الشرق ودارفور بعد الانفصال

الشرق ودارفور بعد الانفصال

د. طه بامكار
[email protected]

قال مستشار الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإبادة الجماعية الدكتور فرانيسس دينق(أن الأسباب الحقيقية للصراع في السودان هي تمركز السلطات والخدمات والتهميش والعزل الذي يمارس على الأطراف في توزيع الخدمات والسلطات مما خلق حالة من الحنق والنزع نحو المقاومة المسلحة مشيرا إلى أن هذه الحالة لا يختص بها الجنوب وإنما كل المناطق الطرفية والبعيدة عن المركز في الشرق والغرب والشمال.). هذا التصريح من الدكتور فرانسيس دينق يوضح ان مشكلة السودان ليست في جنوبه فقط وانما هنالك اطراف اخري تعاني من الهمينة المركزية القابضة القاسية وهذه الاطراف هي شرق السودان وغربه وشماله، والمناطق التي علي مسافة قريبة من الانفجار بعد الانفصال مباشرة هي بالترتيب دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق وكردفان وولاية البحر الاحمر. هذه المناطق كان وميض النار فيها واضح ولكن نخب الخرطوم غضت الطرف. إذن مشكلة السودان تتمثل في همينة بعض النخب علي كل السلطات، وتتمتع هذه النخب بكل انواع الخدمات التي تفتقدها الاطراف. وهذه الهيمنة دفعت دارفور دفعا للتمرد حتي تم تدويل القضية. كانوا يستهونون قضية دارفور ويقولون سببها جمل واحد كما عبر عنها الرئيس الليبي، ولكن هذا الجمل وصل الي مجلس الامن والمحكمة الجنائية ووصل قتلي هذا الجمل الآلاف. وهنالك قضية أخري لا تقل عن قضية دارفور وهي قضية شرق السودان الذي تقتله الحكومة عمدا ومع سبق الاصرار. قدر الله ان يكون شرق السودان من أغني المناطق في السودان وانسانه بسيط تكفيه بعض من العدالة في الموارد ولكن النخب في الخرطوم تصر علي إفقاره وتجويعه وقتله بسوء التغذية. من قبل قال مستشار رئيس الجمهورية طبيب أسنان مصطفي عثمان إنه يأسف علي هذا الوضع البائس لانسان شرق السودان. وهو هذه الايام بين ظهرانينا ينادي بالاستعداد للحرب ويحمس في شبابنا وطلابنا لمواجهة التحديات في حال انفصال الجنوب. مسكين السيد المستشار لأنه لا يدري إنه لو كان هنالك خيار لنا في تقرير مصيرنا لأخترنا نحن أبناء الشرق الانفصال. لا يعقل ابدا ان نتعايش معكم في ظل هذا الظلم المهين نموت جوعا في اريافنا وتموتون بالتخمة في عاصمتكم. يموت في اريافنا ومدننا التعليم ويزدهر في اريافكم ومدنكم بالمناسبة نحن في ولاية البحر الأحمر(قبل الطيش) في الشهادة السودانية وبعدنا ولاية جنوبية واحدة وسوف نكون مميزيين جدا بعد الانفصال. لدينا كل او معظم موارد البلاد في شرقنا مع هذا نعيش في اريافنا علي الاغاثة من منظمات أجنبية. نحن أيضا نريد منكم وحدة جاذبة في ظل عدالة توزيع السلطات والموارد. اخشي ان تستهونوا قضية الشرق وتتعاملوا معها باهمال مثل جمل دارفور فتصل الي مجلس الامن ويتم تدويلها فتقطع امريكا جزءا اخر من هذا الوطن الذي كاد ان يضيع بين ايديكم.
لست شامتا ولكن الحالة تحتاج الي صراحة وجرأة ارجو قبولها بصدر رحب.أما بخصوص قضية جنوب السودان وهي الهم الاكبر هذه الايام اقتطعت ملخص مداولات الندوة التي اقيمت في نيروبي الخميس الماضي (30/9) والتي شارك فيها الدكتور الطيب زين العابدين وكانت بعنوان«جنوب السودان: خيار الانفصال وآثاره على منطقة الجوار» هذه الندوة نظمها معهد الدراسات الأمنية (مقره في جنوب إفريقيا وله مكتب في نيروبي وآخر في أديس أببا) بالتعاون مع معهد العلاقات الدولية بهولاندا. الجميل في هذه الندوة هو مخرجاتها النهائية التي لخصها الدكتور في مقال له في جريدة الصحافة ملخصا تلك الورشة (يخلص المرء من مداولات هذه الورشة ومثلها كثير في عواصم الدول الإفريقية والغربية أن شمال السودان (العربي المسلم) عليه عمل الكثير من أجل تحسين وتطوير صورته وعلاقته مع الدول الإفريقية والغربية التي ساءت كثيراً في العقدين الماضيين، وآن له أن يؤسس مراكز بحثية قوية يؤمها أهل الكفاية والخبرة والفكر المستقل حتى تعين الدولة في تحديد خياراتها السياسية بناءً على دراسة رصينة وتحليل موضوعي عميق بدلاً من العشوائية والاجتهادات الفردية والتزلف بما يشتهيه الرؤساء من رأي ومقترح، وهي السمة السائدة اليوم في أداء كل مرافق الدولة السيادية والاقتصادية والخدمية……….).
هذه الوصايا بالنسبة للعلاقاتنا مع جيراننا ولكن يمكن ان نستفيد منها في دراسة احوالنا في الداخل بطريقة منهجية ونحل قضية المركز الذي يظلم الاطراف، وقضية النخب التي لا تتيح الفرص للمناصحة والمفاكرة. هنا في الداخل قضية حقيقية تسمي دارفور وشرق السودان ارجو تناولها بجدية ومنهجية بعيدا عن العشوائية وبعيدا عن حارقي البخور.

تعليق واحد

  1. الدكتور طه بامكار لقد اطلعت علي مقالكم وكان في غاية الروعة واكثرما اعجبني فيه صراحتك المعهودة في هذا الوقت بالذات الذي يمر فيه سوداننا الحبيب بمحنة الإنفصال الذي يطرق ابوابنا بشدة ويشجعه علي هذا الطرق هذا الكم الهائل من التصريحات الغير مسؤلة من نخبة المؤتمر الوطني والتي بحيث تدري اولا تدري اساءت الينا جميعا اذ كيف لرجل يشهد ان لا اله الا الله يطمع لنفس كرمها الله بجرعة دواء حتي وإن كانت هذه النفس لادينية هذه ليست من تعاليم ديننا وإنما هي من افعالهم.

  2. سواء تعليمية أو صحية أو وظيفية وإهمال الأقاليم من هذه الخدمات وهذا الوضع كرست له كل الحكومات التي تعأقبت علي حكم السودان سواء كانت حكومات ديمقراطية أم عسكرية،والحل الذي أراه بعد ذهاب هذذه الحكومة هو قيام الحكم اللامركزي

  3. د.طه انسان الشرق تلقى هزائم متكررة من الحكومات المتعاقبة وسوف لن يرحم التاريخ هؤلاء القاسية قلوبهم ،انسان الشرق مثل لاعب كرة القدم الذى له مهارات عالية ولكن تجده دائما فى دكة البدلاء لأن ادارة الفريق ومدربها ضد هذا اللاعب ومسألة الدفع به فى القائمة الاساسية للفريق يتيح لهذا اللاعب فرصة لظهور مستواه الرفيع لجمهور الفريق ويكون له موطىء قدم فى القائمة الاساسية للفريق ومن ثم يطيح بهم جميعا ، هذا هو مفهوم الحكومات القاسية التى تولت مقاليد الحكم فى السودان طيلة الفترات .

  4. :cool: بادن الشرق سيكون المحطه الثانيه ىبعد الجنوب مباشرة رغم انف العميل ايلا حينها جبيت لن تحميه

  5. المقال جيد وبه وصف تحليلى لطبيعة الشرق وأهميته الاستراتيجى عليه نؤيد ونرحب بدعوة انفصال الشرق الذى قال عنه المفكر الوطنى الراحل د جون قرن ان الشرق اكثر تهميشآ من الجنوب وباقى السودان وذلك ابان زيارته للشرق 98 :lool: :mad: :rolleyes: :cool: :confused: :o

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..