عندما تكون الدولة في خطر..!ا

بسم الله الرحمن الرحيم
عندما تكون الدولة في خطر..!!

محمد عبد المجيد أمين ( عمر براق)
[email protected]

لعل أبسط سمة من سمات الانتماء إلي الوطن هي ضرورة المحافظة عليه ومنعه من الانهيار وذلك لا يتأتي إلا بالتسامي علي الجراح وتحمل الآلام ، فعملية التضميد هذه المرة لن يستعمل فيها وسائل التخدير والمسكنات وأن وقف النزيف سيحتاج إلي التبرع بالدم من كل الفصائل وسيكون تقطيب الجراح في اللحم الحي ولا مجال لأي مساومة أو إبتزاز من أي طرف كان لأن جسد الضحية المثخن بالجراح لا يحتمل أكثر من ذلك ، فموته هو موت لنا جميعا وبدونه ، لن يكون للانتماء معني ، فهو الذي نشرب من ماءه ونأكل من أرضه ونتنسم من هواءه وربما نواري الثري فيه بعد حين.
إذا كنت هنا ، في ولاية النيل الأزرق ، فلن تشعر بعد ، بذلك الأمان الكامل الذي يجعلك تمارس حياتك بشكل طبيعي لأن قعقعة السلاح لا زالت تسمع والعدو الذي يرفع في وجهه السلاح ليس من المخلوقات الفضائية وإنما من بني وطنك ، أوصلته سوء السياسات إلي هذا المنعطف الصعب من الاقتتال بعدما غرر به من كل الأطراف واستلبوا حقه كمواطن وتاجروا بقضاياه في المنابر والمحافل الإقليمية والدولية حتى أثروا علي حسابه ، وظل كما هو ، مهمش ، لا ولي له ولا نصيرا .
ربما ينسحب ذلك الشعور بعدم الأمن والأمان علي كل الذين يعيشون في المناطق الطرفية المهمشة وعلي وجه الخصوص تلك التي يقعقع فيها السلاح حتى الساعة ، في الغرب وفي جنوب كردفان ، أو تلك التي تلوح فيها بوادر قلقلة في الشمال وفي الشرق ولا يريد أي عاقل أن تتفاقم الأمور أكثر من ذلك في أي من المناطق الأخرى لأن ذلك يعني ، ليس انهيار هذا النظام وحسب وإنما انهيار الدولة برمتها وساعتها ? لا قدر الله ? يمكن أن يحدث ما لا يحمد عقباه وتكون النتيجة…أنقاض دولة تذروها الرياح.
كلنا يعلم أن المؤتمر الوطني ، بسياساته الحمقاء هو السبب في كل هذه المآسي ولكن.!! لابد أن نلوم أنفسنا أيضا ، أحزاب معارضة وشعب علي كوننا شركاء في نفس جريمة الشروع في اغتيال الوطن . ذلك أننا ، بسبب جهلنا وأنانيتنا، ننظر إلي الوطن كـ ” غنيمة” آنية تنتزع خيراتها بغير عدالة وبطريقة موغلة في الذاتية ولا ننظر إليه بـ ” منهجية ” أساسها إصلاح الأرض وإعمارها ليستفيد منها الجميع ، حتى بتنا ، بذلك السلوك الشائن ، من المصنفين ضمن ” الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون”. الوضع الطبيعي الذي يمكن أن يؤدي إلي تلك النتائج الملموسة التي ينشدها الجميع هو أن نشترك كلنا وبكل مسئولية وتجرد في السلطة والثروة وأن نتساوى في الحقوق والواجبات كأسنان المشط.
لا يريد حزب المؤتمر الوطني ، الحاكم وحده ، أن يفهم ذلك حتى الآن ولا يري أنه يؤم الناس بفعل الإجبار وهم له كارهون ، ولا يريد أن يفهم أيضا أن شرط الدخول إلي الصلاة يحتاج إلي نية صادقة وإلي طهارة النفس (واللسان خاصة). كما أن” الإمامة” نفسها تحتاج إلي علم وحكمة وفصاحة لسان تشعر المأموم بصفاء النفس ورضاها مما يحقق الغاية المثلي من الصلاة. يبقي علي الإمام أهم شئ وهو.. أنه يصلي لمن ..؟!!. فالله تبارك وتعالي أرسل رسوله الكريم ” رحمة للعالمين” فأين نحن من هذه الرحمة… يا حضرات الحكام ؟!.
لا يستطيع أي إنسان في هذا البلد ، أوتي بعض البصيرة أن ” يربع” يديه ويتفرج بعد الآن فالأمر حقا جلل ويحتاج إلي تظافر الجهود ، بصرف النظر عن اختلافات التوجه والمشارب والمآرب إذ عليها أن تتوحد لتدارك ما يمكن تداركه وسيكون علي الرئيس وحزبه ، في ظل هذه الظروف الصعبة أن يتخلوا عن تلك العروض ” المغرية” لمحاولة جر الأحزاب الكبرى لاشراكها في حكومة جديدة ، يمكن أن تكون أسوأ من الحكومة الحالية لأن عنصر ” الثقة” العام وهو الأساس ، غير متوفر بعد ، كما أن جلنا وقد منح أخلاقه إجازة مفتوحة ينشد الثراء السريع ، تماما كمنسوبي المؤتمر الوطني حتى لو تطلب الأمر الإجهاز علي الضحية.
الحل الأمثل ، الذي أراه شخصيا ، أن يشرك الرئيس كل زعماء الأحزاب المعروفة في رئاسة الدولة بشكل مباشر وبشوري جماعية في اتخاذ القرار(قيادة رئاسية جماعية).*
في غضون فترة تلك القيادة الرئاسية الجماعية لا بد أن يصاغ دستور دائم موحد يساهم فيه ويرضي به الجميع بمن فيهم الشعب ولا بد أن توضع الخطط والبرامج الحقيقية لإعادة إعمار البلاد وإعادة وضعها علي المسار الصحيح .
في هذه المرحلة ، لا نحتاج إلي وزراء ومستشارين ووزراء دولة وكل هذه المناصب الورقية ” المحصنة” التي أثبتت كل مخرجاتها أنها أكثر من فاشلة ، لا تستحق حتى الأجر الذي يدفع لها من عرق وكد هذا الشعب وأن مواطن واحد منتج في حرثه وفي مصنعه أفضل بكثير من هذه” الفشخرة” الفارغة .
بل لسنا بحاجة إلي هذا الكم الفارغ من السياسيين في الولايات بقدر ما نحن بحاجة إلي سواعد منتجة ، ذات ضمير حي أجرها العمل بشرف ونزاهة بما يرضي الله .
ليس هذا الرأي يستهدف ” تفكيك” حزب المؤتمر الوطني وإنما يستهدف في الأساس ” تجميع” كل الأطراف المتنازعة لمواجهة مسئولياتها تجاه الوطن وتجاه الشعب وهو محاولة لإعادة صهر الوطن وإعادة تشكيله في بوتقة واحدة لها كيان وأهداف محددة من أجلها نعيش ، فكل فرد منا مسئول أمام الله وسيحاسب كل منا علي عمله ، فهل نحن مدركون لعاقبة الأمور؟.

الدمازين في : 2011/10/10
محمد عبد المجيد أمين(عمر براق)
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..