احذروا الشرق ..!ا

حروف ونقاط

احذروا الشرق ..!!

النور احمد النور

في 17 ديسمبر 2010م، صادرت السلطات التونسية عربة يد بدائية الصنع محملة بالفواكه والخضروات هي كل رأسمال الشاب محمد بوعزيزي البائع المتجول ذي الـ 26 عاما، وهو خريج جامعة، ظل يبحث لسنوات عن فرصة عمل تليق بمستوى تعليمه ولم يجد، ومثله مثل الملايين من الشباب العرب، قرر امتهان مهنة شريفة تكفيه قوت يومه..بيع الخضروات والفواكه، لكن السلطات في ولاية سيدي بوزيد كان لها رأى آخر، إذ بادرت بمصادرة عربة الخضروات بدعوى أنها لا تستوفي شروط الترخيص، فما كان من بوعزيزي إلا أن أشعل النار في جسده وتوفي بعدها بأسبوعين في المس?شفى.
وبعد مرور ساعات على هذه الواقعة، بدأت نيران الغضب والاحتجاج التي أشعلها بوعزيزي في جسده تنتقل إلى الشعب التونسي، وخاصة الطبقة المتوسطة التي تعاني من نسب بطالة عالية فكانت “ثورة بوعزيزي” التي أطاحت بنظام الدكتاتور زين العابدين بن علي،وتبعتها الثورة المصرية فالليبية واليمنية والسورية والحبل على الجرار.
وفي أول نوفمبر الجاري بولاية القضارف هذه المرة أشعل طارق محمد وهو جندي متقاعد من مصابي العمليات النار في ركشته التي يقتات حلالا مع أسرته من ظهرها، في مركز شرطة مرور بلدية القضارف احتجاجا على قرار البلدية باحتجاز ركشته بعد ما فرضت عليه غرامة قدرها مائتي جنيه لعملها من دون ترخيص، فلم يستطع توفيرها ،ودب اليأس في نفسه وتملكه الإحباط وخلال دقائق تحولت الركشة إلى رماد وهي كل ما يملك وحصل عليها بعد صرف حقوقه من المؤسسة العسكرية ليستعين بها على مجابهة الحياة القاسية.
طارق احرق مصدر رزقه في لحظة غضب بعد فشل كل محاولاته مع بلدية القضارف رغم انه سعى إلى تجنب الاحتكاك مع السلطات، وظل يعمل في الأحياء الطرفية لكنه وقع في يد سلطات المرور فاحتجزت ركشته ورفضت إطلاقها إلا بعد سداد غرامة تبلغ مائتي جنيه، وحاول دون جدوى إقناعها أنه لايملك المبلغ مما دفعه لحرق حصاد عمره الذي أفناه في خدمة وطنه ليريح البلدية وشرطة المرور.
هذه الحادثة رغم أنها فردية إلا أنها تحمل دلالات خطيرة،ويمكن قراءتها بما تشهده مدن الشرق من القضارف ذاتها قبل أسابيع عندما وقعت مواجهة بين الشرطة وأصحاب “زرائب” تربية الماشية بسبب قرار المحلية بإزالتها ما أدى إلى مقتل نفوس بريئة،والعنف في جامعة كسلا الذي انتهى بإغلاق الجامعة بعد تظاهرات وإصابة طلاب، ثم مقتل صبي وإصابة آخر برصاص شرطة مكافحة التهريب أمس الأول في وسط المدينة،وكان حادث مماثل وقع قبل شهور أيضا في كسلا.
ينبغي أن ينتبه واليا القضارف وكسلا ويركزا في قضايا مواطنيهما، فالشعب حين يتعطّش إلى الخبز والماء، ويحارب في مصدر رزقه، لايهتم بعصى الأمن الغليظة ولا بالقنابل المسيلة للدموع ولا بالهروات ولا بالسجون والمعتقلات ..البطالة والجوع والغلاء تزداد يوما بعد آخر، والفاقة تتمدد،وما الشعارات المناهضة لوالي القضارف على جدران المنازل والمرافق إلا رسالة تحذير يجب عدم إهمالها.
يجب أن ينزل الحكام من عليائهم لتفقد رعيتهم والتعرف على همومهم ومشاركتهم آلامهم وسماع صرخاتهم ومطالبهم ،فإذا اشتعل لهيب ثورة الجياع في الشوارع والحارات والأزقة لا يستطيع أحد أن يخمده ،فاحذروا رسالة الشعوب الغاضبة ، وأجراس التغيير إذا دقت فلن يستطيع أحد أن يوقف عجلة الزمان، وعلى حكامنا أن يعوا بأن الوقت قد حان للتغيير و للإصلاحات الجذرية وبناء المؤسسات المدنية الحقيقية ومحاربة الفساد وإشاعة العدل والحريات ودولة حكم القانون، وتسهيل سبل العيش الكريم ودعم الشرائح الضعيفة في المجتمع
. نعم،لم يعد دفن الرؤوس في الرمال مجديا، واجهوا الحقائق المرة قبل أن يخرج الأمر من أيديكم.

الصحافة

تعليق واحد

  1. شكرا استاذ النور على هذا المقال الرائع.والي كسلا لايعي هذا الامر ولاينظر لها بهذا البعد فهو بدا بمن صوت له ليفوز فطارد الغلابة ف ارزاقهم حملات وكشات ……زادت معانات اهلنا ف الشرق الصبور والداعم لهذه الثورة التي تنكرت لانسانه …..اين التنمية اين المصانع والمشاريع الزراعية واشركات والمؤسسات الطموحة التي توفر فرص عمل وتخفف عبئ الحياة والغلاء المتزايديوم بعد الاخر….لقد افلح الوالي ف التدليس والتلميس لشيخ حمد اميرقطر وامسك المايك جيدا حتى لايتعب السيد الامير ولم يستطيع ان يمسك زمام امور ولايته جيداحتى يرتاح مواطنه ….بل عل العكس لقد اطلق الحبل عل القارب لعسكره ليموت يوم تلو الاخر انسان برئي برصاصهم وهو لايعنيه هذا الامر فالانسان الذي مات لايعنيه والدلالة عل ذلك لم يحسم القتل برصاص المكافحة وتكرر الامر حتى اضحى اطلاق الرصاص داخل الاحياء وترويع الامنين امرا عاديا لايطرف له جفن هذا الوالي …..اين انت يالسيد الرئيس من هذه الفوضة التي ضربت مناحي الحياة ….وانت القائل ف كل لقائاتك ان اول من قدم لكم الدعم اهل الشرق ….لماذا هذا الاهمال ….احذرو الطيبووووون الاوفياء…هذا الوالي سيشعل شرارة الثورة والانتفاضة بغطرسته وعنجهيته وتجاهله لقضايا اهل الشرق ….بدات جامعة كسلا …..انقذو الشررررررق….قبل ان يشتعل……………………….

  2. لاشك ان حكام الولايتين كما كبيرهم يعانيان من تخلف عقلى واغلب الكوارث التى تصل الى اسماعنا تاتى من هاتين الولايتن المنكوبتين
    فوالى القضارف يبدو انه مشغول بالتجهيز لمخيم البطانة للعام القادم ويبحث عن الشعراء والشكارات وفحول العرضة والصقرية فلا ينتهى مخيم الا ويكون مستعدا لما بعده وليس لديه وقت لسفاسف امور الرعية فالجبايات تؤخد منهم وهم صاغرون

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..