مقالات وآراء

البصمة الوراثية وحجيتها فى النسب

فائز بابكر كرار 

 

   مسألة اثبات او نفى النسب بإستخدام تحليل البصمة الوراثية من أهم المسائل فى مدى جواز العمل بالبصمة الوراثية في اثبات النسب او نفيه في الاعتماد على النتائج المستخلصة منها.
الشرائع والتشريعات القانونية أفردت حيزا مقدر للنسب باعتباره علاقة الدم وتبنى عليه كثير من الحقوق والواجبات وعكس ذلك النسب الغير شرعى تسقط فيه كثير من الحقوق لأطراف العلاقة وصلة البنوة ، والنسب من الحقائق فى خلق الإنسان وذلك فى قوله تعالى في سورة الفرقان الآية( 54)
   ((وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا )).
كذلك السنة حددت معيار اللحاق النسب فى قوله صلّى الله عليه وسلّم( الولد للفراش وللعاهر الحجر)  فى دلالة واضحة لابطال الطرق الغير مشروعة وعدم خلط الانساب .
من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ الإنسان في دينِه ونفسه وعقله ونسله وماله، فقد أحاطت الشريعة الإسلامية الإنسان بعناية فائقة، وحفظت له حقوقه وضمنتها له.
إثبات الولد للفراش يحتاج لآليات تستنطق ذلك وتثبته ، ويقصد بإثبات النسب بالفراش،  العلاقة القائمة بين الرجل والمرأة بشرط امكانية ولادة المرأة من زوجها  وانقضاء مدة الحمل واذا كانت هذه الشروط صحيحة  فحينها يتم  إثبات نسب الطفل.
إثبات النسب عند إثارته نفيا وإثباتا أصبحت مشكلة اجتماعية ينشئها ويشكلها الشك والاختلاف ، لتنسحب وتصير مشكلة قضائية،  وايضا يعد مشكلة علمية تتشكل عند استخدام علم الهندسة الوراثية فى التلقيح الاصطناعى أو ما يعرف بأطفال الأنابيب وتنسب لتكون جدل قانونى آخر عند استخدام البصمة الوراثية فى إثبات النسب ونفيه.
السؤال الذى يفرض نفسه فيما يتعلق بالموضوع عند استخدام البصمة الوراثية فى تحديد نسب المولود لأبيه أو نفيه : استخدام البصمة الوراثية هل هى مؤكدة لإثبات النسب أم نافية له ؟ ويتفرع من السؤال مدى نسبة الاحتمالية  والخطأ فى ذلك ؟
من التحاليل الخاصة بنتائج البصمة الوراثية ما توصلت لحقائق كالاتى :-
أكدت بعض  الدراسات العلمية الدقيقة أن تحليل (DNA) أو ما يعرف بالبصمة الوراثية  يعتبر إثبات مؤكد للبنوة بنسبة 99.9%، كم أنه ينفي البنوة والنَسب بدقة تعادل 100%.
مما يعني أنه إذا كانت نتيجة التحليل توضح عدم البنوة فهي نتيجة مؤكدة علميا بنسبة 100%، أما إذا خرج التحليل بنتيجة تثبت نسب شخص لعائلة معينة فهناك نسبة خطأ بسيطة جدا وهي 0.1%.
اعتمدت بعض التشريعات على هذا التحليل في أحكام قضايا النسب والأبوة نظرا لدقتها العالية التي أكدتها أبحاث علمية عديدة مع اختلاف الآراء والتوجهات عند تشريعات اخرى ما بين معارض ومتحفظ بحذر .
البصمة الوراثية أو الحمض النووي (DNA)، وسيلة معاصرة لا تزال دائرة عند فقهاء الشريعة الإسلامية بين الأخذ بها كوسيلة لإثبات النسب أو ردها . ولهذا فإن الحكم على الولد إثباتاً أو نفياً بناء على نتيجة البصمة الوراثية لن يكون حكماً قطعي الثبوت بل ظنياً، ونسب الولد لا يثبت ولا ينفى إلا بدليل قطعي الثبوت والدلالة ، هذا عند بعض الفقهاء.
-أدى اكتشاف البصمة الوراثية وقطعية نتائجها إلى اعتمادها لدى أكثر المحاكم في العالم كقرينة قاطعة في ثبوت النسب ونفيه.
ونجد بعض التشريعات تقول “أن البصمة الوراثية يجوز الاعتماد عليها في نفي النسب ما دامت نتيجتها قطعية، كون التقنية تلك تحقق مقصود الشرع في حفظ الأنساب من الضياع”.
وعند البعض  لا ينتفي النسب الشرعي   الثابت بالفراش    (الزوجية) إلا باللعان فقط ، ولا يجوز تقديم البصمة الوراثية على اللعان ، وفى هذه الجزئية على اعتبار  إن اللعان هو الطريق الوحيد للنفي، وهنا سلم البعض بهذا المبدأ ولكنهم ذهبوا لمنحى آخر هو أن الأصل فى حكم اللعان مشروط  حال عدم وجود البينة الثبوتية فقط لذلك حال وجود البينة القاطعة عبر تحليل البصمة الوراثية  تكون هى الفيصل فى النفى والإثبات ، وذلك عند التنازع وعدم وجود دليل اقوى ، على اعتبار الاعتماد في النفي على تحليل الجينات الوراثية لا يصح تقديمه على الطرق الشرعية ، وان البصمة الوراثية يمكن اعتمادها فى إثبات النسب .
 خلاصة الإحاطة بالفكرة فى استخدام البصمة الوراثية فى إثبات النسب ونفيه يمكننا تلخيصها فى الآتى عند اغلب الاراء الفقهية:-
البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها:
 أولاً: لا مانع شرعاً من الاعتماد على البصمة الوراثية في التحقيق الجنائي، واعتبارها وسيلة إثبات في الجرائم التي ليس فيها حد شرعي ولا قصاص، وذلك يحقق العدالة والأمن للمجتمع، ويؤدي إلى نيل المجرم عقابه وتبرئة المتهم، وهذا مقصد مهم من مقاصد الشريعة.
ثانياً: إن استعمال البصمة الوراثية في مجال النسب لا بد أن يحاط بمنتهى الحذر والحيطة والسرية، ولذلك لا بد أن تقدم النصوص والقواعد الشرعية على البصمة الوراثية.
ثالثاً: لا يجوز شرعاً الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب، ولا يجوز تقديمها على اللعان.
رابعاً: لا يجوز استخدام البصمة الوراثية بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة شرعاً.
يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالات الآتية:‍
أ – حالات التنازع على مجهول النسب بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء سواء أكان التنازع على مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة أو تساويها، أو كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه.
ب – حالات الاشتباه في المواليد في المستشفيات، ومراكز رعاية الأطفال ونحوها، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب.
ج – حالات ضياع الأطفال واختلاطهم، بسبب الحوادث أو الكوارث أو الحروب، وتعذر معرفة أهلهم، أو وجود جثث لم يمكن التعرف على هويتها، أو بقصد التحقق من هويات أسرى الحروب والمفقودين.

تعليق واحد

  1. الرد على رضا البطاوي: قراءة فى كتاب انتهاء الأجل هو السبب الوحيد للموت
    الذي تم سحب مقاله !!
    يا أيها الكاتب الناقد لموضوع الموت، لو كنت تعلم ما هو سر حياة جميع الأحياء من حيوان ونبات ألا وهو الروح لكفيتنا كل هذه الهضربة واللف والدوران ولعرفت الموت بأنه خروج نفخة الروح التي نفخها الخالق فيها وأحيا بها الله النبات والحيوان والجان. ويقصد بالحيوان كل كائن يتحرك حركة ذاتية من حشرات وزواحف وطيور وأسماك وثديات وإنسان وجان. فكنه الروح لا يعلمه إلا نافخها (قل هي من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) والقليل الذي عُلِّمناه وعقلناه بشأن الروح هو منحصر في وظيفتها لا ماهيتها- ووظيفتها هي جعل مادة الجسم حية أي إعطائه مظاهر الحياة وهي النمو والحركة. فالنمو يشمل كافة العمليات الحيوية البيولوجية من تنفس وهضم وامتصاص وإخراج وبناء خلايا- وهذه العمليات الحيوية مشتركة بين جميع الأحياء من أصغر حشرة وأدق نبات إلى الانسان والجان. والنمو يشمل الحركة الذاتية اللاارادية أي الفطرية بمعنى تحكم فطرة الجسم أو الجسد فيها (والفطرة هي برمجة من الخالق للجسم كي يبقى حياً). أما الحركة الذاتية الإرادية فمصدرها (الإرادة) والإرادة هي قوة أخرى متحكمة بالجسم أو الجسد خلاف قوة الفطرة والطبيعة. وهذه الإرادة المتحكمة في الحركة الارادية للجسم (كالذهاب في اتجاه أو نحو هدف معين أو الابتعاد عنه أو لفعل أي شيء) مصدرها ليس الروح، فالروح مهمتها فقط جعل الجسد حياً ووظائفه الفسيولوجية وأعضائه وحواسه وجوارحه تعمل- جعل الجسد قابلاً للاستجابة لأوامر الإرادة، فيتحرك وفق رغباتها وشهواتها. إذن فالارادة نابعة من مصدر آخر خلاف الروح. فالنبات له روح تجعله حياً ينمو ويخضر ويثمر ولكن ليس له إرادة تحركه حركة ذاتية من مكان لآخر لأغراض معينة. إن الحركة الإرادية للجسم الحي مصدرها (النفس) وهي شيء غير الروح لأن الروح عند النبات ولا يتحرك من مكان لآخر. ولكن هذه النفس تختلف ما بين الانسان والحيوان. فنفس الحيوان (شاملاً الحشرات والزواحف الخ) محدودة الرغبات ومحصورة في إرادة اشباع الشهوات الجسدية الطبيعية الحيوية من أكل وتزاوج ودفاع وهروب وإخراج الخ. بمعنى أن إرادة الحيوان محدودة أو محكومة بأحكام الفطرة أو الطبيعة رغم أن لجميع الحيوانات دماغ كجزء عضوي فيها يفسر الأمور التي تستقبلها بجوارحها وحواسها ويترجم لها ما يدور حولها فتعرف غذاءها وزوجها وعدوها الخ. إذن فعقلها على قدر فطرتها واحتياجاتها الحيوانية، وبالتالي فنفسها على قدر عقلها المحصور في حدود فطرتها الحيوانية. أما النفس الإنسانية فبقدر عقليته ولا حاجة لمزيد من الشرح لبيان الفرق بين النفس الانسانية والحيوانية. خلاصة القول هي أن الموت هو فقدان حياة الجسد، وسبب حياة الجسد هو الروح، وكل شيء حي له روح هي سبب كونه حياً، ومظاهر الحياة هي عمل وظائف أعضاء الجسم من خلايا وأطراف وجوارح وحواس ودماغ يميز الحاجيات الفطرية للجسد ويحركه نحوها. فلولا حياة الروح لتوقفت كافة وظائف الجسد وصار ميتاً. والنفس لكي تعمل لابد لها من جسد حي به روح تشغل وظائفه وتجعله يستجيب لإرادة النفس بالتحرك لتنفيذ رغبات النفس. فإذا خرجت الروح من الجسد مات ولا تبقى النفس في جسد ميت فتخرج مع خروج الروح والعكس صحيح، أي لايموت الجسد بمفارقة النفس له في حالة الغيبوبة التامة والنوم حيث يبى الجسد حياً ومتى عادت النفس له أفاق الشخص من غيبوبته وعاد إليه الاحساس بجسده، ولن تعود النفس بعد مفارتها للجسد مؤقتاً في النوم والغيبوبة إذا لحقت بها الروح. لاحظ قلنا اذا افاق الشخص غيبوبته عاد إليه الاحساس بجسده لأن وعيه بنفسه أو ذاته لا يغيبه حتى الموت الحقيقي ومفارقة الروح والنفس للجسد نهائياً. ذلك لأن النفس خالدة لاتفنى بالموت والميت لا يفقد احساسه بنفسه وانما ينسى فقط الجسد الذي كان فيه وصارت نفسه حرة تعيش في مجال آخر . إن جل كلامك كان عن كيفية الموت وحالاته – بقطع الراس ولا طعنة سكين ولم تعرف سبب الموت وهو خروج الروح والكلام في كيفية خروها ومن أخرجها أو تسبب في ذلك، أسئلة عبثية واجاباتها دائرية لا طائل منها! م كيف يعتبر الأجل هو سبب الموت؟؟ نعم الأجل هو مشيئة الخالق ليموت الانسان ولكن الله قد جعل لكل شيء سبباً، فإا كان سبب الموت هو خروج الروح فالسؤال يصير عن سبب خروج الروح. وسواء عرف السبب أم لا أثر لذلك على الأجل. فالأجل هو مجرد ظرف الزمان والمكان الذي قدر الله فيه لحظة خروج الروح؛ لكن يبى السؤال عن سبب خروج أو إزهاق الروح في تلك اللحظ والمكان إن كان سبباً طبيعياً أم جنائياً بفعل فاعل؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..