
بعد توليها مقاليد الحكم في أغسطس 2019م شرعت حكومة الدكتور عبدالله حمدوك في معالجة العديد من القضايا الساخنة، ومن ضمن القضايا ذات الأولوية القصوى لدى حكومتنا الانتقالية ملف السلام في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.
مع استمرار مفاوضات “جوبا“ بين وفد الحكومة ووفود جبهات الكفاح المسلَّح، برزت أخبار عن حصول تفاهمات بين الاطراف المختلفة بتخصيص نسب مئوية من المناصب المركزية والولائية لأبناء الولايات المنكوبة. فعلى سبيل المثال، أوردت وسائل الإعلام المحلية خَبَر اتفاق الجانبين: الحكومي والمُعارِض على تخصيص 20% من وظائف الخدمة المدنية لأبناء دارفور، وكذلك وردت أخبار عن الاتفاق على منح 40% من مقاعد المجلس المركزي للجبهة الثورية.
لا اعتراض على المعالجات المقترحة في موضوع وظائف الخدمة المدنية الهادفة إلى تحقيق العدالة لأبناء الولايات التي كانت مسرحاً للعمليات الحربية خلال العهد البائد، وخصوصاً ولايات دارفور الكبرى، ولكن كان المتوقع من أطراف التفاوض التركيز على المأساة الانسانية التي عانى منها سكان المناطق المنكوبة في معسكرات النزوح وليس التهافت إلى المناصب!
إن معسكرات النازحين في (أبو شكوك) و(كريدنق) و(كلمة) و(شعيرية) و(كاس) و(زالنجي) ،،، الخ، والتي ضمّت مئات الآلاف من النازحين الفارين من ويلات الحرب هي التي ينبغي أن تكون محور الحوار بين الحكومة وحركات الكفاح المسلّح، فهؤلاء النازحين قسراً من ديارهم وأموالهم ومزارعهم هُم مَن خَبِروا مآسي تلك الحرب اللعينة، وهم اللذين كان ينهال عليهم رصاص البنادق والمدافع الرشاشة وقنابل الطائرات الحربية فيسقط أبناؤهم وبناتهم شهداء وجرحى أمام أعينهم.
وبالتالي، يجب أن تكون قضية هذه المعسكرات هي مُبتدأْ ومُنتهى هذه المفاوضات، وليس المناصب المركزية والولائية.
ناضلَ شعب “جنوب افريقيا“ على مدى عقود ضد نظام الفصل العنصري وتعرّض شبابه للقتل والاعتقال والتعذيب، ولكن، وبالصبر والعزيمة نجح المواطنون هناك في تحقيق أهدافهم النبيلة في الحرية والعدالة وإزالة نظام الفصل العنصري. فحلّ التسامح محل العنف وساد السلام في أرجاء البلاد، وتمّ انتخاب الزعيم التاريخي “نيلسون مانديلا“ لقيادة البلاد. لم يفكر “مانديلا” الذي قضى نحو 27 عاماً من عمره داخل سجون نظام الفصل العنصري، لم يفكر في الانتقام من رموز نظام البائد، وإنما أنشأ لجنة الحقيقة والمصالحة Truth and Reconciliation Commission لتتولّى مهام إعادة االتأهيل والتعويض لضحايا الفصل العنصري على مستوى دولة “جنوب افريقيا“.
أعتقد أنّ نساء ورجال وأطفال دارفور القابعين في معسكرات البؤس حول مدن دارفور وفي الجارة تشاد لِما يقرب من عقدين من الزمان، يستحقون حلولاً جذرية لمعاناتهم مع التهميش والتشرد والاغتصاب.
واجب حركات الكفاح المسلح الدارفورية المنهمكة حالياً في التفاوض مع الحكومة باسم شعب دارفور أن تدرك أنّ قضية إنسان دارفور أكبر من المناصب ومن حصص التوظيف في الخدمة المدنية.
سكان المعسكرات يطلبون منكم التفاوض مع الحكومة لتحقيق المطالب التالية لشعب دارفور:-
*إعادة تأهيل المزارع والقرى التي فرّ منها النازحون وتمكين أهلها من العودة إليها.
*التأهيل النفسي لهؤلاء المساكين وإعادة الثقة والأمل لهم ومحو آثار وأهوال الحرب التي علقت بالأذهان والقلوب.
*التعويض المادي المجزي للضحايا وأسرهم.
*نشر ثقافة السلام وتعزيز روح الأخوة بين سكان دارفور الكبرى والتعاهد أمام الجميع بأنّ الحرب قد وضعت أوزارها وأنّ كل مواطن أصبح الآن آمناً مطمئناً له حقوق وعليه واجبات، وأنّ الجميع سواسية أمام القانون ولن يفلت أحد من العدالة.
*العمل على إعادة الُّلحمة وتمتين النسيج الاجتماعي بين الناس بمختلف إثنياتهم وتوجهاتهم، وأنّ التعايش والتعاون بين المجموعات الافريقية والعربية في دارفور كان هو الأساس الذي قامت عليه دارفور في الماضي وينبغي أن يكون هو أساس دارفور الحاضر ودارفور المستقبل.
إنسان معسكرات النزوح في دارفور يخاطبكم أيها المتحاورون باسمه بأنّ المناصب والمكاسب الشخصية لا تعنيه وإنما يعنيه الوطن، أو كما قال الفنان الكبير لطفي بوشناق من تونس:-
خذوا المناصب والمكاسب ،،،بس خلّولِــــــــــي الوطن..
التحيـــــة،،
طه داوود
[email protected]
السلام ويقصد به سلام السكان في دارفور من النازحين واللاجئين وعودتهم إلى ديارهم وحواكيرهم ومزارعهم وضمان الأمن لهم في حياتهم ونشاطهم كما في السابق قبل الحرب اللعينة بين النظام البائد وحركات التمرد والتي تحمل ويلاتها السكان وليس الحركات التي هرب قادتها للخارج عدا القليل. هذه هي القضية، وبانتهاء الحرب بسقوط النظام فإن القضية الوحيدة ولا أقول الرئيسية هي قضية رد الأمن والأمان ورد الحقوق والتعويض لهؤلاء السكان فهم وحدهم المتضررون. أما مسألة المناصب والوظائف فهي قضية السودان كله وهي وضع الشخص المستحق المناسب في المكان المناسب، أي نزاهة الخدمة العامة دون اعتبار للحزبية أو العنصرية أو القبلية أو الجهوية أو اللون والدين! أما مسألة المناصب الدستورية وإن شئت السياسية العليا أو القيادية فهذه حلها في نظام الحكم الذي يحسمه الدستور الجديد الذي يجيزه الشعب ولا يجوز للانتهازيين في الجبهة الثورية استباق الدستور للاستيلاء على مناصب لم يستحقوها بموجبه ولا يجوز استثناؤها وجعلها فوق الدستور كمان! إن مطالبتهم بأن تكون اتفاقية السلام بينهم وبين الحكومة الانتقالية فوق الدستور مطالبة غريبة ومضحكة خاصة وهم لا يقصدون الدستور الانتقالي فحسب (أي الوثيقة الدستورية) وإنما يقصدون استمرار تخصيص هذه المناصب والتقسيمات الإدارية والتخصيصات المالية وتوزيع الموارد الاقتصادية والتي سيتفقون عليها مع الحكومة الانتقالية وتضمينها في الدستور الدائم بعد انتهاء الفترة الانتقالية! وهذا لعمري لا يجوز دستوريا ولا قانونيا! فلا الحكومة الانتقالية مفوضة في تقرير ذلك ولا يجوز للحركات المتمردة على النظام البائد مصادرة حق الشعب في إقرار دستوره الدائم وتوزيع موارده وتحديد كيفية إدارة بلاده. وأي اتفاق يتم بين الطرفين في جوبا خلاف هذا فهو اتفاق غير دستوري وباطل ويستحيل تنفيذه وسوف تبطله المحكمة الدستورية مهما نص على كونه فوق الدستور ومهما سموه اتفاق سلام وهو لم يقتصر على سلام المعنيين بالسلام من النازحين واللاجئين من سكان دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة وأهل الشرق وكافة السكان الذين مارس النظام البائد عليهم سياسة التهميش والتكويش على ديارهم ومواردهم واستغلالها لمصالح حكمه ورموزه. فإن اقتصر اتفاق السلام في جوبا على هذا فإنه من قبيل رد الحقوق والتعويض على انتهاكها وهو اتفاق ملزم قانونا لأطرافه ويلزم تطبيقه وتنفيذه قانونا.
الاخ كك،، تحية طيبة.
أشكرك على هذا الطرح الواضح لآليات الحل في دارفور.
نعم لجان التفاوض في جوبا وفي غير جوبا تركوا الأهم وتركوا المهم أيضاً وانصرفوا لمناقشة نسب التوظيف وعدد المناصب والمكاسب، وهي لن تسمن ولن تغني من جوع لساكني المعسكرات أصحباب القضية الأساسية. الجماعة ديل محتاجين قرصة في ودانهم.
التحية..
الاخ طه داوؤد
لك التحية في المقال القيم
الاخ :كك
هدا هو المطلوب
تسلم أخي عبدالرحيم على التعليق.
نسأل الله أن يصلح حال البلاد.
التحيـة..