مبعوث الأمم المتحدة يصل بورتسودان.. و”الدعم السريع” تعلن استيلاءها على “دبابة سليمة”

تواصلت المعارك في السودان، الأربعاء، بين قوات الجنرالين المتصارعين على السلطة بالتزامن مع وصول مبعوث الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في محاولة لايجاد مخرج من الازمة الحالية.
وأكد مفوض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، الأربعاء، عبر حسابه على موقع تويتر أنه وصل إلى السودان “لتأكيد التزام الأمم المتحدة تجاه الشعب السوداني”.
وأتت زيارة غريفيث غداة إعلان وزارة خارجية جنوب السودان في بيان عن أن طرفي النزاع وافقا “من حيث المبدأ”، خلال اتصال مع الرئيس سلفا كير، على هدنة لمدة سبعة أيام تبدأ الخميس.
وفي حين لم يعلن الطرفان رسميًا موافقتهما بعد، تسود حالة من الفوضى العاصمة السودانية منذ اندلعت المعارك في 15 أبريل بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها نائبه محمد حمدان دقلو لمعروف بلقب “حميدتي”.
وأسفرت المعارك في الخرطوم ومناطق أخرى، خصوصاً في دارفور في الغرب، عن سقوط أكثر من 500 قتيل و5000 جريح، بحسب البيانات الرسمية التي يُعتقد أنّها أقلّ بكثير من الواقع.
واتفق الطرفان سابقًا على هدن عديدة لفتح ممرات إنسانية، إلا أنهما لم يلتزما بها، وتواصلت الاشتباكات رغم الاتفاقات التي من المقرر أن ينتهي آخرها الأربعاء بحلول الساعة العاشرة ليلا بتوقيت غرينتش.
الدعم السريع تدعي صد هجوم
وفي سياق متصل، ادعت قوات الدعم السريع السودانية، الأربعاء، تدمير 4 دبابات والاستيلاء على أخرى، خلال مواجهة مع قوات الجيش السوداني في وسط العاصمة الخرطوم.
ونشرت الدعم السريع بيانًا، قالت فيه إنها تصدت لهجوم من “قوات الانقلابيين وفلول النظام البائد بزي قوات شرطة الاحتياطي المركزي” على تمركز لها في وسط العاصمة صباح اليوم.
واتهمت القوات التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الجيش بانتهاك الهدنة المعلنة مع الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان.
وأشار البيان أيضًا إلى أن قوات الدعم السريع دمرت 4 دبابات و4 مركبات من طراز “لاندكروزر” من القوات المهاجمة، بجانب السيطرة على دبابة “بحالة جيدة” و5 مركبات أخرى تابعين.
تواصل العنف والفرار
وأفاد سكان الأربعاء من العاصمة بسماعهم “أصوات اشتباكات ودوي انفجارات باتجاه مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان (غرب الخرطوم)”، فيما أكد آخرون لوكالة “فرانس برس” بسماع “أصوات مضادات الطائرات الأرضية قرب المطار”.
كذلك أعلنت السعودية التي تنظم عمليات لإجلاء مدنيين وتقود جهوداً لوقف المعارك الدائرة، لأربعاء أن مجموعة مسلّحة اقتحمت وخرّبت ملحقيتها الثقافية في السودان.
ولم ترد أي تقارير عن وقوع إصابات جراء عملية الاقتحام.
ودفع هذا العنف المتصاعد الأجانب إلى مغادرة البلاد كما يواصل السودانيون بالآلاف النزوح داخل بلدهم أو الفرار إلى الدول المجاورة.
والثلاثاء، قال متحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة خلال مؤتمر صحافي دوري في جنيف إنّ المعارك الدائرة في السودان أجبرت أكثر من 334 ألف شخص على النزوح داخل البلاد، وأكثر من 100 ألف آخرين على اللجوء إلى الدول المجاورة.
وتتوقع الأمم المتحدة فرار “800 ألف شخص” إلى الدول المجاورة مثل مصر وتشاد وأثيوبيا وأفريقيا الوسطى.
وأما الذين لا يستطيعون مغادرة السودان، وكثيرون منهم لعدم توافر الإمكانات المالية، فيواجهون نقصا في الغذاء والمياه والكهرباء فيما تصل درجة الحرارة في الخرطوم إلى 40 درجة مئوية.
وفي هذا الصدد قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في مقابلة مع صحيفة “أساهي” اليابانية نشرت الثلاثاء إنه “وسط الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وفرار العديد من السودانيين … تواجه مصر أيضا مشاكل”، مشيرا إلى مشكلات مثل ارتفاع التضخم وزيادة في أسعار الضروريات اليومية.
وكانت وزارة الخارجية المصرية أعلنت الأسبوع الماضي عبور 14 ألف سوداني إلى مصر.
“كارثة” النظام الصحي
وحذرت الأمم المتحدة الاثنين من أنّ النزاع يحوّل المأساة الانسانية الى “كارثة حقيقية”، في حين عبرت منظمة الصحة العالمية عن خشيتها من “كارثة” في النظام الصحّي الذي كان أساساً هشّا في بلد هو من الأفقر في العالم.
و أعلنت الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، أن برامجها المخصصة لتلبية الاحتياجات الإنسانية في السودان لم تؤمّن حتى اليوم سوى 14% من التمويلات اللازمة لعملياتها لهذا العام وما زالت بحاجة لنحو 1,5 مليار دولار لتلبية هذه الاحتياجات التي تفاقمت منذ اندلاع المعارك.
وما زاد الوضع سوءًا هو أنّ أعمال العنف والنهب لم توفر المستشفيات ولا المنظمات الانسانية التي اضطر العديد منها إلى تعليق أعماله في السودان.
وتعمل 16% فقط من المنشآت الصحية في الخرطوم ولكنها تعاني من نقص في المستلزمات وكوادرها الطبية منهكة، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وخارج الخرطوم، تسود الفوضى في ولاية غرب دارفور حيث بات مدنيون يشاركون في أعمال العنف بين القبائل المتناحرة، بحسب الأمم المتّحدة.
وأحصت الأمم المتّحدة سقوط قرابة مئة قتيل منذ الأسبوع الماضي عندما بدأ القتال في هذه المنطقة التي شهدت في العقد الأول من الالفية الثانية حربا أهلية أوقعت 300 ألف قتيل وأدّت إلى نزوح 2,5 مليون شخص.
وأعربت نقابة الأطباء عن قلقها إزاء “الانهيار الكامل للنظام الصحي في الجنينة”، عاصمة غرب دارفور، مضيفة أنّ نهب المراكز الصحية ومخيّمات النازحين أدّى إلى “إجلاء عاجل” للفرق الإنسانية.
الحرة