مسيرة حافلة بالعطاء والإنجاز… السيدات الأوائل

الخرطوم- أفراح تاج الختم

لمع نجم السيدات الأوائل في الآونة الأخيرة، إذ دأبن على تقديم أنفسهن للمجتمع عبر أجهزة الإعلام، حتى أصبحن معروفات على غير العادة المتبعة في الدول العربية وبعض الدول الأفريقية من بينها السودان، حيث لم تكن تلك الدول المشار إليها تحبذ ظهور زوجات الرؤساء في أجهزة الإعلام. وعلى هذه الخطى سار الكثير من الرؤساء العرب حتى من يصنفوا منهم بالتقدميين مثل صدام حسين أو القذافي وحافظ الأسد وجمال عبدالناصر.
لكن ما إن وصل السادات إلى سدة حكم مصر حتى لمع نجم السيدة الأولى جيهان السادات، وهذا ربما أثر على الرئيس الأسبق جعفر نميري، فسمح لحرمه (بثينة) باقتفاء أثر (جيهان)، فكانت أول زوجة رئيس سوداني تظهر للمجتمع والإعلام، وهكذا فعل – لاحقاً – بشار الأسد خليفة أبيه، لكن من المفارقات أن لزوجات بعض الملوك مكانة سامقة، كملكي الأردن والمغرب، وهذا ما لم يكن متاحاً لأمراء وملوك وشيوخ السعودية والخليج، إلا في حالة استثنائية كحالة الشيخة موزة في قطر.
()
وهنا في السودان، لم يكن بمقدور زوجات رؤساء السودان السابقين ? ما قبل النميري ? الظهور إلى العلن بحجة العادات والتقاليد، إلا أن انكسر التابو بـ (بثينة).
وفي هذا السياق، يشار إلى أن السيدات الأوائل لعبن عديد الأدوار في خدمة المجتمع كقائدات مجتمع وفكر ورأي، منهن السيدة سارة الفاضل زوجة رئيس الوزراء السابق وزعيم حزب الأمة الصادق المهدي، فهي مارست نشاطها السياسي والاجتماعي قبل زواج الإمام الصادق بها، وحتى من بعده والآن نجد زوجات الرئيس البشير السيدة الفاضلة فاطمة خالد والسيدة وداد بابكر اللاتي يعملن في مجال خدمة المجتمع بإنشائهن لمنظمات تُعنى بتقديم خدمات له.
بعضهن وبعضهم
فى الفترات الأولى من تاريخنا بعد الاستقلال كانت زوجات الرؤساء والحكام يلتزمن بالجانب الأسرى، ولا يظهرن في الحياة العامة إلا نادراً، وينطبق هذا على زوجة أول رئيس وزراء الزعيم إسماعيل الأزهري المرحومة السيدة مريم مصطفى سلامة، وعلى زوجة السيد عبدالله خليل والسيدة سكينة زوجة الفريق إبراهيم عبود، وإن كان اسمها قد تردد قليلاً في الفترات التي تلت ذلك. وفي إفادة سابقة أشار الصحفي الأستاذ فيصل محمد صالح إلى أن أول ظهور لزوجة رئيس كان للسيدة بثينة خليل زوجة الراحل نميرى، حيث ظهرت بجانبه في زيارات خارجية وفي مناسبات وطنية، كما ظهرت في الإعلام العربي والمحلي، ولعل ذلك كان تأثراً بتجربة السيدة جيهان السادات في مصر.
بعد فترة نميري تولى الرئاسة السيد أحمد الميرغني ولم تظهر حرمه في الإعلام أو في المحافل العامة، بينما ظهرت السيدة سارة الفاضل زوجة الإمام الصادق المهدي آنذاك، ولكنها أيضاً لم تظهر كزوجة لرئيس الوزراء، وإنما كناشطة وقيادية في حزب الأمة، في فترة الإنقاذ ظهرت الزوجة الأولى للرئيس البشير ثم ظهرت الزوجة الثانية السيدة وداد بابكر، وصار الإعلام المحلي وللمرة الأولى يستخدم تعبير السيدة الأولى.
سكينة وبثينة
السيدة سكينة زوجة الرئيس عبود هي سكينة محمد الروس الزوجة الثالثة له، تزوج بها في عام 1936م، وقد عاش معها حياة سعيدة، وهي أول امرأة سودانية تسكن مع زوجها القصر الجمهوري، وتوفيت بعد وفاة الرئيس عبود بأربعة أعوام في عام 1987م، وقد تردد اسمها قليلاً وسط الرأي العام. وتزوج الرئيس عبود من زوجته الأولى السيدة فاطمة محمد عبود التي توفيت بعد أن أنجبت له ابنته التومة ثم تزوج من أُختها زينب محمد عبود، وأنجبت له ابنه البكر أحمد إبراهيم.
السيدة بثينة خليل زوجة الرئيس نميري وهي أول زوجة لرئيس سوداني تظهر في الإعلام المحلي والعربي في عام 1985م عندما كانت طائرة الرئيس نميري تستعد للإقلاع من مطار الخرطوم إلى الولايات المتحدة الأميركية، وقبل مغادرته أدلى بتصريحات صحفية أذاعها التلفزيون الحكومي عن غلاء المعيشة، وهاجم من ينتقدون مظاهر الثراء البادية على زوجته بثينة، قائلا «انتو فاكرين بثينة زوجة نجار، أبداً فهي زوجة رئيس جمهورية، ولها أن تلبس ما تشاء وتظهر كما تشاء، فهي سيدة السودان الأولى».
سارة الفاضل
زوجة رئيس حزب الأمة ورئيس الوزراء في آخر حكومة ديمقراطية، فقد بدأت نشاطها الاجتماعي والسياسي منذ الخمسينيات قبل زواجها من السيد الصادق المهدي، وهي قيادية مرموقة بحزب الأمة، وقد نالت درجة الماجستير في جامعة نيويورك وحصلت على الدكتوراه الفخرية من جامعة الأحفاد للبنات في مجال العلوم الإنسانية، وتزوجت من السيد الصادق المهدي في عام 1963م، وقد كانت تشرف على الأعمال المنزلية بنفسها وتطبخ وتغسل للإمام ملابسه بنفسها، وكذلك واجب الضيافة لكل ضيوفها بالمنزل، وذكرت ذلك في مقابلات سابقة أُجريت معها، وشاركت في جميع المظاهرات أيام ثورة أكتوبر في العام نفسه، وقامت بتكوين أول أمانة نسوية لهيئة شوؤن الأنصار، وفي فترة مايو أثناء غياب القيادات في السجون أو الهجرة كانت تقوم بالعمل التنسيقي والتواصلي بين القوى السياسية، وأثناء عمل الجبهة الوطنية التي كانت تقود معارضة النظام المايوي، كانت تقوم بذات الدور بالنسبة للأحزاب المكونة للجبهة.
سارة وفاطمة
شاركت سارة في عدة مؤتمرات، وخلال حكم مايو تعرضت للسجن مرتين قضتهما بسجن أم درمان العمومي، وتولت مهمة التنظيم في الحزب أثناء الديمقراطية الثالثة، وفي الانتخابات كانت المسؤولة عن دوائر حزب الأمة في العاصمة، وفي انقلاب الإنقاذ كانت أول من دخل السجن في اليوم الأول للانقلاب، وسجنت ثلاث مرات في عهد الإنقاذ، وقد شاركت في العديد من المؤتمرات منها مؤتمر المرأة العالمي في موسكو ومؤتمر المرأة والسلام المنعقد في روما، وتوفيت الأستاذة سارة الفاضل بعد رحلة طويلة وحافلة بالإنجازات في عام 2008م.
السيدة فاطمة خالد (أم الفقراء) حرم الرئيس عمر حسن أحمد البشير وابنة عمه عندما قاد البشير الانقلاب العسكري فوجئت بالخبر، وتلقته كعامة الشعب تماماً، ولم يكن لها علم ولا مجرد فكرة عن موضوع الثورة، فقد غاب الرئيس عنها لثلاثة أشهر في مهمة عسكرية، وفوجئت به رئيساً للبلاد، وهذا ما أكدته في حوار سابق لها أجرته معها صحيفة الخرطوم بالمملكة العربية السعودية قبل أربعة أعوام، وتضيف السيدة الفاضلة فاطمة أن مهامها قبل توليه منصب رئيس الجمهورية قد زادت مسؤوليتها أكثر من ذي قبل، ورغم من أن هناك من يساعدها في أعمالها المنزلية، ولكن دورها لا يزال كما هو، تشرف على بيتها وتقف على العمل فيه مع زيادة الأعباء، وتضاعف الهم والمسؤولية تجاه زوجها وابن عمها.. وهي تعمل في منظمة أم الفقراء. وقالت إنها أحبت الفقراء والبسطاء، وهي تحمل همهم.
وداد بابكر
الزوجة الثانية للرئيس عمر البشير لها اهتمام كبير بمجال العمل الإنساني، وهي ترأس مجلس إدارة مؤسسة سند الخيرية، وقد أُنشئت المؤسسة بمبادرة منها في عام (2004م)، وهي منظمة تطوعية وغير ربحية تعمل في مجال تقديم الخدمات والرعاية في عدة مجالات، أبرزها رعاية الأطفال مصابي السرطان، شغلت منصب رئيسة منظمة المرأة العربية في دورتها لعام (2014م). وفي هذه الأيام تقود مبادرة ضد زواج الطفلات

اليوم التالي