يَرْكُبوا الحميرَ، ويركبونا المواسير!!ا

يَرْكُبوا الحميرَ، ويركبونا المواسير!!
تيسير حسن إدريس

خالجت النفس المحزونة مشاعر فرحٍ وحبور خجول، جراء استرداد جهابذة نظام الإنقاذ المنبطح خارجيا، والمستأسد داخليا على شعبه ، للنخوة والحمية الوطنية التي عادت من غربة طويلة، ناهزت العشرين عاما، عبر ملف الأرض السودانية المحتلة (حلايب)، غَيْرَ أنَّ (الحلو ما يكملش) حيث شابة تلك الفرحة، وذاك الحبور الذي عم الصدور، حَيْرَةٌ مردُّها التوقيت، الذي رأى رجال الإنقاذ الأشاوس أن يحركوا فيه ملف حلايب المحتلة والمهملة منذ عقدين ، ولا ندري ما الذي دار في أذهان القوم ودفعهم فجأة لنفض الغبار عن الملف المهمل، وما هو الهدف الأساسي والرئيسي من وراء تحريكه في هذا التوقيت بالذات، والأشقاء في مصر يعيدون ترتيب البيت بعد أن استطاعوا تطهيره من رجس ودنس نظام مبارك الفاسد.
أرجو الله صادقا أن يكون هدف الجماعة من وراء هذه التصعيد المستغرب شريفًا، وأن لا يكون -كما عودونا دائما- محاولة جديدة للصيد في الماء العكر، وأن يسعوا جادين لإحداث اختراق حقيقي في هذا الملف، يحفظ للوطن حقوقه وكرامته ويعيد حلايب بلا قيد أو شرط. أما إن كانت نفوسُهم الأمارةُ بالسوء قد زَيَّنَتْ لهم بأنَّ ظرفَ ومناخَ ما بعد الثورة الشعبية في مصر، مهيأ وسانحٌ لتلاعب بهذه الورقة لكسب الوقت، وخداع الشعب، خاصة في غياب الطاغية المصري؛ الذي كانوا يخشون كيده، ويرهبون لقاءه في العلن، بينما يتربصون به في السر لاغتياله، فلن تدوم هذه اللعبة طويلا، وسرعان ما تفضح كنهها الأحداث والأيام، وعندها سيجدون أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه، بين مطرقة الجماهير، وسندان حكومة مصر الجديدة الباحثة عن إثبات الذات وكسب ثقة مواطنيها.
عمومًا نهج الجماعة في ممارسة الحكم طوال الفترة الماضية يرجح احتمال التلاعب بهذا الملف لكسب الوقت، فهم أجبن من أن يتخذون موقفا جادًا في هذا الصدد، والدليل صمتهم المطبق على احتلال منطقة (الفشقة)، على الحدود الشرقية من قبل دولة تعد أضعف بكثير من مصر عدة وعتادًا، والغالب أن ما يرمون إليه من هذه الخطوة لا يتعدى أن يكون استغلالاً انتهازيًّا للظرف الذي خلقته الثورة المصرية، وحَبْك لعبة جديدة لتنفيس شدة الاحتقان الداخلي، يشغلون بها الجماهير والجبهة الداخلية، ويلهونها عن الحراك الثوري الذي بدأ يتبلور ويتشكل بين صفوفها، منذرًا بعواقب مشابهة لما حدث في مصر وتونس، ويحدث في ليبيا واليمن اليوم.
إذا هي محاولةٌ بائسةٌ لاستدرار العطف والسند الشعبي المنحسر لحشد الجماهير ولفها حول قضية وطنية خارجية، تصرف الأنظار عن عورة الفشل الداخلي، وتكسب النظام مزيدا من الوقت ،ريثما تنقشع عاصفةُ التغيير التي تعصف بالمنطقة، وتدكُّ عروش الأنظمة الفاسدة المشابهة لنظامهم ، إنها القشة التي يتمسكون بها علَّها تَقِيهم شرَّ الغرق، ولا تعدو أن تكون حديثَ بخس لفض المجالس، والاستهلاك المحلي، واللعب على عقول ومشاعر البسطاء، تفيض به خطب وتصريحات قياداتهم التي أعيتها الحيلة، وفرغ جراب حاويها من الكذب والنفاق، الذي استهلك حتى نضب، فراحوا يستجدون الشعب بصبره وإحسانه (أنَّ شعبَ السودان واعٍ وفاهمٌ ) و (90% من الشعب يناصرون الإنقاذ وعندنا تفويض شعبي) وقصة: (نحن أولاد خلا والناس ما عارفين أن ثلاثة أرباع الحكومة ركبوا الحمير واللواري والبصات والمحل البلقوا فيها أكل عيش دي المحل البخرفوا فيها)!! مال شعب السودان الذي أتعستموه وكل هذه (الجقلبة) والحديث الماسخ المكرر؟!!
نعم نحن شعب السودان نعي ونفهم: أنَّ جلَّكم من أولاد الخلا الذين امتطوا الحمير -وقد تكونوا فعلتم بها أفظع من ذلك- ونعلم كذلك أن معظمَكم قد أتتْ به الصدف للعاصمة والمدن، فتلقفته يد الشيخ الذي علمكم السحر، وأوغر صدوركم على أبناء البيوت العريقة، حتى صارت أسمى أمانيكم أن تطاولوهم في البنيان، و تتقربوا إليهم زلفة مصاهرين، تسبقكم سوء نواياكم، والعالمون ببواطن الأمور يذكرون التوجيه التنظيمي الصادر يأمر من استطاع الباءَ منكم بالتسلل لتلك العوائل الكريمة بدواعي المصاهرة فالغاية تبرر الوسيلة، ذلكم المبدأ الذي آمنتم به وتربيتم في كنفه وسرتم عليه، ولكن مرة أخرى نعود لنسأل مال شعب السودان وكل هذا؟!! وما شأن ركوب الحمير (بساسه يسوسه)، وهل ركبكم للحمير مبرر كافٍ لكي تُرَكِّبُوا شعبَ السودان قاطبة الهواء والمواسير؟!! سبحان الله.

تيسير حسن إدريس 23/02/2011م

تعليق واحد

  1. نعم نحن شعب السودان نعي ونفهم: أنَّ جلَّكم من أولاد الخلا الذين امتطوا الحمير -وقد تكونوا فعلتم بها أفظع من ذلك-
    ما قلت إلا الحق يا أخ تيسير هؤلاء القوم الحمير ارحم وأشد عطفا منهم !!!مسأكين الحمير يركبوهم ويحملوا متأعهم عليهم وبعد ده يضربوا بيهم المثل في الفقر وما علموا بأن الحمير أغني وأنبل وأشجع منهم.

  2. حلايب دى عمرها ما كانت مشكله معا اخوانا المصريين..البشير يحاول خلق فجوه مع الشعب المصري صاحب الثوره الباسله ليطلع لنا العوغاء بعد ذلك و يبلعوا الطعم لمحاولة خلق عداوه مع المصريين في هذا الوقت والبشير فرط في جنوب السودان..والله الواحد فعلا خجل من رد المصريين من هذا المهرج الذي فضحنا وكسر عينا مع اخوانا المصريين ,…ونفس الفيلم معا ليبيا الان تطلع علينا خارخية البشير وتقول ان سودانيين اشتركوا في قتل ليبيين ..يا جماعه البشير يحاول ان يوقع بين الشعب واصاحب الثورات في مصر وليبيا وخلق فتنه .,عشان الناس علي الاقل يكون بينهم حاجز نفسي …رجاءا لا تسموا له فهو يحاول بشتي الطرق ان يحمي عرشه لانه يعلم ان الطوفان قادم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..