مقالات سياسية

الدولة الاثيوبية وسد النهضة : فرض سياسة الامر الواقع

عصام الدين محمد صالح
مثلت مباحثات ومفاوضات سد النهضة الاثيوبى بين الدولة الثلاث صاحبة المصلحة بادرة حميدة ومطلوبة لبدء التعاون بينها بل بين جميع دول حوض النيل وذلك فى اطار المشاريع المائية المختلفة فى حوض النيل ومنطلقا للتعاون الاقتصادى فى ظل وجود العديد من الفرص المختلفة لدوله و فى وجود امكانية التمويل الدولى من الدول الكبرى  والمنظمات ذات الصلة بالموارد المائية  للمشاريع المائية وفقا للحق المنصف  والمعقول والقوانين الدولية للمياه لفائدة جميع شعوب دول الحوض فى النمو والتنمية ورفع المستوى المعيشى للفرد فى ظل  توافر ثروات هائلة طبيعية تتمثل  فى المياه حيث تضم منطقة حوض النيل مصادر مائية مختلفة ممثلة فى المساقط المائية و الوديان والخيران والبحيرات الطبيعية مع التقدم العلمى فى تطور تقنيات وتكنلوجيا السدود فى العالم وظهور الشركات الضخمة والمنظمات الدولية التى تعنى بقيام السدود والحفاظ على المياه واستقلالها فى الطاقات الكهربائية للمصانع والشركات الضخمة .
انتظمت المفاوضات والمباحثات طويلاً بين الدول الثلاث في الخرطوم والقاهرة وأديس أبابا وفي العاصمة الأمريكية واشنطون برعاية وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي  ووساطة رئيس الوزراء السودانى المستقيل  عبد الله حمدوك مروراً بالاتحاد الإفريقي برئاسة دولة جنوب إفريقيا وبعدها رئاسة دولة الكنقو الديمقراطية جميع المباحثات والمفاوضات السابقة لم تتوصل إلى حلول توافقية للقضايا الخلافية المطروحة مما احدث توتر على المستوى السياسى والاعلامى بين الدول الثلاث .
ابرز نقاط الخلافات فى المفاوضات والمباحثات :
كانت ابرز القضايا الخلافية المطروحة متمثلة فى القضايا الفنية والقانونية وهي إجراءات الجفاف وقواعد إعادة الملء والمنحنى التشغيلي المتوسط لسد النهضة والتغيير اليومي لتدفقات المياه من سد النهضة والطبيعة الملزمة ومطالبة الدولة الاثيوبية بان مايتم التوصل اليه اعتباره ضوابط ارشادية وهو ماترفضه الدولة السودانية باعتبار التاثير المباشر لسد النهضة على الدولة السودانية ومصالحها المباشرة .
كما شملت الخلافات المشروعات المستقبلية للدولة الإثيوبية والعلاقة بتقاسم المياه وآلية فض النزاعات والمطالب الإثيوبية بتقسيم الاتفاق إلى شقين الأول للملء والثاني للتشغيل ومطالبها بإدراج تقاسم المياه كما تشمل القضايا الخلافية إعلان إثيوبيا بشكل أحادي عمليات ملء البحيرة دون تنسيق مع دولتى اسفل النهر السودان ومصر خاصة الدولة السودانية بتاثرها المباشر من اى  اخلال بعملية ملء البحيرة وعملية تشغيل التوربينات لقربها من سد النهضة الاثيوبى خاصة خزانى الروصيرص وسنار .
السياسة السودانية تجاه  المفاوضات والمباحثات :
على مدى المفاوضات والمباحثات الثلاثية هنالك ثوابت تميزت بها الدولة السودانية وعلى راسها ضرورة الوصول الى اتفاقية قانونية ملزمة بين الدول الثلاث في شان مل بحيرة خزان سد النهضة  والتشغيل المستقبلي له حتى لا تتأثر السدود السودانية والمواطنين الذين يقطنون على النيل الأزرق وعدم المساس بحصة السودان والتي تبلغ 18.5 مليار متر مكعب من المياه وفقا لاتفاقية 1959م وعدم الرضوخ وتبنى مواقف الأطراف الأخرى الا وفقا لما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا  وضرورة ان تحل قضايا المياه فى دول حوض النيل عبر التفاوض بين جميع دوله فى اطار التعاون والمصلحة المشتركة للاستفادة من المورد المائى وفقا للحق المنصف والعادل والمعقول لفائدة جميع دول حوض النيل .
الاعلان الاثيوبى ببدء انتاج الكهرباء
الاحد اعلنت الدولة الاثيوبية بدء انتاج الكهرباء من سد النهضة بشكل جزئى يبلف 375 ميقاواط وهى الخطوة التى اعتبرتها الدولة المصرية وفقا لبيان الخارجية المصرية إمعاناً من الجانب الإثيوبي في خرق التزاماته بمقتضى اتفاق إعلان المبادئ لسنة 2015 الموقع من قِبَل رئيس الوزراء الاثيوبى الاسبق  ورئيس دولتى المصب مصر والسودان كما اعتبرتها الدولة السودانية وفقا لحديث السفير عمر الفاروق المتحدث باسم ملف سد النهضة بوزارة الخارجية السودانية بانها مخالفة لروح التعاون وتمت دون الوصول الى اتفاق  قانونى ملزم بين الدول الثلاث وهو ماظل تدعو له الدولة السودانية فى المفاوضات والمباحثات حفاظا على مصالحها المائية وعدم تاثرها من قيام سد النهضة الاثيوبى .
عليه فان الخطوة الاثيوبية بالاعلان عن بدء التوليد الكهربائى من سد النهضة دون الوصول الى اتفاقية قانونية ملزمة بين الدول الثلاث تستدعى من الدول الثلاث البدء والتحرك الفورى لاستئناف ومواصلة المفاوضات والمباحثات وتحريك البركة الساكنة والتى امتدت طويلا خاصة وان الملء الثالث لبحيرة السد فى يوليو القادم على الرقم من عدم الاستقرار السياسى الداخلى لكل من دولتى السودان واثيوبيا وضعف الاتحاد الافريقى المعنى بقضايا القارة الافريقية السياسية والاقتصادية وغياب المجتمع الدولى وانشغاله فى قضاياه الدولية المختلفة باعتباره المسهل والوسيط لحلحلة قضايا الخلافات بين الدول الثلاث .

‫2 تعليقات

  1. للرئيس الأوغندى موسفينى مقولة مشهورة عندما استعصى التفاوض مع جماعة مسلحة فى أوغندا تمهيدا للشروع فى إقامة بعض المشاريع التنموية استشاط الرئيس غضبا فقال ( إن إوغندا لن تنتظر طويلا عودة الكارماجونق ثم الشروع فى التنمية) يبدو أن عودة الكارماجونق وهى الجماعة المسلحة تنطبق على الحالة الخاصة بسد النهضة ترى كم من الزمن تحتاجه إثيوبيا لإرضاء الشريكين مصر والسودان للعودة لطاولة التفاوض وببراءة نتساءل ماهو حجم الضرر الى يمكن أن يلحقة السد بالسودان هل سيكون أكبر من الضرر الذى الحقته الحركة الإسلاموية المقبورة من حيث الدمار الإقتصادى وقتل الأنفس والتفريط فى السيادة ووحدة التراب الوطنى.. بصراحة لا أعتقد

  2. اعتقد ان الدول الثلاثة اقتصادها في الحضيض مقارنة مع دول أخرى.. حان الوقت للدخول في مشاريع كبيرة مثل سد النهضة دون تهويل للمخاوف بدلا من الاقتصاد السلحفايي الذي يموت فيه الناس في الدول الثلاثة فقرا ومرضا وهم لا يشعرون.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..