“يستشفون”

إحتفلت الصحف وهلل معها البعض من الكُّتاب وكبّروا إحتفاءً بإجراء رئيس الجمهورية عمر البشير لعملية في الركبة بمستشفى رويال كير على أيدي سودانية.
وانبرى البعض منهم لتمجيد توطين العلاج بالداخل والحديث عن الخبرات والكوادر المحلية التي تضاهي الكوادر الخارجية.
والملفت في الأمر إنها ليست المرة الأولى التي يمرض فيها الرئيس أو التي يجري فيها عملية فقدسبقتها إنتكاسات صحية وجميعها تلقّّى الرئيس العلاج منها خارجياً بمعنى أنه ليس من شيّمة الاحتفاء بالكوادر المحلية . هذا شئ .
أما الشئ الآخر والمحيّر هو أن هذا المستشفى المحتفى به ليس مستشفى حكومياً يستقبل (محمد أحمد) البسيط بائع الطعمية أو (مختار الكمساري) أو حتى قل(خلف الله التاجر).
رويال كير مستشفى (VIP) لايمكنك إجراء عملية أو إستخدام غرفه الفندقية مالم يكن معك دفتر شيكات معافى أو جيب يئن بحزمة من الأوراق الخضراء ، إنه مستشفى يرتاده ذوي العربات الفارهة والخدود الندية والجيوب الكبيرة والهواتف الذكية.
وقد كان بإمكاننا الإحتفاء بعملية الرئيس لو أنه قام بإجرائها بأحدى المستشفيات الحكومية بمستشفى الخرطوم مثلاً … نعم مستشفى الخرطوم الواااااحد ده … عيبوهو ليّ….!؟.
اليس هو مستشفى حكومي لماذا لم يذهب الرئيس لتلقي العلاج وإجراء العملية به أم أن مستشاريه يخشون على أنف الرئيس أن تشتم روائح البول ومياه الصرف الصحي وقذارة الحمامات ويخشون على عينه من مناظر القاذورات والنفايات الطبية والحفر والجدران المتصدعة والمواسير المهترئة ويخافون من إنقطاع الكهرباء أثناء العملية أو زيادة جرعة التخدير أو نسيان شاش أو قطن داخل الركبة. أو قل تركيب مفصل تقليد مأ أصلي .
اليست هذه المخاوف التي تبادرت إلى آذانهم فكان ترجيح رويال كير الفندقي هو الغالب.
صدقوني كنا سنحتفي ويحتفي معنا الشعب عندما يحس الرئيس بشعبه يأكل من أكله ويشرب من مائه ويتعالج في مشفاه ، ولكن علاج الرئيس في مستشفى خاص هو أكبر ضربة للقطاع الحكومي ومؤسساته العلاجية بل سقطة كبرى حتى لو كانت على أيدي سودانية فإن المهم هو الزمان والمكان.
إذا كان مستشارو الرئيس يخشون على الرئيس من كل مسالب المستشفيات الحكومية ويخشون عليه من تردي الخدمة فيها فهذا يعني أن هذا الشعب لايعنيهم في شئ وأن يتعالج ويموت في مستشفى حكومي متدني الخدمات لايهمهم في شئ . لأنه مستشفى يشبه محمد أحمد و لكنه لايشبه الرئيس.
سلم يراعك !!!!