أخبار السودان

رحيل الشيخ الترابي .. صفحة إنطوت وأخرى تنفتح !

لحظة الرحيل هي للعبر واستقراء الدروس وطي صفحات الخلاف الشخصي و تباين الأفكار وهي في عقلانية التفكير القويم لابد من أن ينأى فيها الناس عن تقليب المواجع .. فهي ليست لحظة شعور بالشماتة في كل نفس سوية وانما سانحة للدعاء للراحل بالرحمة والمغفرة أيا كانت الزاوية التي نقف عندها حياله لا سيما إن كان شخصية عامة في قامة الدكتور حسن الترابي ..اختلف معه الناس أم اتفقوا معه.. فكل نفس ذائقة الموت .
الرجل شكل صفحة عامرة بالعلم والعمل فيها مافيها مما يستوجب وقفة طويلة لتقليب تلك الصفحة التي انطوت برحيله بعد مسيرة كانت في كل مراحلها مصدر اثارة لجدل حول دوره السياسي الذي امتد لما يزيد عن النصف قرن .. تقلب فيها ما بين دعم الثورة الأولى ضد دكتاتورية نوفمبر ومتحالفا مع ديكتاتورية مايو و نافضا عنها يده بعد سقوطها ومن ثم سقوطه في امتحان ديمقراطية ابريل حيث لم يجتاز استحقاق دائرته الإنتخابية فانقلب على تلك الثورة التي لم تتجاوز الثلاث سنوات من عمرها المتعثر بأمراض عدم الوعي في ادارة الديمقراطية على اصولها ..ليقود مع الجيش إنقلاب الانقاذ 1989 بدلا عن بذل فكره في اصلاح إعوجاج عود تلك الديمقراطية و كان عرابا لتلك الإنتكاسة و زعيمها من خلف الستار ولكن على غير المتوقع وعلى حين غرة انقلب عليه تلاميذه الذين كانوا قد تعلموا منه السحر وأقصوه عن مسرحها لما يقارب الخمسة عشر عاما الى ان عاد اليهم ثانية قبل رحيله بفترة وجيزة منذ ذهابه بعد المفاصلة الشهيرة واسس كيانه الحزبي باسم المؤتمر الشعبي .. قبل أن يعود ويشكل ضلعا موازيا في إدارة دفة الحوار الوطني الذي رفده بأفكار لم يكتب له أن يرى ثمار حقلها في بيدر مخرجات ذلك الحوار!
وبرحيله يترك الدكتور الترابي فراغا كبيرا في حزبه بل في ساحة الحركة الإسلامية على المستوى الداخلي والإقليمي .. ولعل الصفحة الجديدة التي ستنفتح بعد غيابه سترتسم فيها الكثير من خطوط الصراع المتداخلة حول خلافته التي لم يترك ملمحا لها .. لكونه كان يملك من كاريزما الهيمنة الكاملة التي جعلته يتقدم كل الصفوف اللاهثة خلفه بمسافة كبيرة ولعل ذلك ما يجعل إنتخاب خليفة يسد الفراغ الذي تركه برحيله مهمة صعبة وربما تشكل مرحلة مابعد غيابه ملامحا جديدة ليس على المشهد في أروقه حزبه بل على مستوى الحركة والحكم .
اللهم زد في حسناته إن كان محسنا وتجاوز عن سيئاته إن كان مسيئا.. والعزاء لأسرته ومريديه وأتباعه وأهله ..وانا لله وانا اليه راجعون

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. شكرا اخي برقاوي نعم ليس في الموت شماته وعلينا الا نلعن الظلام علينا ان نوقد شمعه وهي كيف نخرج من النفق المظلم الذي يحيط باجيالنا القادمه ذهب الترابي وترك فراغا هذا الفراغ له اثره وهذا واحد من اخطائه انه ضرب علماء الحركة وجمع حوله الناشطين وذاق منهم الان الحركة الاسلاميين في مفترق عدة طرق لابديل للترابي في عمه وذكائه وفطنته وتلاعبه بالظروف واستغلالها …يبدو ان المحنة ستزداد بتشظي الاسلاميين بعد الاتحادييين واليسار وحتما ستزداد سيولة الوضع اكثر الناس جهلا سينضمون للبشير اي للسلطه لا للفكر والسلطه نفسها في متاهة …المهم الان اخي برقاوي كيفية الخلاص واخذ العبر مما حدث في تاريخنا حتي نكرره وحتي لا يلعب اخر بعاطفتنا الديمية وتجييرها كما يريد آن الان لعقلنا الجمعي ان يتوحد رخم الله الترابي بما قدم وعمل وهو بين يدي مليك مقتدر يحتاج للرحمه اكثر وهذا شان المسلم شكرا الاساءة لا تنفع ولا تقدم عملا يرجي منه

  2. حول خلافته التي لم يترك ملمحا لها .. لكونه كان يملك من كاريزما الهيمنة الكاملة التي جعلته يتقدم كل الصفوف اللاهثة خلفه بمسافة كبيرة ولعل ذلك ما يجعل إنتخاب خليفة يسد الفراغ الذي تركه برحيله مهمة صعبة . سنعرف الان إن كان الدكتور الترابي زكي فعلا أم لا . إن ترك الحبل على القارب ليتصارع انصارة من بعده على كرسي الخلافة ويتقسم الحزب لعدة أحزاب كل يمنئ نفسة برئاسة الحزب وأنه هو الاحق والاقدر والاجدر ووووو أما إن كان قد جهز خليفة من بعده وأخذ علي الجميع بيعتة وعدم مخالفته ليستمر الحزب بنفس الزخم والعدد ولا أظن ذلك لسبب بسيط جدا لو كان فعلها لكنا سمعنا بها وسط هذا البحر المتلاطم من الاعلام المرئي والمسموع . وسوف تكشف لنا الايام ماكان حال الرجل . اسأل الله له الرحمة والمغفرة ولاشماتة في الموت فكلنا وارده .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..