نكتة.. وُريقة أديس

زمان مثل هذا

نكتة.. وُريقة أديس

الصادق الشريف

? كما كان متوقعاً.. فقد عاد الوفد الحكومي التفاوضي من أديس أبابا دون توقيع اتفاق لوقف المناوشات الدائرة بينهما.. بل ولا حتى إعلاناً لوقف العدائيات الإعلامية على الأقل. ? العلة التي أوقفت المفاوضات من أجلها هي عدم اعتراف الجنوب بوجود فصائل متمردة على الخرطوم ناهيك عن دعمها. ? ولكنّ النكتة هي طلب الوفد الحكومي توقيعاً مكتوباً من وفد الجنوب إنابةً عن حكومته.. بقول وزير الدفاع (طلبنا من جوبا التعهد كتابة بعدم دعم الحركات المتمردة). ? الطرافة تكمن في أنّ الأوراق (التعهدات والمعاهدات) في التاريخ السياسي السوداني لا تمثل أيِّ ضمانات ولا قيمة لها إطلاقاً.. وقد لا تساوي ثمن المجهود الذي يبذل في صياغتها والتوقيعُ عليها.. والأطرف أنّ معظم السودانيين يعلمون ذلك. ? هل هنالك مجهود تفاوضي ? في تاريخ البلاد ? أكبر وأعظم من ذلك الذي بُذل في نيفاشا؟؟. تسعة أشهرٍ بلياليها وأعيادها والناسُ منكبُّون على الإعلامُ.. والإعلامُ منكبٌّ على قاعات التفاوض.. والمفاوضون منكبُّون على الورق جالسون على الطاولات في المنتجع الكيني الوريف.. تسعة أشهر وبضعة أيام. ? والمجتمع الدولي يبعثُ خبراء التفاوض عوناً للفريقين.. ويرسل التحذيرات مغلفة بالأمنيات.. والطائرات تعبأ من السودان بالإدارات الأهلية تارة.. وبالعلماء تارةً أخرى.. وبمن خفَّ وزنه وعلت قيمته الاجتماعية أو السياسية أو الدينية. ? ثمّ ماذا؟؟؟. ? ثمرة كل ذلك اتفاقية هشة لم تنجح في تحقيق الهدف الأساسي منها (الوحدة الجاذبة) ولا الغرض الرئيس (الاستقرار). ? ولنترك نتائج نيفاشا ونعودُ للبدايات.. لنعود عشرات السنوات للوراء بحثاً عن تاريخ السودان القريب (نصف قرن فقط).. متى كانت الأوراق ضماناً لأيِّ عمل سياسي؟؟. ? اتفاقية أديس أبابا.. ألم تكن موقعة ومنفذة الى أن قرر طرفٌ من أطرافها أن (يموصها) هو ليشربها الطرف الآخر؟؟. ? ألم توقع الجبهة الإسلامية على (ميثاق حماية الديمقراطية) مع بقية الأحزاب؟؟.. ألم تنفض يدها عن تلك الاتفاقية وتنقض غزل الميثاق كأسوأ ما يكون النقض من حركة تتبنى القيم الإسلامية؟؟.. وهل هناك أرفع خلقاً من الوفاء بالعهود. ? ثمّ.. ألم تُدخل من تواثقت معهم الى السجون والمعتقلات بعد انقلابها الإنقاذي المستمر؟؟.. كأنّها لم تكتفِ بنقض العهود. ? ثمّ لنعد بضع سنواتٍ للوراء.. عقد أو أقل.. لنسأل مجدداً: هل كانت أوراق نيفاشا أقلّ شأنّا من الورقة الموقعة التي تطلبها حكومة السودان الآن؟؟؟؟. ? بل أين (نداء الوطن)؟؟.. أين (اتفاق القاهرة)؟؟.. أين (التراضي الوطني)؟؟.. أين (أبوجا)؟؟.. بل و(أين صاحبي حسن)؟؟.. كما في قصيدة أحمد مطر الشهيرة؟؟. ? تلك أوراق حملت اتفاقيات لم يشفع لها أنّ علّق الناس عليها آمالاً عراضاً.. أوراق إثر أوراق.. وتمضي مسيرة الحياة السياسية كأنّ لا شيئ حدث. ? كان مضحكاً أن يتمترس الاتفاق بين الدولتين خلف ورقة مكتوبة ترفض الخرطوم أن تمضي قدماً ما لم توقعها دولة الجنوب. ? كل المصالح التي تجمع الدولتين والتي يبصرها الجميع بما فيهم (أعمى المعرة).. كلها لم ترتقِ لمستوى أن تدفع بهما الى التوقيع على وقف العدائيات.. فهل تدفع (وريقة) ما بالحكومتين الى وضع السلاح على الأرض؟؟.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..