ألغام السودان

الاتفاق المعلن حول منطقة أبيي السودانية ينزع لغماً من ألغام مازالت تهدد وحدة السودان واستقراره، نتيجة الحروب المتنقلة والأزمات السياسية التي تستخدم فيها شعارات فتنوية ذات طابع فئوي أو عنصري أحياناً، ما يبقي مستقبل هذا البلد في مهب عواصف تشرع الأبواب للتدخلات من القريب ومن البعيد في آن .
?أبيي منزوعة السلاح? عنوان الاتفاق الذي وقعت عليه الخرطوم وحكومة جنوب السودان الذي يقترب انفصاله رسمياً عن الوطن الأم في التاسع من يوليو/تموز المقبل، لكن الاتفاق قد لا يكون حلاً نهائياً، لأهمية هذه المنطقة التي يريدها السودان جزءاً منه، فيما يطمع الجنوب بأن تكون له، وليس في الأفق ما يوحي بتخلي أحد الطرفين عن موقفه لمصلحة الآخر .
إلى أبيي، ثمة لغم متفجر آخر يعمل السودان على نزعه بأية وسيلة، هو لغم كردفان، في ظل إعلان الخرطوم أن ثمة تمرداً في ولاية جنوب كردفان وأن هناك مخططاً كان يعد لجعل كادقلي ?عاصمة الولاية? ما يشبه وضع بنغازي في ليبيا حالياً، مع ضم مدن أخرى تتم السيطرة عليها، ومن ثم الزحف على باقي السودان .
لغم كردفان مع لغم دارفور الذي لم ينزع بعد، يؤشر إلى خطر مصيري يضاف إلى خطر انفصال الجنوب، لأن هذا الانفصال المعروفة ظروفه ودوافعه والضغوط التي أدت إليه من داخل ومن خارج، يفتح الشهية أمام آخرين لاقتطاع أجزاء جديدة من السودان،خصوصاً أن ?الألغام? الثلاثة متحاذية، وتكاد تشكل الجزء الأكبر من هذا البلد، إن تم التساهل تجاه تمرير مخططات التفتيت التي تبتلى دول عربية بها .
الخرطوم مسؤولة وعليها في الأساس، وفي المقام الأول، أن تمارس دورها الجامع الذي يوصل إلى حفظ ما تبقى من السودان موحداً، من خلال سياسة متوازنة، وتنمية متوازنة ونظرة شاملة إلى الوطن عادلة وحكيمة، لقطع الطريق على أية تدخلات خارجية وأي تمرد داخلي يعتمد أسلوب العنف واللجوء إلى السلاح .
ألغام السودان متعددة، والأمل يحدو الجميع بأن يتمكن الحرصاء على هذا البلد من نزعها وطرد أشباح التقسيم والتفتيت التي تخيم فوقه .
الخليج