حياءنا يمنعنا من البوح بانتهاك إسرائيل المتكرر لحرماتنا..التعتيم الاعلامي السوداني يدفعنا للتشكيك فيما ذهبت إليه نظرية «لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه».

حواديت – ألف مرة ومرة
د. أسامة الفرا
طائرة مجهولة الهوية تطلق صاروخاً على سيارة بالقرب من مطار بور سودان، هكذا صاغ إعلامنا العربي «مجهول الهوية» الخبر دون زيادة أو نقصان، فيما الصحافة الإسرائيلية أفردت عناوينها للعملية متناولة بعض تفاصيلها، دون أن تتبناها بشكل واضح، فيما ذهب موقع «نيك ديبكا» المحسوب على جهاز الاستخبارات الإسرائيلية إلى تبني العملية ضمناً، وزير الخارجية السوداني خرج بعدها ليقول « انه هجوم إسرائيلي بكل تأكيد، وأن إسرائيل نفذت الهجوم لإفساد فرص رفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول راعية الإرهاب»، لعل التصريح فيه الكثير من تسطيح الأمور ولي عنق الحقيقة، ويحمل في مضمونه أبعاد رد الفعل المقتصر على التعتيم الإعلامي، دون السماح له بالذهاب «لفظاً» لما هو أبعد من ذلك، العملية تعيد علينا سابقتها حين شنت طائرات حربية إسرائيلية «يناير 2009» غاراتها على قافلة سيارات شرق السودان، ادعت يومها أنها تقل أسلحة متجهة إلى غزة، وأودت العملية بالعشرات من السودانيين ومن جنسيات أخرى، ورد الفعل السوداني اقتصر يومها على التعتيم الإعلامي، ويبدو أن ذلك هو أقصى ما نطمح إليه من ردات فعل، ولعل هذا يدفعنا للتشكيك فيما ذهب إليه «اينشتاين» في نظريته «لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه».
الإعلام الإسرائيلي، الذي تركنا الإعلام العربي فريسة له، حاول أن يدخلنا في متاهة الطريقة التي نفذت العملية بها، فتارة يتحدث عن صاروخ أطلق من بارجة حربية في عرض البحر الأحمر، وتارة أخرى بصاروخ من سيارة، ولكن المرجح أن طائرة بدون طيار هي من نفذ الجريمة، وهذا يطرح جملة من الحقائق لا يفلح في تعطيلها التعتيم الإعلامي عليها، أولاً: أن الجريمة بملامحها ليست بحاجة لاجتهاد من أحد ليدلل لنا على أن إسرائيل من تقف خلفها، فهي صورة طبق الأصل لما تقوم به يومياً على مسمع ومرأى من العالم أجمع ضد الشعب الفلسطيني، وقطاع غزة يحتفظ في ذاكرته بالعشرات بل المئات منها، وثانياً: وهذا من الخبرة التي يجيدها أبناء قطاع غزة حول آلية عمل الطائرة «الزنانة»، فهي بحاجة لأن تمكث في الأجواء فترة زمنية طويلة نوعاً ما وهي ترصد الهدف، قبل أن تقدم على إطلاق صاروخها وتنسحب من الأجواء، ناهيك عن سرعتها البطيئة في الهجوم والانسحاب، فهل كان سلاح الجو السوداني في إجازة كي «تتمختر» في أجوائه دون أن يردها أحد؟، وأين هي قواتنا الأرضية أم اقتصر دورها عند حدود العرض العسكري في حضور القائد المفدى وأصحاب النياشين والرتب السامية؟، وثالثاً: أننا أصبحنا من محترفي التعتيم الإعلامي، ويتطلب ذلك منا أحياناً أن نشكك في اعترافات الجاني، على قاعدة «الستر ولا الفضيحة»، هكذا فعلنا حين أغارت الطائرات الإسرائيلية على قافلة السيارات في السودان، والشيء ذاته في غاراتها على قوارب الصيادين في بور سودان، ونجحنا أيضاً في إخفاء الجريمة الإسرائيلية حين استهدفت الطائرات الإسرائيلية منطقة دير الزور شمال سوريا، لولا بجاحة العدو بالإعلان عنها، ورابعاً: أن ما تقوم به إسرائيل في العمق العربي يستهدف دولاً تتمتع بكامل السيادة على أرضها، وتنتمي للأسرة الدولية بمنظماتها المختلفة، وهي ليست في حالة حرب مع إسرائيل، وحدودها ليست في تماس معها وتلك الملاصقة لها تنعم بالأمن والسكينة.
يبدو أن حياءنا يمنعنا من البوح بانتهاك إسرائيل المتكرر لحرماتنا، وأننا اعتدنا عليها وحضرنا لها تصريحاتنا الصحفية المقتضبة، وإن كان رسولنا الكريم حذرنا من الغفلة وتكرار الخطأ وحثنا على التيقظ وعدم الوقوع في الخطأ مرة تلو الأخرى لقوله صلى الله عليه وسلم «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»، إلا أنه يبدو أننا ارتضينا لإسرائيل أن تلدغنا من ذات الجحر ألف مرة ومرة.
الحياة الجديدة
معليش اسحق نيوتن هو صاحب القانون: لكل فعل ردة فعل…
خطأ اخر مقَدر: لم تخبرنا عن تعاون النظام الانقاذي الوثيق مع اجهزة الاستخبارات الغربية والاسرائيلية, فهم يستدرجون قادة المجموعات الاسلاماوية ليلقوا حتفهم كقرابين موَدة ليبرهنوا صدقهم في التعاون ضد الارهاب, وفي نفس الوقت يدعمون حماس واخواتها باكوام من مال الشعب السوداني المنهوب, كدلالة صدق توجههم الاسلاموي, والضحية في الحالتيين الشعب السوداني المفترى عليه من من كادوا ان يغتالوا بن لادن نفسه, وبعدها لاذ بالفرار الى كهوف افغانستان الباردة.
معليش يا بشير هذه ابتلاءات وضرب البلد ابتلاء وموت الاهل ابتلاء والسنة السفهاء والشامتين ابتلاء والقبض على جمر القضية ابتلاء والله المستعان