هل اللغة النوبية في خطر؟

درج كثير من الناس بما فيهم أهل اللغات غير العربية في السودان أي اللغات المحلية indigenous languages إطلاق كلمة “الرطانة” على تلك اللغات وعليه رأيت أن أحدد بعض المصطلحات المتداولة لنرى إن كانت هذه اللغات رطانة أم هي لهجة أم لغة؟ للإجابة على هذه الأسئلة لابد من معرفة مدلولات هذه المفردات.
الرطانة:
الرطانة تقابلها في اللغة الإنجليزية jargon وهي كلمة غير كريمة المعنى عندما تُطلق اسماً للغة يتحدث بها قوم لهم حضارة عريقة و متجذرة في الأرض السودانية والرطانة تعني لغة صعبة و غريبة المفردات تستخدمها مجموعة بشرية منغلقة على نفسها. من هذا التعريف نقول ليست هذه اللغات رطانة و إن لم تكن مفهومة لغير الناطقين بها فالعربية أيضاً غير مفهومة لغير الناطقين بها و كذلك الإنجليزية. و عموماً إطلاق لفظ “رطانة” لهذه اللغات غير محبذ و يحط من قيمتها و قد يعجل بوفاتها لأن الكلمة لها مدلول سلبي negative connotation
اللهجة:
اللهجة تقابلها في اللغة الإنجليزية accent وهي طريقة مميزة في استخدام لغة ما كأن نقول لهجة الشوايقة أو الجعليين. فاللهجة دائماً تكون لنفس اللغة ففي الإنجليزية مثلاً لهجة انجلترا تختلف عن لهجة اسكتلندة. و عليه فالنوبية مثلاً ليست لهجة و إن كانت تتكون من لهجات مختلفة كلهجة الكنوز و الفاديجا مثلاً. و في رأيي إطلاق لفظ “لهجة” للغة النوبية أو غيرها من اللغات المحلية تنم عن التقليل من شأنها بوعي أو دون وعي.
اللغة:
اللغة و تقابلها في الإنجليزية language وتُعرّف بأنها أصوات أو رموز متفق حولها يعبر بها كل قوم عن هويتهم ويتفاهمون بها مع بعضهم البعض و هي أي اللغة تعتبر الوعاء الذي يخزن و يعبر عن الأفكار و المفاهيم والمعتقدات وعن المشاعر المكنونة في الداخل. و تتألف اللغة من أصوات phoneme و مفردات lexis و نحو grammar و ما إلى ذلك من العناصر التي يهتم بها دارسو اللغة. و ليست الكتابة من شروط اللغة فقبل اكتشاف الكتابة كان الناس يتفاهمون فيما بينهم باللغات.
مما سبق يظهر جلياً أن هذه اللغات مثلها مثل كل لغات العالم الحية فهي أداة من أدوات التفاهم و تحوي كل التراث الإنسان السوداني و معتقداتهم و أفكارهم و حكمهم وتتكون من أصوات و مفردات و نحو وفي رأي علماء اللغة فليست للغة بعينها أفضلية على أخرى فكلها متساوية كأسنان المشط. فعليه ليست هذه اللغات برطانة و لا لهجة بل هي لغة و لها كل مقومات اللغات الحية.
لعدم إلمامي باللغات الأخرى سأركز على اللغة النوبية كمثال لهذه اللغات غير العربية التي يتحدث بها كثير من السودانيين في الجنوب و الغرب والشمال والشرق.
النوبية لغة يأنس الملايين بالتحدث بها و كم يتمني المرء لو أن أهل السودان جميعاً يتحدثون بها و يستمتعون بآدابها و فنونها ولاستفاد من الحكم و الأمثال النوبية التي تفقد رونقها حين ترجمتها. للغة النوبية خاصية قد تكون فريدة إذ لها حرية الحركة فقد تبدأ الجملة بالإسم أو الفعل، بالفاعل أو المفعول به. فمثلاً “آي فنتيق كبكمون” أنا لم آكل البلح. “فنتيق أي كبكمون” البلح ما أكلت و العبارة الأخيرة تكون غريبة بهذا الترتيب في اللغة العربية. كما ذكرت اللغة النوبية مثال لجميع اللغات غير المحلية indigenous languages و هنا يحضرني قول الأستاذ حسين خوجلي و الذي تمنى زوال هذه “الرطانات” من السودان و حين سمعت ذلك القول منه أحسست تجاهه بنوع من العاطفة (و حنيت عليه) لأن كلامه يدل على الجهل و لا أملك تجاه الجاهل إلا العطف و أن أدعو الله أن يزيل عن هذا الحسين الجهل.
هل اللغة النوبية في خطر؟
قبل التطرق لما تتعرض له اللغة النوبية من أخطار أذكر أن إغراق المنطقة النوبية ستصيب اللغة النوبية في مقتل و عندئذ يستحيل إحياؤها مرة أخرى. عليه لابد من مقاومة هذه السدود حفاظاً لتراثنا و للغتنا.أما العوامل الأخرى فيمكن السيطرة عليها أو التقليل من تأثيراتها كما سأوضح لاحقاً و غني عن البيان أن موت اللغة أو انحسارها لا تعد خسارة على المتحدثين بها فقط بل الخسارة تكون جسيمة على كل مهتم باللغة و بالتراث و إنقراض أي لغة تماثل إنقراض أي كائن حي على وجه البسيطة ويُعتبر كارثة بكل المقاييس.
وبصورة عامة أي لغة لا يتعلمها الأطفال تكون عرضة للإنقراض و كذلك عندما يتحدث الأطفال لغة أخرى بجانب اللغة الأم ثم لأسباب عدة يفضلون الحديث باللغة الثانية و يهملون لغة الأم. و سبب آخر يسرع بموت اللغة وهو النظرة الدونية للغة المهددة بالإنقراض من المجتمع أو عندما لا تلبي اللغة ضرورات الحياة ومن العوامل المؤدية لسرعة موت اللغة أيضاً وجود لغة أو لغات أخرى و بالأخص إذا كانت هذه اللغات تساعد في إيجاد فرص العمل و لها أو للمتحدثين بها مكانة إجتماعية أعلى من اللغة الأصلية.و هنا يبرز سؤال. كيف يمكن تفادي انقراض هذه اللغة أو تلك؟ لتفادي إنقراض اللغة لابد من تعليمها للأطفال و لابد من خلق مسوغات تعليمها و خلق بيئة صالحة تنمو فيها اللغة فاللغة كائن حييعيش إذا توفرت الظروف المواتية و يمرض و يشيخ و يموت بغياب تلك الظروف.
بدون نظرة عاطفية و بصرف النظر عن انحيازي المُعلن للغتي النوبية أرى أن كثيراً من مسببات الموت متوفرة للغتنا النوبية فإذا لم ننتبه و نتدارك فتتسرب من أمامنا و حينئذ لا نلومن إلا أنفسنا.
[email][email protected][/email]
[هل اللغة النوبية في خطر؟] سؤال اجابتو ظاهره من اسم ايميلك . براك مسمى عنوانك [email protected] .الجاب عثمان المن نوبيستان دى مع دقنة الشرقاوي. شوف لك موضوع جاد الحالة النحن فيها دى بلغت حد الغرغرة .انت في شنو والحسانية في شنو تحياتى
كلما ذهبت شمالا تتعالى نظرة اهل المناطق التى تلى الاخرى للمنطقة التى خلفهم ففى نظر النوبيين اى شخص يسكن بعد دنقلا فهو سودانى و كأنى بهم يتفون سودانيتهم انه ليس بحديث عنصرى و لكنى اشير الى اننا لا بد من تجاوز هذا التعنصر للغة و الجنس و العرق و لنتحدث الانجليزية على احسن الفروض فكل اللغات لم تستطع هزيمتها و اصبحت لغة العلم و المال …
اتفق معك اخى عثمان وانا لست نوبيا بان الحفاظ عليها حفاظ على ارث سودانى اصيل نفسر ونترجم به الماضى المندثر ايا كانت لغة ام لهجة ام رطانه – واللغة عادة تعرف بانها كلام ويكتب ولها حروف لان هنالك رطانه وهى التى يتكلم بها اهلها وليست لديهم حروف خاصة برطانتهم هذه -أما االانقراض التى تتحدث عنه املته ظروف يصعب علاجهافالتدريس الان بالمدارس باللغة العربية والانجليزية وعندما حاولت الحكومة تعريب المناهج اصطدمت بكثير من المعوقات وصار الان الروجوع للانجليزية امر مهم جدا لان العلم اليوم كله باللغة الانجليزية فلم تستطع وحدات التعريب فى كل البلدان العربية تعريب المصطلحات ولا يستطيع الفرد ان لم يكن ملما باللغة الانجليزية ان يستزيد من العلم فالعلم بلغة أهل العلم انفسهم لانهم هم الذين اسسو له بل وربما فى المستقبل البعيد العربية نفسهاسوف تندثرفى مجال العلوم والعلم ولو انها ما كانت لغة القرآن لم استطاعت ان تصمد اذا كيف تصمد اللغة النوبية وهى ليست لغة علم واذا حاولت ان تجعل منها لغة علم لابد لك ان تترجم كل العلوم الى اللغة النوبية اسوة بالتعريب الذى لم ينجح فالمسألة صعبة هذا غير الاعلام اليوم اطفالنا وكبارنا يسمعون الاخبار والمسلسلات والاغانى والثقافات المتعددة باللغات الحية الانجليزية والعربية – فيمكن الحفاظ عليها ولكن فى اطار ضيق وسوف يضيق هذا الاطار كلما تباعدت السنين
ولك التحية
شكراً لكاتب المقال على هذا الطرح .
اللغة النوبية كغيرها من اللغات تمر بفترات شباب ونضج وكهولة ثم موت .. ولا شك عندي إطلاقاً أنها تمر اليوم في مرحلة الكهولة التي تسبق الموت الآتي حتماً ، وهناك مظاهر وأدلة عدة لهذه المرحلة منها أن:
1- اللغة النوبية اليوم لا تكتب كما كان في الماضي القديم ، ولا يوجد اليوم من يفهم الكتابات القديمة ..
2- هناك نسبة كبيرة من الشباب (الحلفاويين تحديداً) صاروا لا يتحدثون بهذه اللغة حتى في ونساتهم الخاصة بعكس السكان في منطقة المحس التي عشت فيها بعض سنوات عمري ..
3- أعرف شباباً حلفاويين متزوجون من حلفاويات قريباتهم وأعلم جيداً أن الحوار العائلي في البيت يتم بينهما باللغة العربية العامية ..
4- نسبة كبيرة من الحلفاويين لا يبحبذون فكرة تعليم أبنائهم اللغة النوبية .. وقد نشأ جيل كامل يفهم اللغة النوبية ولا يتحدثها ..
5- التزاوج مع القبائل الأخرى ساهم في اضمحلال هذه اللغة .. فزوجتي أنا شخصياً من حلفا وتفهم اللغة النوبية لكنها لا تتحدثها وكانت تجد صعوبة كبيرة في مجاراة عمتها رحمة الله عليها عندما تتحدث معها .. لذلك أبنائي لا يفهمون كلمة واحدة من اللغة النوبية رغم أنهم يعتبرون أنفسهم حلفاويين بالأم ..
وهناك أدلة أخرى ربما يضيفها المعلقون من بعدي ..
وشكراً
دعثمان لك الشكر اجزله وجزاك المولى القدير عن الامه كل خير .
ان الامه النوبيه كلها فى خطر اذا تم تنفيذ المؤامرات الدنيئه التى تسعى لها حكومة انقلاب البشير الترابى وبعضا ممن ينتسبون للامه النوبيه – ولاولئك المنتسبين والمطبلاتيه والباحثين عن ما يقنع الامة بفوائد السدود نقول لهم بان الانتماء للامه النوبيه يحتم عليهم الدفاع عن المنطقه لا اغراقها وتهجير ما تبقى من الامه وتراثها التليد -ان معارضة قيام السدود فرض عين على كل عاقل بالغ — التآمر على اللغه النوبيه قديم يتجدد مع ظهور بعض المتسلقين المدعين للحضارة والتمدن –دمتم ذخرا للامه
يا دكتور واعتمادا على تعريفاتك هذه ما يتحدث به المحس والدناقلة والحلفاويين كانت لغة فتحولت الى رطانة
الحضارة النوبية كانت ولن تعود فقد فاتها القطار
اللغة وسية وليست غاية
اللغة وسيلة وليست غاية وسيلة للتخاطب والتفاهم ووسيلة لاكتساب العلم فاللغة النوبية كما اسميتها لا يمكن ان تخاطب الا قلة قليلة جدا ولا يمكن اكتساب اى علم بها فاللغة العربية مثلا تساعد على تفهم الدين الاسلامى والقران الكريم والانجلية يتخاطب بها عددا كبير من الناس وكذلك العربية فالانجليزية لغة للعلم والمواكبة والحداثة فحضارة النوبة كانت الله يرحمها فلا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب
لك الود يادكتور هنالك اتجاه بل صدر القاموس النوبي من نفر حادبين علي اللغة النوبية الاستاذ والباحث مكي علي ادريس ونفر كريم وتعليم اللغة في معاهد لغات ومن يتحدثون بان العربية لغة القران لاننكر ذلك ولكن لايدرون ان اللغة النوبية من قبل ظهور الاسلام ودولة النوبة المسيحية في الشمال من قبل دخول الاسلام في السودان فلاخوف علي اللغة النوبية مادام هناك من يهتمون بها
يادكتور نراك عرضت المشكلة ولم تضع الحلول!! اللغة النوبة معرضة لخطر الانقراض وهذا شئ معروف للجميع وسياسة الحكومات هنا منذ الاستقلال هى محاربة اللغات الاصيلة ونشر العروبية
اذا عملتوا قواميس ومراجع لماذا لاتطالبوا بتدريسها في المدارس بشكل رسمي زي ما عملوا الامازيغ في الجزائر والمغرب؟!!
ونذكر ان الطلبة كانو يمنعون من التحدث بها في حيشان المدارس وأظن حتى الآن هذا الامر قائم في المناطق النوبية !!
اذا اردنا ان نحافظ على اللغة النوبية فيجب تدريسها في المدارس للصغار بشكل رسمي وبمنهج اجباري موضوع من وزارة التربية
د عثمان حسن عتمان
لك التحية
مشكلة اللغة النوبية قضية حيوية لا يمكن التقليل من اهميتها كما ان النضال والجهود من اجل اللغة النوبية تملأ الاسافير ..أعتقد اذا تضافرت الجهود فى اقامة مدارس للاخوة النوبيين ربما تكون افيد من الشكوى لحكومة عاجزة عن تقديم الدواء والغذاء والتعليم و… الى اخره . هذه المناشدات تكون لمن يسمع ويعى ونحن هنا امام حكومة متسلطة فاسدة لن تنفع معها المناشدات والاحتجاجات والاساليب المعنى بها حكومات ديمقراطية تابه وتسنجيب للرأى العام . التراث والثقافة والفنون والتأريخ من ادوات المجتمع المهمة لكننا امام سلطة عمياء لا تعى ولا تسمع وما علينا سوى رص الصفوف لاقتلاعها من جذورها وعندئذ سيفسح المجال امام مختلف الثقافات لتزدهر وتنمو لتساهم فى نهضة الامة بكل ثقافاتها واثنياتها وليس النوبية وحدها . الشرق والغرب والشمال والجنوب والوسط يعانى تماما كما يعانى اخوتنا النوبيون ليس على المستوى الثقافى فقط انما على المستوىات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية . أود ان ينسي الشعب السودانى فى هذه المرحلة همومه الفردية وان نركز جميعنا على الماساه الكبرى .
علينا ان ننسي ماسينا الفردية والفئوية والاثنية فى سبيل انقاذ شعبنا من الماساه الكبرى التى نعانى منها جميعا متيقنين ان هذا لا يعنى تجاهل القضايا التى يعانى منها بعض فئات المجتع على اهميتها وارجو ان نتقبل جميعنا التضحية مؤقتا بامانينا الفردية فى سبيل حفظ الوطن من الاخطار المحيطة به .. ولك الشكر من قبل ومن بعد …