تشويه الليبرالية

هناك عدم فهم واضح لليبرالية في الأطروحات الشبابية الحالية خاصة التي تدعي بأنها تتبنى الليبرالية الاجتماعية. في الواقع إن أي محاولة للإلتفاف حول الليبرالية يقوضها هي نفسها ومن ناحية ثانية فإن البعد الرئيس لليبرالية هو البعد الاقتصادي أي تحرير السوق وخفض الضرائب وتحجيم دور الحكومة أو ما يسمى بالحكومة المحدودة في كل شيء حيث تضحى الدولة دولة حارسة فقط للحرية الاقتصادية والحريات الفردية. أما وضع بعد اجتماعي داخل المفهوم الليبرالي فهو يؤدي الى إشكالية لم تنهض الليبرالية إلا لكي تتجنبها وهي قضية منح الحكومة دورا في التدخل في حرية السوق بزعم العدالة الاجتماعية ، وما يستتبعه هذا باللزوم من تدخلات أخرى تابعة ولازمة في حريات إبرام العقود الاقتصادية وزيادة الضرائب وتوسيع الحكومة لتستطيع أداء ما يناط بها اجتماعيا وهكذا سنعود إلى البداية أي إلى ما قبل الليبرالية نفسها. إن الكينزية نفسها كانت محل جدل ورفض من قبل الليبراليين الأصلاء ﻷنها عبثت بقانون السوق ومنحت الحكومة سلطة غير مقبولة في توجيه الاقتصاد .
هناك آليتان تسيران أي دولة وهما الاقتصاد والقانون ، وعند تشويه الليبرالية اقتصاديا يتأكد تشويه القانون ﻷن هذا الأخير ليس سوى إسقاط الآيدولوجيا على الورق من خلال قواعد عامة مجردة تقترن بجزاء ، هذا يعني أن تشويه الليبرالية يمتد بالضرورة إلى كافة مناحي الأنشطة الإنسانية . إذا؛ مالذي يدفعنا إلى استبدال العدالة الاجتماعية بالسلام الاجتماعي ؛ هذا الأخير تقرره التفاعلات داخل السوق والانتصارات والهزائم بين قواه المتفاعلة تعاونيا وتصارعيا . إن بلوغ السلام الاجتماعي حتمي في ظل ليبرالية حقيقية غير مشوهة أما العدالة الاجتماعية فهي ارتداد للوراء وتقهقر للخلف ورجعية وعودة إلى نقطة الصفر.
18يوليو2016
[email][email protected][/email]