الأجانب في السودان و(قميص عثمان)

*في السعودية ملايين السودانيين يجدون الاحترام والتقدير في ذلك البلد. لم تنكر السعودية يوما دورهم في نهضة المملكة اقتصاديا واجتماعيا وتعليميا، حتى حينما يصلب سوداني بتهم منها القتل والاغتصاب لا يؤخذ المجموع بجريرته لأن تلك البلاد تعلم أنها حالات فردية وأنها لم تستجلب (ملائكة) بل بشرا فيهم الصالح وفيهم الطالح.
* على السعودية قِسْ باقي الدول بما في ذلك أوروبا، تستقبل موجات من المهاجرين الجدد. نعم ترتفع بعض أصوات هنا وهناك، وللأسف في غالبيتها أصوات متطرفة تتملكها فوبيا (ضياع الهوية).
* إلا أن كل دول العالم تحاول تحويل الأجانب إلى طاقة إيجابية تغذي الاقتصاد وتنفخ روحا جديدة في العادات والثقافات، وتعمل بقدر الإمكان أن يكون الأجنبي جزءا فاعلا من الدولة والمجتمع.
*أما في السودان، فالكل يضع الوجود الأجنبي في السودان في خط أحمر.
* أمين عام الحركة الإسلامية بولاية الخرطوم، حينما جاء متحدثا قبل أيام في مؤتمر صحفي لم يجد الصحفيون في حديثه غير خط باهت ردد فيه أن الوجود الأجنبي مهدد من مهددات الأمن. لم يتحدث في الموضوع من زاوية أقرب لطبيعة مفترضة للحركة الإسلامية ينفذ من خلالها للحديث عن فقه الاستجارة أو مبدأ مساعدة عابر السبيل، ولم يقل حتى إن بإمكانه تحويل هؤلاء الأجانب أو عدد منهم لدعاة حينما يعودون لبلدانهم.
*ووالي الخرطوم التي يكتب وزيره للصحة تقريرا عن تلوث المياه في بعض المناطق، ويشهد الواقع بتدهور الخدمات الصحية، ويسيل الدم بسبب الأراضي في بعض المناطق؛ لا يجد غير الوجود الأجنبي ليضعه في مقدمة تحدياته الأمنية.
*والشرطة كذلك تذهب في ذات الاتجاه الذي ذهب إليه الآخرون.
*والتقرير الجنائي الرسمي للعام 2014، يوضح أن عدد البلاغات ضد الأجانب نحو (55) ألف بلاغ في كل السودان من واقع ملايين الأجانب، فهل هذا العدد مقلق لهذه الدرجة؟ خاصة إذا علمنا أن جرائم الأجانب غالبها تنحصر في جرائم التسلل من السودان وإليه.
*هل الأمر يصل إلى حد أن أية جهة تريد أن تجعل من الموضوع (قميص عثمان)؟
*الحكومة حينما فشلت حججها في رفع الدعم عن المحروقات لجأت إلى القميص، هذا لتُحمِّل الأجانب المسؤولية، لأنهم يشاركوننا الدعم الحكومي المزعوم للمحروقات.
*وحينما يصل غضب الناس للحلقوم بسبب “اسطوانة الغاز” يأتي التبرير بأن السبب الأجانب وتهريب الغاز للدول المجاورة.
*وحينما يشتكي المواطن من سوء الخدمات العلاجية يطلب منه أن يلفت للأجنبي الذي يقف وراءه في صف (الحقنة والدِّرِب).
* الهجرة سادتي من والي الدولة في النهاية، هو حراك ديمقرافي حضاري قديم له سلبياته وإيجابياته، وعلينا أن نستفيد من الإيجابات ونتلافي السلبيات، وأن لا نجعل منه شماعة لخيباتنا.

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..