مختبرات الإيمان

زمان مثل هذا

مختبرات الإيمان

الصادق الشريف

? الطبيعة الإنسانية ? في بعض الأحيان – لا تتحمل الأمر الإلهي.. فيبدو النص/النصح الإلهي ثقيل التقبل على النفس وعظيم المشقة.. وكأنّه عقوبة للفعل الإنساني بينما هو.. في باطنه رحمة ولا أنفع.. وقد أشار القرآن لهذا بقول الله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم). ? و(الشيء) هذا قد يمسُّ العلاقة بين الله (الخالق) وعبده (المخلوق) ? مثل الصلاة ? التي وصفها الله بأنّها (كبيرة) على المسلمين.. بيد أنّهُ استثنى منهم (الخاشعين). ? وقد تمسُّ أمراً من صميم العلاقة بين العباد وحراكهم ومنافعهم.. ولكن يصعب على النفس تنفيذ الأمر الإلهي بروح (رياضية). ? ففي التزاور.. وصلة الأرحام.. ودخول الناس على بعضهم البعض.. نصح الله عباده بالتزاور والتواصل مع اجتناب ثلاث أوقات فقط.. بيد أنّه في غير تلك الأوقات أيضاً يجب الاستئذان. ? لكن لو ذهب أحدنا بروح طيبة ليصل رحماً له.. أو يُجدد عهد صداقة.. وطرق الباب، فقال له من بالداخل (إرجع وتعال إلينا مرةً أخرى).. فلن يرجع بذات الروح الطيبة التي ذهب بها.. و(قد) لا يعود أبداً ولا يصل ذلك الرحم مُجدداً.. وسيقطع عهد الصداقة تلك.. وقد يتقول الأسرعُ غضباً بكلام يفتق ستر العلاقة بحيثُ لا يمكن رتقهُ بعد ذلك (علي بالطلاق.. تاني لو وقفت قدام بيتك دا أبقى….). ? سيحدث كلّ هذا.. ليس من كلّ الناس بل من معظمهم.. رغمّ أنّ الله تعالى نصحنا في سورة النور (وإن قيل لكم إرجعوا فارجعوا هو أزكى لكم).. وهذا فعلُ أمر مباشر.. إرجعوا هو أزكى لكم.. هو أطهر لكم.. هو أفضل لكم.. هو أرشد لكم.. لكنّها النفس الإنسانية الغريبة التي لا تفعل أمراً إلهياً بانصياعٍ كامل.. بل بنصفهِ.. وثلثهِ.. وربعهِ.. أو أقل. ? ذات الأمر حدثنا الله عنه في التسليم لأمر الرسول عند الاختلاف والاشتجار.. للدرجة التي ربط الله الخبير العلّام فيها الإيمان بهذا التسليم.. ووضع شرطاً عميقاً لذلك التسليم.. وهو أن تخبت النفس وترضى رضاءً داخلياً عميقاً بالحكم الذي يصدر عن رسول البشرية عليه أفضل الصلاة والسلام (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). ? ولأنّ الإيمان قضية نفسية وروحية في المقام الأول.. لأنّها تبدأ بقناعة نفسية عميقة ومتجذرة.. ثُمّ تنتقل إلى الخارج لتصبح نهجاً وسلوكاً.. لذا جاء التركيز قوياً وعظيماً في الآية أعلاه على انتفاء الحرج النفسي (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ). ? هذان الموقفان يمثلان (معامل) متحركة لاختبار الإيمان.. معامل ليس فيها (فِحيِّص) غير المسلم صاحب الموقف.. وهو الذي ? بصدقه مع نفسه – يمكن أن يمنح إيمانه الدرجة الكاملة.. أو نصفها.. أو ثلثها.. أو ربعها.. أو… ? وجاء رمضان.. الشهر الذي يرفع درجة الإيمان إلى (الحد الأعلى الممكن).. ورمضان كريم.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..