على سُنةَ اللهِ ورسُولَه

رأيت أنه من الضروري التطرق لهذا الموضوع الهام الذي فيه ما يهدد الأسرة والمجتمع وينقلنا من موقع المجتمعات المحافظة الى الأخرى المفككة .
درج غالبية الناس على تطبيق قواعد الزواج التقليدي أي بطرق الإختيار المعهودة . ( إعجاب ثم إختيار ثم سألنا عنهم ووجدنا انهم ناس كويسين . ولدهم او بنتهم أدب واخلاق الخ..). طبعا هذا النمط قل ما يصلح في زمننا الحالي وهذا موضوع كبير يحتاج لفيض من النقاش ألا أنه ليس الموضوع الأساس في هذا المقال .
ما اود ان أطرحه يتعلق بالقصور البائن في وثيقة الزواج فهي وثيقة بدائية ينقصها الكثير مما يجب أن تشمله . وباختصار عقد الزواج بحالته التاريخية العتيقة هذه لا يكفي في هذا الزمان . فعبارة – على كتاب الله وسنة رسوله – لا تكفي كميثاق للشراكة الزوجية . حيث يجب تفنيد بنوده وشروطه وكتابتها بندا بندا والإقرار عليها .
الكثيرون اصبحوا لا يكترثون لا لتعاليم الدين ولا لإتباع سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام . وكوننا نفترض أن كل من يتزوج ملتزم بالشرع وتعاليمه فهذا أمر خاطئ .
الامر الآخر أن وثيفة الزواج في الكثير من البلدان الإسلامية ظلت بحالها القديم قدم الدين
ذاته ، متجاهلين بذلك أو متغافلين ما يطلقون عليه فقه وتشريعات الضرورة والزمان والمكان .
الألتزام بالشرع أو عدمه ميثاق بين العبد وربه . ولكننا نحدث فيما يخص عقد شراكة بين أثنين فيجب أن يشتمل على الجوانب التي تحفظ فيها الحقوق ، وتحذر من عواقب الظلم والإستهتار وضروب الإستغلال .
هذه الحقوق لاينبغي أن نترك أمرها للإنسان وضميره ، حيث يوجد من ماتت ضمائرهم ومن لاضمير له البتة . فلايمكننا مثلا أن نكتفي في العقود التجارية والمعاملات على جملة (على أن يكون التعاون والشراكة بين المتعاقدين وفق شرع الله وسنة رسوله ) . بل هناك بنود واضحة وشروط وإقرارات وجزاءات . و ما دام هذا هو الحال في المعاملات والتجارة فينبغى أن يكون كذلك أيضا في عقود ومواثيق الزواج .
تعديل الوثيقة واضافه الجوانب الهامة التي تشكل مثار الخلافات الناشئة من الضرورة بمكان . ففي واقع الحال عقد الزواج هو عقد إلتزام ، فيجب إضافة كل ما يتعلق بالحقوق والواجبات وما للفرد وما عليه . اي ما يترتب على الشريك وما يعد مخالفا لنصوص الميثاق في جوانبه المتعددة من عدل وإقتصاد وتعامل وسلوك . وكذلك ما يضمن حقوق الطفل للتنشئة السليمة ويحافظ على سلامة الكيان الأسري .
إن هذا التعاقد الهام يعتبر لبنة لبناء الأسرة بأسس وضوابط سليمة ، فالأسرة هي ركيزة المجتمع الأساسية والمسئول الأول عن إعداد المواطن الصالح الذي يرجى منه لخدمة وطنه ومجتمعه .
ونتساءل لماذا نرتضي لفتياتنا وأبناءنا الهوان ؟ ولِما نتركهم على هواهم في التعامل مع ازواجهم دون قيد او شرط او محددات وواجبات وتعهدات او مهابة من قانون أو حتى خوف من عقاب؟ ولماذا لا تصاغ كذلك قوانين وضوابط للتعدد؟
لا أريد من احد ان يقول لي ان المحاكم الشرعيه تقوم بدورها
وان المتظلمين لا طريق لهم سوى المحاكم . فمن وجهة نظري هذا توجيه مجحف فكون ان المتظلم في العلاقة الزوجيه إتجه ليقاضي شريك حياته فهذا يعني ضمنيا صعوبة إستمرار هذه العلاقة من بعد ذلك . ولو حدث وإستمرت هذه العلاقة ستفقد أو تتخدش روابط الود والوئام فيها .
وما اود ان الفت الإنتباه أليه أننا نريد ان نحافظ قدر الإمكان على هذا الكيان وتماسكه ودفئه قبل أن يصل الى مرحلة التقاضي والتوجه لدهاليز المحاكم ، لأن ذلك يعتبر آخر الخيارات حيث لم نوجد حلول أوسطية أو ما يساعد على إيقاف هذا الإنهيار في مراحله الأولى وذلك نسبة للقصور المشار أليه وهو جوهر الإشكال .
هذا النداء للجهات الشرعية والقانونية لتعديل محتوى عقد الزواج ، وإضافة ما يلزم من القوانين لصون حقوق الازواج في الجوانب الأساسية الدينية والإقتصادية والسلوك والمعاملة وحقوق الأبناء ويكون ذلك صميم محتوى وثيقة الزواج . فهي نصوص واضحة متفق عليها ومصادق عليها من السلطات العدلية .
والغرض من ذلك ليس وضع متاريس أو عراقيل بقدر ما هو المخافظة قدر الإمكان على الكيان الأسري وتقليل فرص الشتات . وفي ذات الوقت تعظيم قدر الرابط الشرعي ومسئولياته وسنده بما يلزم بالقوانين التي تصونه على النحو الذي يرتضيه الخالق ورسوله وفقه العصر ويلائم حال العباد في زماننا وواقعنا المعاش.
خالد حسن