العظة أولى من الشماتة في دينق ألور

يوسف الجلال

إقلاع..
حالة التوق الأبله لتناول أيما قضية فساد، قادت صحف (دولة) الصحابة، المبرأة من انتهاك (حرمة) مال المسلمين، إلى الاحتفاء برفع الحصانة عن القيادي الجنوبي دينق ألور ورفيقه كوستا مانيبي، وكأنما تلك الايادي الابنوسية امتدت لمال السودان العام..! بل ان صحافة الخرطوم أفردت الصفحات والعناوين الحمراء، للحديث عن تلكم الواقعة، بشبق (جرنالجي) مفضوح.. انا أجد العذر لورّاقي الخرطوم فقد تشهّوا وقتلهم التمنّي بأن يُسمح لهم بتناول قضايا الفساد، في بلد أضحت فيه الأنوف “مزكومة” برائحة العبث بالمال العام، فتأمل..!!

تحليق…
خامرني إحساس متقلب الأطوار، لا يستقر على حال من السخرية والتهكم، على الخرطوم، التي تهللت أساريرها فرحا بخبر يفيد بضياع (مبلغ) من المال في دولة لم يعد يهمنا مالها العام في شئ.. لكن ماذا نفعل مع السياسيين الذين تتملكهم الشماتة..! أتُراهم فرحين لكون ذلك يمنحهم السانحة لترديد الاسطوانة القديمة المشروخة، القائلة بان الفساد سيطيح بالدولة الوليدة.. حسنا دعونا نُسايرهم في هذا التحليل المزعوم دونما سند، والمتوهم بلا قرائن دامغة، ودعونا نطرح السؤال الموجع، (هل بيت مال السودانيين مُصان في دولة المشروع الحضاري، بالدرجة التي تجعلنا نُصاب بشهوة إصلاح دول الجوار، في إطار التوسعية المسنودة بالأيدلوجيات والمرجعيات اليمينية..!).

من حق المرء أن يحار ويندهش، حين يصعقه سيناريو الشماتة والفرح الموشح في جباه قادة المؤتمر الوطني، لمجرد خبر يفيد بتورط نافذين بدولة الجنوب في حادثة فساد، مع أن أمثال تلك الواقعة موثقة وليست معدومة في الشمال الجغرافي للسودان الوطن الكبير.. أليس من حق المرء ? بعد هذا – أن يتعجب من التهافت الغبي، لتحليل الحادثة بعيدا عن كونها تُعطي دروس مجانية لحكومة السودان ? لو تتعظ ? في الشفافية وتقديم المجرمين للعدالة. خاصة أولئك الذين أدموا جسد الوطن والمال العام بالطعنات الحارقة والموجعة، أتُرى سيتخندق الحزب الحاكم ? بعد فاصل الشفافية هذا – في مربع إدمان التستر على اللصوص من وراء (منصة) فقه السترة..!

تمنيت لو أن صحافة الخرطوم (افترشت) واقعة تجريد دينق ألور وكوستا مانيبي من الحصانة (كبساط) لاستدراج حكومة الخرطوم للمشي عليه مرغمة، كتدشين لحملة قومية – تحرسها الاقلام النزيهة – لصون المال العام من اللصوص، بعدما تمادوا وتعالت بناياتهم الشاهقة، دونما مساءلة من احد، حتى من (ابو قناية) الرجل الذي مضى دون أن يقول كلمته، بعد أن امتلأ فمه بماء التنظيم و(الخوة) في الله..!

هبوط …
لسنا في حاجة إلى تذكير من يرفعون شعار (ربط قيم السماء بالأرض)، بدرع علي بن ابي طالب كرم الله وجهه، ولا بناقة ابن امير المؤمنين عمر بن الخطاب التي بدأ عليها اثرٌ من (شحم)، بينما حط (الهزال) على رصيفاتها.. لسنا في حاجة لذلك، فتلك حادثات مُثبّتة ومنقوشة في سيرة الأطهار.. لكننا في حاجة ملحاحة للفت انتباهة الحاكمين والحكام في بلد الشريعة المتوهمة، الى ضرورة الاتعاظ من دروس الشفافية المجانية، ولو على (طريقة) دولة جنوب السودان، التي تتخلص – مع مرور الايام – من براثن التوصيفات التي تضعها في مصاف الدول الرّخوة، بينما تغوص أرجل السودان الشمالي في الوحل، كلما صارع للخروج من قوقعة ومحاضن التستر على اللصوص والمجرمين.

يوسف الجلال – هبوط إضطراري
صحيفة (الأهرام اليوم)
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بالنسبة للجنوب الأمر لا يعدو أن يكون تصفية حسابات قبل موعد الانتخابات .. أما الشمال قلا يستطيع أن يشمت على فساد الجنوبيين وهو والغ فيه , فالشماته في اختلاف قادة الجنوب وصراعهم الذي سيدفع سلفا ويقرِّبه لأحضان المؤتمر الوطني مكرهاً لا بطل .

  2. وعلى ماذا الشماته فدولة الجنوب الوليده تحاسب الفاسدين او من يدور حولهم الشبهات وترفع عنهم الحصانة ويتم التحقيق هذا في الدولة الجنوب الوليدة فماذا في دولة المشروع الحضارى الذى يدعى انه دولة الاسلام والاسلام برئ منهم فهم يعملون بفقه السترة والتستر على سارقى مال الشعب الفساد عم القرى والمدن واصبح حديث المجالس وتطاول الكثير في البنيان ولا حسيب ولا رقيب البلد منهوبة وكان من يحكمنا عصابة لا حكومة فاين العدالة يا من تدعون التقرب الى الله ووصلت بهم الوقاحة ان يحلم احدهم بانه راى رسولنا المعصوم صلي الله عليه وسلم واجزم انه لم يحلم ولم يري الا الشيطان هذا ان كان في الاساس قد حلم هولاء لايستحون ولا يخجلون ويسرقون على عينك ياتاجر وكل اهل السودان يعلمون والنظام يعلم فمن يحاسب من فكلهم فاسد وكبهم سارق فمن اين لهم بهذه العمارات والفلل والشركات والاموال الطائلة والزوجات مثنى وثلاث ورباع هولاء قوما ياصديقى لايخافون الله لذا علينا ان نخاف منهم

  3. ربما يريد بعض البسطاء الذين تعودوا على التحليلات الساذجة أن ينسبوا الأمر إلى صراعات مفترضة داخل الحزب الحاكم في دولة السودان الجنوبي، فقد تعود الكثيرون عندما هنا على المضي في هذا الدرب الذي لا يكلف شيئاً من الجهد العقلي، ولكني أقول أنه حتى ولو افترضنا أن الرئيس سلفا يريد من هذه الخطوة تحقيق بعض النقاط على طاولة السياسة ففما لا شك فيه أنه يكسبه قلوب الجماهير السودانية في دولة السودان الجنوبي التي بدأت تشعر بأن أهل الفساد عندهم يتحولون إلى مؤسسة فاعلة تمكينية قادرة على البقاء على النحو الذي صارت عليه الأمور في دولة التوجه الحضاري في الخرطوم ، الأمر الذي يعني صعوبة تفكيك هذه المؤسسة فيما بعد. ومن ثم فإننا ندعم مثل هذه الخطوة ، خاصة وأن الرئيس بدأ منذ فترة في مقاربة أهل الفساد بأكثر من طريق ابتداءً من مؤسسات لم يكن هناك من يتكهن بامكانية المساس بها من قبل. والأمور تسير الآن نحو غايتها المحتومة حيث من المؤكد أن أركان الفساد الذين اعتقدوا أن بامكانهم البقاء لعهود أخرى سيجدون أنفسهم قريباً خارج قاطرة الحكم إن شاء الله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..