعية الوطنية للكفاح ضد المستعمر تتطلب موقعة كيانات الجبهة الثورية المتحالفة وفق برنامج سياسي من دون أن تحل نفسها لصالح الجبهة، وهنا يبقى تمثيلها في هيكلة المعارضة وفق كياناتها وأوزانها السياسية والعسكرية وحاضناتها الاجتماعية، بما يؤشر إلى التغيير المؤسسي البنيوي لمؤسسة تسلط التمركز السوداني سبب علل البلاد.
٭ كاتب سوداني
القدس العربي

تعليق واحد

  1. انا عشته في غرب السودان الحبيب فتره من الزمن لم اشاهد اهلنا البسطاء بيضفروا شعرهم هكذا ولي لانه عايش باروبا تشبه بهم؟ هذا الرجل بيمثل اهلنا الطيبون يجب ان يكون قدوه لهم في كل شئ في مظهره وخلافه وخصوصاالمحافظه علي تقاليدهم وقيمهم وارثهم العظيم وكل الاشياء الجميله وهذا لا يمنع اندماجه في المجتمع الذي يعيش فيه بان ياخذ الزبد ويترك القثاء مثل تسريحة شعره هذه لانه قدوه والمظهر كثيرا من الاحيان يدل علي الجوهر ومن هذه التسريحه ممكن احكم علي جوهره.دلوقت حينط لي واحد يقول دي حاجه شخصيه واشياء من هذا القبيل هي حاجه شخصيه فعلا عندما لا يكون بيمثل الاخرين لانه كما قلت يفترض ان يكون قدوه في كل شئ.والله من وراء القصد

  2. لا هو ولا حركاتكم المسلحه تمثلنا…
    وماذا تعني بالاستعمار أيها العنصري؟؟
    عندما تخرج من دائرة الشعور بالدونيه
    والاستعمار العربي حدثنا عن تاريخ السودان…
    أنت مسكون بنظرية المؤامره كامثالك…شفاكم
    الله…وما العيب أن يكون البشير ملكا؟؟

  3. اذا جرت انتخابات فالشعب السوداني سيختار البشير وهذا ليس لان الشعب يريد البشير وليس لانه يؤيد البشير ولكن ياساً وسأماً من حال هذه المعارضة البائسة وممثليها الانتهازيين امثال صاحب الجدائل هذا الذي كان في فترة من الفترات جزء من هذا الفساد يقتسم الكيكة وعندما اعيد الامر للانتخابات والتي تظهر الاوزان الحقيقية هرب ليؤجج النيران من الخارج ليصطلي بها غيره في الداخل فهو دائما اما في لندن اواديس او غيرها من مدن الترطيبة حيث توجد الموائد والفنادق يوجد، لماذا لا يناضل من الداخل ويحارب مع المحاربين في الادغال لا تقل لي انه يلعب ادوار في الخارج فليس له مايؤهله لذلك فانا اعرفه تماما منذ نعومة اظافره.

  4. أقتباس : ويتم إعلان استحقاق الاستقلال الثاني من على قبة القصر الجديد، الذي هو «استقلال» بشروطه الحقيقية، عوض «استقلال الاستغلال» أو»استغلال الاستقلال» الأول، الذي بمفاهيمه ومكوناته تمت عرقلة مسيرة نهوض الوطن خلال أكثر من نصف قرن.:أنتهى الاقتباس

    من شروط نجاح الأستقلال الثانى أن يتم سحب الجنسية من الذين “أستغلوا” القبائل المشتركة وخط قوافل الحجاج وموجات الجفاف والتصحر فى دول غرب أفريقيا للعودة الى بلدانهم الأصلية هناك كما قلت وظللت أقول رغم تأذينا من الحرب نحن فى النيل الأزرق الا أن قطاع الشمال وعبدالواحد محمد نور سودانيين أصلاء وعلى الغرباء أن يعودوا للطينة التشادية وأبشى ومادوغرى ويتركوا السودان للسودانيين

  5. عندي اقتراح كويس لبشة انو يدي القصر القديم للمعارضة علشان مرضانيين السلطة يلقو مناصب سيادية و الموتمر الوطني و عياله الصغار من المتواليات يكونو مع بشة في القصر الجديديعملو حكومة للمعارضة و حكومة لبشة وكدا يرتاخ باقي الشعب من المعارضة و الحكومة و اي واحد حر يبقي مع شلة القصر الجديد او القديمويعم السلامو الامان

  6. أقتباس : ويتم إعلان استحقاق الاستقلال الثاني من على قبة القصر الجديد، الذي هو «استقلال» بشروطه الحقيقية، عوض «استقلال الاستغلال» أو»استغلال الاستقلال» الأول، الذي بمفاهيمه ومكوناته تمت عرقلة مسيرة نهوض الوطن خلال أكثر من نصف قرن.:أنتهى الاقتباس

    من شروط نجاح الأستقلال الثانى أن يتم سحب الجنسية من الذين “أستغلوا” القبائل المشتركة وخط قوافل الحجاج وموجات الجفاف والتصحر فى دول غرب أفريقيا للعودة الى بلدانهم الأصلية هناك كما قلت وظللت أقول رغم تأذينا من الحرب نحن فى النيل الأزرق الا أن قطاع الشمال وعبدالواحد محمد نور سودانيين أصلاء وعلى الغرباء أن يعودوا للطينة التشادية وأبشى ومادوغرى ويتركوا السودان للسودانيين

  7. عندي اقتراح كويس لبشة انو يدي القصر القديم للمعارضة علشان مرضانيين السلطة يلقو مناصب سيادية و الموتمر الوطني و عياله الصغار من المتواليات يكونو مع بشة في القصر الجديديعملو حكومة للمعارضة و حكومة لبشة وكدا يرتاخ باقي الشعب من المعارضة و الحكومة و اي واحد حر يبقي مع شلة القصر الجديد او القديمويعم السلامو الامان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..