عقب زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي (التطبيع).. هل ينفض الغبار عن الملف (الملغوم)؟

تقرير: عماد النظيف
تواترت أنباء أمس عن زيارة وفد إسرائيلي رفيع المستوى للخرطوم، وذلك لبحث التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب، وأكدت أكبر المواقع الاسرائيلية الخبر وذهبت لقرب اوان التوقيع على الاتفاقية الابراهيمية، بينما نقل موقع (الشرق) عن مصادر سودانية تأكيدات بأن وفداً إسرائيلياً برئاسة وزير الخارجية إيلي كوهين حل في السودان أمس الخميس، لمناقشة قضايا من ضمنها تطبيع العلاقات ورجحت إحراز تقدم كبير.
ويبدو ان الخرطوم اليوم وعلى ضوء المتغيرات التي طرأت عليها بعد ذهاب نظام الانقاذ أصبحت اكثر مرونة للتعاطي مع ملف (التطبيع) الذي ظل ملغوماً كل ما تمت إزالة الغبار عنه، وثمة تساؤلات عديدة تتقافز الى الاذهان وهي ليست وليدة اليوم او أمس، وانما منذ اللقاء الشهير الذي جمع البرهان ونتنياهو في يوغندا قبل عامين ونصف العام، عن امكانية ان تتقدم خطوات التطبيع وسط طريق شائك تتباين فيه الآراء حيال هذا المحور.
(1)
ونقلت مواقع وكالات إخبارية أن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان قد أجرى مباحثات مشتركة مع الوفد الاسرائيلي ناقشت ملف التطبيع والقضايا الأمنية والعسكرية وسط توقع تقدم كبير.
ووقع السودان في يناير عام 2021م على اتفاقية إبراهام الداعية إلى التعاون بين البلدان العربية وإسرائيل، وبدأت أولى خطوت التقارب مع إسرائيل بلقاء جمع بين البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في يوغندا في فبراير 2020م.
وشهدت الفترة الماضية مباحثات غير معلنة بين مسؤولين سودانيين وآخرين من الاحتلال الإسرائيلي لبحث التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب.
(2)
وتطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل جاء نتيجة لضغوطات وشروط وضعتها الإدارة الامريكية في عهد الرئيس السابق لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب في عهد الحكومة الانتقالية، ولكن للمكون العسكري قصب السبق في كسر الحواجز وجعل التطبيع ممكناً بلقاء البرهان ونتنياهو في كمبالا قبل ثلاث سنوات.
وأكدت مصادر سودانية رفيعة المستوى لـ (الشرق) أن وفداً إسرائيلياً برئاسة وزير الخارجية إيلي كوهين قد حل في السودان أمس الخميس، لمناقشة قضايا من ضمنها تطبيع العلاقات، ورجحت إحراز تقدم كبير.
وقالت المصادر إن طائرة حملت وفداً إسرائيلياً يضم إلى جانب كوهين دبلوماسيين وعسكريين هبطت في العاصمة السودانية صباح أمس الخميس.
وأكدت المصادر أن الوفد الاسرائيلي عقد مباحثات مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان. وأضافت أن الوفد الإسرائيلي جاء ليناقش ملف التطبيع بعمق، مضيفةً أنه من المتوقع إحراز تقدم كبير في الملف.
(3)
وفيما تنشغل القوى والمكونات السياسية بالازمة السياسية المشتعلة، يبدو ان كثيراً من المياه قد تمر تحت جسر التطبيع.
ونقلت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية عن مسؤول إٍسرائيلي وصفته بالكبير، أن السودان يستعد للتوقيع على اتفاق تطبيع للعلاقات مع تل أبيب.
وأضاف مصدر للصحيفة أن الاتصالات الجارية بين تل أبيب والخرطوم ــ بمساعدة أميركية ــ حققت تقدماً ملموساً بين الجانبين يبشر بقرب التوقيع على ما تعرف باتفاقيات أبراهام.
وذكرت (هآرتس) أن ما وصفتها بالعلاقات الجيدة بين القيادة السياسية الأمنية الإسرائيلية مع السلطات العسكرية في السودان أحيت جهود التطبيع من جديد.
وفي هذا الأثناء هبطت طائرة إسرائيلية في مطار الخرطوم، وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن الطائرة التي تحمل اسم (فور إكس سي يو زد) (4X-CUZ) قد أقلعت من مطار تل أبيب فجراً متوجهة إلى السودان.
(3)
ويقول عضو مجلس السيادة السابق صديق تاور: (إن السودان منذ انقلاب البرهان فى (٢٥) أكتوبر ٢٠٢١م يرزح تحت سلطة غير شرعية وغير دستورية، وبالتالي فكل ما صدر ويصدر عنها لا يمثل سوى الأشخاص الذين يقومون بذلك.. سواء اتفاقيات أو تعهدات والتزامات لدول أخرى أو تشريعات وقوانين أو قرارات.. فكل ما يصدر عن سلطة الانقلاب غير شرعى وغير قانونى، وبالتالى لا يمثل السودان كدولة أو السودانيين كشعب.. ومسألة التطبيع مع دولة الكيان الصهيونى واحد من الأشياء التى يصر البرهان على فرضها كواقع على السودان بأية كيفية من الكيفيات، ويكفي إعلان الصهاينة صراحةً أن مشكلاتهم فى السودان مع المدنيين ولا مشكلة لديهم مع المكون العسكري.. وهذا يفسر دعمهم للانقلاب ضد إرادة السودانيين وثورتهم الباهرة.. وليس غريباً أن يدعم الصهاينة انقلاب البرهان فى السودان الذى يقف ضد الثورة والثوار وتطلعات الشعب السودانى الى سلطة مدنية كاملة تحقق له الحرية والعيش الكريم ودولة القانون والأمن والسلام.. فالدولة التى قامت على اغتصاب حقوق الآخرين وتشريدهم وسفك دمائهم.. وتمتلئ صفحات تاريخها بالممارسات العنصرية ومناصرة النظم العنصرية والاستبدادية فى إفريقيا والعالم، ليس غريباً عليها أن تدعم الانقلاب الدموى المستبد فى السودان).
وقال تاور: (ليس هناك تطبيع بين السودان والكيان الصهيونى.. وهناك أشخاص مطبعون لدواعٍ تخصهم ولا تخص الشعب السودانى، وهؤلاء استغلوا مواقعهم فى السلطة الانتقالية لمحاولة إقحام السودان فى نفق التطبيع البائس. ولم نسمع على مر التاريخ أن قدمت الدولة الصهيونية خدمة مفيدة بأى شكل من الأشكال لأى بلد من البلدان.. وحتى على المستوى الدبلوماسي فهذه الدولة محاصرة بجرائم ضد الإنسانية وتلاحق الجنائية الدولية قادتها بملفات كبيرة فى هذا المضمار، فكيف تحل مشكلات الآخرين إذا كانت هى نفسها متورطة فى ما هو أسوأ.. ففاقد الشيء لا يعطيه. وأهم من ذلك فالسياسة الإسرائيلية المعلنة تجاه السودان، منذ أن نشأت وإلى الآن، هى إضعاف السودان وتفكيكه لدويلات صغيرة ضعيفة متحاربة على أسس قبلية وإثنية، لأنها وبحسب ما هو معلن من تقاريرها الأمنية تعتبر السودان البلد الكبير بمساحته وسكانه وموارده مهدداً لوجودها.. وبالتالي نشطت فى دعم حركة التمرد فى جنوب السودان حتى انفصل الأخير من الدولة السودانية الأم، وتتجه الآن نحو دارفور والمنطقتين.. وهذا ليس سراً.. لذلك السؤال لمن يسوق لفكرة التطبيع: لماذا يريدون للسودان كل هذا الشر؟!).
(3)
ومن جهته يقول المحلل السياسي مصعب محمد علي: (لم يستفد السودان شيئاً من التطبيع لأنه لم يوقع بصفة رسمية عليه، وكل ما يجري كان مباحثات بين الاطراف السودانية والاسرائيلية قبل فترة ليست بالقليلة، واتوقع خلال الشهور القادمة ان تحدث تطورات جديدة، وذلك مقروء مع التحركات الإقليمية المختلفة بتسارع وتيرة التطبيع وتحولها من علاقات عسكرية وأمنية إلى علاقات تشمل جوانب أخرى. واتوقع ان يشكل ذلك ردود فعل كبيرة في الداخل السوداني، ويعيد الخلافات مرة أخرى إلى سؤال: هل تملك الحكومات الانتقالية حق التقرير في شأن التطبيع، ام الامر متروك لنظام ديمقراطي له برلمان يشارك في صنع السياسة الخارجية؟).
تأكيد المؤكد
لاحقاً وفي خبر مقتضب خلا من التفاصيل أعلن مجلس السيادة في خبر مختصر أن رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان قد إلتقى أمس بمكتبه، وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين والوفد المرافق له. بحضور وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق. وتطرق اللقاء مع وزير الخارجية الإسرائيلي الذي وصل البلاد في زيارة رسمية إستغرقت يوماً واحداً، لسبل إرساء علاقات مثمرة مع إسرائيل وتعزيز آفاق التعاون المشترك بين الخرطوم وتل أبيب في مجالات الزراعة والطاقة والصحة والمياه والتعليم لاسيما في المجالات الأمنية والعسكرية .وحث الجانب السوداني الجانب الإسرائيلي على تحقيق الإستقرار بين إسرائيل والشعب الفلسطينى. وكما تناول اللقاء أيضاً الدور الذي يلعبه السودان في معالجة القضايا الأمنية في الإقليم .
الانتباهة