سقوطنا ام سقوط الاعلان

المجتمعات لا تسقط نحو الانحطاط فجاء ، المجتمع يسقط علي دفعات ، تدريجيا ، نحن كسودانين بداء سقوطتنا منذ ان (قررنا) ان نكون غير مانحن عليه فعلا ، قررنا ان نكون (ولاد عرب) ، والمشكلة هنا ليست في العروبة المشكلة في اننا (قررنا).
السقوط يبداء عندما تبدأ في التنكر لهويتك الحقيقية ، لان هويتك هي ثقافتك ، وثقافتك هي مجموع القيم والمبادئ والعادات والتقاليد حقتك ، ودي الحاجات البتكون ليك شخصيتك سواء شخصيتك كفرد او شخصيتك كمجتمع ، لما تتنكر لهويتك الحقيقية وتبداء تتلصق في هوية وشخصية تانية تبداء السقوط .
اول شئ بحصل انو تتعارض مكونات الهوية الجديدة مع مكونات شخصيتك الحقيقية ، لانه لايوجد هويتين متطابقتين ، ممكن يكونوا قراب ، لكن مستحيل التطابق ، لانو التجربة مختلفة ، في اختلاف في القيم والعادات والتقاليد وعلاقات افراد المجتمع مع بعض. وفي اختلاف كبير في سلوك الافراد والمجتمع ككل ، اختلافات تبداء من الاكل والشرب واللبس وتمر بالمشاعر والاحاسيس والفن وتنتهي بالاخلاق. كل شئ مختلف ، لكننا (قررنا).
الحقيقة ما قررنا نحن كافراد ، الحقيقة انو القرر فعلا هي مؤسسات الدولة ، الدولة السودانية منذ الاستقلال دولة الخرطوم وامدرمان (المركز) . قررت الدولة انها مسؤولة من تحديد وتعريف شخصياتنا ، دينا ، لغاتنا ، طريقة لبسنا ، طرق انتاجنا ، اكلنا ، علاقاتنا . بداء التغيير عن طريق المناهج التعليمية ، ومنهج التاريخ تحديدا ، كل التعليم المدرسي يقرر اننا دولة عربية مسلمة ، وبدون استحياء قرر اننا بيض الوجوه ، وبداء الصراع بيننا .
بين المركز (الدولة) ، وبين هوياتنا الحقيقة الموجودة في المناطق الجينا منها في الاقاليم المختلفه للسودان ، في الجهات الاربعة ، هويات مختلفة في ما بينها وبالتاكيد مختلفة مع المركز (الدولة) ، صراع المركز والهامش. مركز معاهو القروش والسلطة السياسية ، وهامش معاهو الارض والانتاج ، وهكذا استخدم المركز ما يمتلك من قوة ليمتص الهامش ، ارض الهامش وانتاج الهامش من زراعة ورعي وكل شئ ، ثم باستخدام ما نهبه ، يعمل علي تزييف هوية الهامش وتغيير حقيقته ، ليصبح كما قررت الدولة ، سودان عربي مسلم. او نفصله كما الجنوب او نخضعه بالقوة كما دارفور وجبال النوبة، والدور سياتي للبقية.
تغيرنا … تغيرت ملامحنا ، اصبحنا بيض الوجوه سودالاجساد ، نظن ان لوننا اسمر او اخضر او علي اسواء الفروض ازرق ، والاخرين ينظرون الينا بلوننا الاسود ويضحكون ويسخرون ، مفاهيم الخطاء والعيب وقلة الادب اختلفت ، معايير الرجولة والانوثة اختلطت ، فلا بقينا علي مانحن عليه فعلا ولا استطعنا ان نغيير من نظرة الاخرين الينا.
لذلك فان مثل الاعلان الفضائحي لتوظيف فتيات (جنس لطيف ولونها فاتح وصغيرة وحلوة) لوظائف غير محدده بدولة الكويت مر علي مكتب الاستخدام وعلي وزارة التنمية البشرية ووجد في صحيفة الانتباهه مستنقعا نتنا” لينشر ، والمسئولين لم يستغربوا ولم يندهشوا لاننا بالاجمال اصبحنا لا نندهش ، سقوطنا اصبح عاديا ،وسقطاتنا اصبحت سلوك ،والدولة الرسالية تريد ذلك وترعاه ، دولة البرنامج الاسلاموعروبي عملت علي تفكيك المجتمع واعادة تركيبه وفقا لرؤاها، ونجحت في عملية التفكيك ، هجرّت المخالفين بقطع الارزاق وحولت مؤسسات التعليم الي مؤسسات تجهيل ثم فصلت الجنوب ، وتحيط الخطاب العنصري بالرعاية والحماية ، واسواء الامور جميعا انها ضخمت اخطبوطها الامني حتي اصبح وحشا يحمي الانحطاط ويزل الناس ، كل لحظة تمر تنهار علينا قيمة او خلق او عادة او تقليد ، كل يوم تتأكل هويتنا ، نتحول ببطء شديد الي كائن مشوه ، يبداء الانحطاط كحوادث فردية ثم يصبح عاده سرية للمجتمع ثم قيمة علنية ثم انظروا الي ما تحولنا اليه ، دولة ترعي الدعارة. الدولة تعرف جيدا ان الدعارة اصبحت مؤسسة والاحصاءات تغرينا بالتساؤل حول الاعداد المهولة التي تسجل بدفاتر دور الرعاية الاجتماعية بالمايقوما وغيرها ، وقيام احياء باطراف المدن باتت تعرف باسم (الدايات) تقوم باعمال اطباء النساء والتوليد… تغرينا بالتساؤل الي اي درك نحن سائرون؟!!!
اللهم يا قوي يا عزيز يا جبار يا منتقم
ارينا في من افسد البلاد واذل العباد
ما يستحقوا من عذاب في الدنيا والاخرة
اللهم انزل بهم ما يستحقوا
اللهم افتنهم في انفسهم
وسلط عليهم من يسومهم خسفا
ويذلهم في الدنيا
وارحمنا و الاخيار الابرار من عبادك
برحمتك يارحمن
رائع رائع أستاذ نادر، لقد كفيت ووفيت ، تشخيص للواقع الذي نعيشه للأسف .. لك أجمل التحايا
لا شك في ان جريدة الانتباهة جريدة ساقطة اخلاقيا وانسانيا وفكريا وادبيا لانها تبث سموم العنصرية والحرب والتطرف الديني والحط من الكرامة الانسانية ليس بسبب هذا الاعلان وانما للمرتكزات الفكرية لما تحتويه من مقالات ومواضيع وخط استراتيجي لها!!!
ونحن نعتقد بان الاعلان لا يستحق هذه الضجة التي اتخذت بعدا انفجاري نسبة للقهر الفكري والسياسي والاخلاقي الذي يعيش فيه السودان الان وعبر عنه كتاب المقالات بهجوم في غير موضعه وانما هم يترصدون اي شئ حقيقي او ملتبس كي يفشوا غلهم من الوضع المتردي لاحوالنا. ولا اعتقد ان هزيمة الاعلام العنصري اللا انساني اللا اخلاقي الذي تقدح به وتمثله صحيفة الانتباهة يتاتي بهذه الطريقة الترصدية في غير موضع موفق وانما يتم بالنقد المحكم الرصين نقد القيم بسلاح الفكر الدقيق والمعلومة الموثقة والقيم الاخلاقية الانسانية العالية باقلام نظيفة صادقة حكيمة لا ترتكز علي كلمات السذاجة والبعد عن الواقع الاليم.
وثانيا من الافضل لكل معلن ولكل انسان يدير عمل ان يكون واضح في مقصده ومطلبه . فلننظر الي شركاتنا في السودان وفي سكرتيرات مدراء البنوك والجامعات وشركات الاتصال ومذيعات التلفزيون والقنوات الفضائية السودانية (وكل القنوات العربية للدول الاسلامية!!!) وخطوط الطيران ووكالات الحجز الجوي وحتي في الفن هل صعدت للقمة فنانة ليست جميلة وممشوقة القوام من مدرسة استاذ بابكر نجم (نجوم الغد) !!! في الخفاء وداخل الضمير يختارون الجميلات ببياض البشرة وجمال الجسم و الانوثة يا حبذا ان وجدت !!! صحيح لا يعلنوا عنها صراحة في الاعلانات والصحف ولكن في حقيقة الامر يتم تعيينهم بمواصفات شركة جمال الكويتية من صميم ضمائرهم !!! وما يفعله اصحاب المال والجاه والسلطة سوي في القطاع الخاص او العام في السودان في التعينات ومواصفاتها اردا مما اعلنته شركة جمال ويحمد عليه صراحته ووضوحه في ما يريد!!! والعيب كل العيب في نفوسنا وذهنيتنا المريضة وممارساتنا وسلوكنا الخفي !! وادعاءنا باننا اطهر البشر!!!
الكلام مع الناس ديل ما بنفع ….وقديما قيل
لا يسلم الشرف الرفيع من الادي حتي يراق بجانبه الدم