جنوب كردفان بعيون جورج كلوني!؟..سلوك الحكومة السودانية يصدر عن مخيلة عربية رثة

محمد جميل أحمد

قبل أيام نقلت شاشات التلفزة العالمية، صورا للممثل الأمريكي المعروف جورج كلوني مقيد اليدين مع والده أمام مبنى السفارة السودانية في واشنطن.

وكان سبب اعتقال الممثل المشهور هو احتجاجه، عقب زيارته لمنطقة جبال النوبة بجنوب كردفان، ووقوفه على مدى الانتهاكات الفظيعة التي وقعت على المدنيين من قتل وتشريد وحرق لمنازلهم بطريقة مخزية عبر طائرات الحكومة ؛ الأمر الذي أدى به للتحرك مع بعض أعضاء الكونغرس والوقوف أمام السفارة السودانية في واشنطن ما أدى في النهاية إلى اعتقاله.
وكان جورج كلوني قبل اعتقاله قد أدلى بشهادة عن الأوضاع الإنسانية بجنوب كردفان أمام الكونغرس حيال الفظاعات التي ترتكبها الحكومة السودانية تجاه مواطنيها في جنوب كردفان.

وبظهور جورج كلوني على شاشات التلفزة العالمية بتلك الطريقة التي تم بها اعتقاله بدا واضحا أن ثمة اقترانا شرطيا استدعى الحديث عن مأساة أبناء جبال النوبة ومعاناتهم في بعض الفضائيات العربية لاسيما في برامج أخبار الصباح لدى قناة عربية معروفة !
ربما يتساءل المرء هنا عن طبيعة تلك التداعيات المفاجئة التي تنعكس على اهتمام الإعلام العربي بمآسي السودان، عندما يهتم الإعلام الغربي بها عبر نجوم الفن والسينما ؟

والحال أن ماحدث في السودان من مآس لم يكن خاضعا لاهتمام الإعلام العربي إلا بتلك الطريقة التي تقتضي ردود فعل تحدث في الغرب ثم تنعكس على إعلام العرب. ولعل في قضية دارفور ما يكشف عن تلك الحالة الغريبة في موقف ذلك الإعلام الذي يعكس دائما تخلفا مشينا، وبطريقة لا ترى في الوقائع معنى واحدا من حيث الأهمية لقد وقعت مجازر في دارفور على خلفية الميز العنصري، وجرى تدمير للقرى وتهجير للسكان وإحراق لمنازلهم بطريقة انتفض لها الإعلام في الغرب إلى درجة وصلت فيه ردود الأفعال إلى مدارس الأطفال في مدن أوربا للقيام بمبادرات من أجل دارفور، فيما كان الإعلام العربي متخاذلا ومتناسيا لما يجري هناك.

إن ذلك الانعكاس المخجل لقضايا السودان الإنسانية في الإعلام العربي من خلال الإعلام الغربي هو في تأويل ما، أثر من آثار المخيلة العربية حيال السودان، وهي مخيلة لا تعنى كثيرا بتحديد القيمة في التغطيات الإعلامية إلا من خلال إدراك متأخر ومتأثر بردود الفعل العالمية.

قد يكون ذلك، في دلالة أخرى، نتيجة لخضوع ذلك الإعلام لإكراهات الأنظمة القمعية، وارتباطه زمنا طويلا بملابسات وتوجيهات تلك الأنظمة بما يفقده القدرة على تمثل قيمة الرسالة الإعلامية بمعناها المستقل، من ناحية، وصدوره عن واقع تخلف متغلغل في نسيج البنية الفكرية والاجتماعية في هذه المنطقة من ناحية ثانية.

والحال أننا سنجد ذلك المعنى المشين أيضا في واقع الحكومة السودانية، وسلوكها الذي يصدر عن مخيلة عربية رثة لشمال السودان، بلغت أسوأ نماذجها الكارثية في ظل حكومة نظام الإنقاذ الذي يحكم السودان منذ انقلاب العام 1989م.

فتلك الحكومة التي أشعلت كارثة دارفور منذ العام 2003 على خلفية تحويل صراع الحواكير في دارفور من صراع في الطبيعة إلى صراع سياسي، عبر الفرز العرقي الذي أنتج تلك الأهوال والمجازر، لا تزال تعيد إنتاج ذلك السلوك في منطقة جنوب كردفان. ولأن أبناء جنوب كردفان هم أيضا من قومية النوبة ذات الأصول الزنجية فإن هناك ما يغري بتجديد أهوال دارفور. لاسيما في ظل تصريحات المسئولين في الخرطوم على خلفية تلك الهجمات الجوية التي شنتها الحكومة على المواطنين مما أدى إلى قتلهم وتشريدهم وإحراق قراهم.

لقد ظل مسئولو الخرطوم يرددون أن ما ينتج عن ذلك القصف الجوي هو من هوامش اندساس المتمردين وسط الأهالي بمنطقة جنوب كردفان ؟ !

وإذا كان هناك عذر أقبح من الذنب فهو في تلك التصريحات العنجهية المتغطرسة لمسئولي الحكومة في الخرطوم من أمثال (قطبي المهدي) (وربيع عبد العاطي) الذين يطلون على الفضائيات العربية بتصريحاتهم..

كيف يمكننا أن نصدق مثل هذه التصريحات المبررة لفعل القتل العشوائي من طرف قوات الحكومة لمواطنيها في منطقة جنوب كردفان، في ضوء إدعاء الحكومة فوز مرشحها أحمد هارون في الانتخابات الأخيرة على منافسه من الحركة الشعبية بقطاع الشمال عبد العزيز الحلو ؟

فإذا كان أحمد هارون ــ وهو أحد الأسماء المطلوبة للمحكمة الجنائية الدولية ــ هو من فاز، حقيقة، في الانتخابات الأخيرة بجنوب كردفان، فكيف يمكن لأهالي جبال النوبة أن يقبلوا باندساس متمردي الحركة الشعبية في صفوفهم ؟ فبحسب زعم الفوز ستصبح منطقة جبال النوبة موالية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، لا معارضة له ؟

ولعل في الأحداث الأخيرة التي أدت إلى اعتقال النجم السينمائي جورج كلوني على خلفية احتجاجه أمام السفارة السودانية بواشنطن، مايكشف لنا عن بعض الفظائع التي وقعت هناك. فقد قال كلوني ــ بحسب صحيفة الحياة اللندنية ــ أنه (شاهد مئات يفرون ذعرا إلى التلال والكهوف في جنوب كردفان بسبب الطائرات التي تحلق فوقهم باستمرار ملقية القنابل). في ضوء هذه الحقائق المريرة عن الإعلام العربي حيال مآسي السودان. وحيال أوهام حكومة السودان الإسلاموية العروبية، كيف يمكننا عدم فهم تلك الفظاعات التي ترتكبها الحكومة تجاه مواطنيها من غير العرب؟
[email][email protected][/email]

ايلاف

تعليق واحد

  1. هي نفس العقلية المتخلفة المشينة التي نظر بها الإعلام العربي لأكراد العراق عندما أطلق فيهم الرئيس سيئ الصيت صدام حسين أسلحته الكيماوية .. والإعلام العربي عنصري حتى النخاع .. تضطر بعض القنوات من باب تبييض الوجه عمل مقابلة هنا وهناك للفظائع التي ترتكب من حكومات عربية لعناصر تماثل النوبة والفور .. وأؤكد لك أن هذا النهج لا يثبت إلا خواء العقول والتقوقع والإرتداد إلى عصور وأد البنات ..

  2. قد لا يعنيني كثيراً أن يهتم العرب أو يتابعون ما يحدث في السودان فهم لا يعتقدون و لا نعتقد بأننا جزء منهم لكن الذي يقتل قتلاً هو الإهتمام المبالغ و الزايد عن حده لما يحدث في بلاد أخرى و عدم الإهتمام بما يحدث لمواطنيين سودانيين حتى الأمس المساجد تدعو للسوريين و تدعو على الاسد و لم يذكروا شيء عن مواطن سوداني واحد . تسير القوافل لغزة و لبنان وغيرها و لم تتحرك أي جهة سودانية لجبال النوبة أو جنوب النيل الأزرق الأزمة سادتي ليست عند العرب فهم يدرون ما يريدون الأزمة عندنا نحن الذين لا ندري و لا ندري بأننا لا ندري. توقفوا عن إستجداء الإهتمام العربي فهو لا يغني و لا يسمن م جوع

  3. ماذا تريدون ان تفعل القنوات العربيه ان تقف فى جانب الزنوج ضد مايسمون عرب ام تريدوها ان تقف ضد المشروع العربي في السودان ولا يهمهم ان تمت ابادة النوبه او الفور كل همهم اقامة دوله عربيه في السودان

  4. تحفيظ الدين و العنف التى تلازمها يخلق إنسانا غير سوى: تالمت وتعكرت صفوة ضميرى و تفكيرى عندما شاهدت مقطع وثائقى عن تحفيظ الفرآن فى الخلاوى و الكتاتيب من حيث العنف المفرط ضد الاطفال من الجلد المستمر بالسياط و التوصيف النابى (التكفير و العزاب بالنار) و التحريم من الاكل و النوم و وقيد الاطفال بالاغلال (الكلباش المجنزر) هؤلاء الاطقال لم يعرفوا طعم نعمة الحياة و لا حلاة الطفولة و لا الحب و اللعب او السمر و القصص فى الليل قبل النوم. بالاخنصار هؤلاء الاطفال يتم حشوة عقولهم بالدين عنوة و بالاكراه، العنف المفرط ضدهم لا تخلق فيهم إلا قلوبا متحجرة مليئة بالقسوة و الكراهية و عدم الانسانية او الرحمة، هؤلاء الاطفال هم ضحايا الشيوخ الذين لا يجسدون روح الدين و الدين برئ منهم. على قول المثل ” من شبه به صغيرا شاب عليه كبيرا” و ما تزرعون تخصدونه, زرعتم فى هؤلاء الاطقال العنف و الإذلال و الكراهية و الخوف من النار السعير و الترهيب و لا سبيل للجنة إلا الشهادة. و الآن تستغربون عندما تحصدون ما زرعتم فيهم. لان البزرة عندما تنبت نعطى نفس نوعها تماما. تلك هى العقلية الرثة التى توارثتها السودانيون الشماليون و إنعكست نمطيتها تماما على سلوكيات الحكومات السودانية المتعاقبة التى تمليها العقل الباطن من مخزون الطفولة التعيسة التى لا تتوافق فيها روح الدين السمح المفروض عنوة على العقول و قساوة القلوب الناتج عنها ليخلق إنسانا وحشيا متعطشا للدماء متبررا بالدين و غيرها لاقناع ملته بنبل المهمة الموكلة إليهم من اجدادهم. لذلك لم يتوان الحكومات السودانية المدنية و العسكرية من إستخدام الآلة العسكرية السودانية لقتل شعوبها الافريقية فى جنوب السودان و دار فور و جنوب كردفان و الانقسنا و تجسدت هذه العقلية الرثة فى استخدام الجنجاويد فى التصفيات العرقية فى دار فور من قبل الحكومة و الآن تتكرر المآساة نفسها فى جبال النوبة و جنوب كردفان و الانقسنا و تستعرض الجيش عضلاتها فى هذه المناطق حيث لا تفرق بين المواطن و المتمرد تنفيذا لسياسة الارض المحروقة (نريد الارض فقط و ليس الناس) كما تستنفر الحكومة كل طاقاتها فى التعبئة الجهادية لاعادة الكرة مرة ثانية تحقيقا للولاية الثانية السودانية الجهوية, احادية العرق و العقيدة و بتكرار هذا النمط و النهج ستكون البشرية فى تهديد مستمر من مثل هؤلاء الوحوش التى تجسد الارهاب بعينه. و لكن مع مرور اكثر من نصف قرن و إستمرار الحكومات السودانية فى تصفية شعوبها، إلا ان هذا تواجه بصمت مطبق من قبل النخبة السودانية و بالمثل الاعلام العربى خدمة لمصالحهم العرقية و الدينية، و عندما يفضحهم الاعلام الغربى يتهمونهم بالعداء لهم، من هم اكثر انسانية و تكريما للحياة ، اقصد المؤمنين، هل نحن ام هم؟…..

  5. انا اكثر تعجبا عن غيري في محاكاة الحكومة السودانية حتي في فتل السودانين وفرض العروبة علي حساب السودان و قتل الانظمة العربية لشعوبها ليست بغريب نتيجة عدم الدرايه و الوعي التنموي والثفاقي باحوال الشعوب وطريقة تقديم الاعانة والخدمات لزا كثيرا ما لجؤ الي القتل والتجويع والتشريد والقمع والحكومةالسودانية هي زيل الحكومات العربية والزيل ياخذ الاشارة دئما من العقل لزا السودان يصنع كل ما بوسعها لتحرير نفسة من العبودية المعتقد في لون العربي السوداني الاسمر الادمي اللون المكسي بالميلانين الواقع من الشمس لكن الحكومه الانقاذ هي جلابية علي عنق الدولة فقط لزا ليس فيها ادني برامج لدرجة مقرر الاساس من الكويت والسعودية بدل ما كنا احسن الناس في افريقيا والعرب من ناحية العلوم والدراسة الجامعية اصبحنا اسوي الناس في الدراسة مقررنا الدراسية في الجامعة ادني من مقرر الثانوي في البلدان المجاورة والطالب في المرحلة الجامعية اليوم لايعرف سوي قبيلتة وانتمائه التي توظفة بعد التتخرج والدولة تعزز البعض علي الاخرين جعلية شيقية حمير دناقلةغنم خراف سبحان الله حتي الحشرات في السودان صنفو منهم من لاتشمله المبيد لانهم اقرب صلة بالرئيس وعشيرتو كالطيب مصطفي وغيرهم من من هم دعاة الجاهلية بعد الاسلام

  6. صدام كان واحدا من الطغات الاربع مثله مثل البشير ومعمر القذافى والاسد الذين ابادو شعوبهم جهارا نهارا ولقد وسلط الله علهم اليهود والنصارى ليزلزلو عروشهم فبشيركم هذا سياتى يومه ان ربك لبالمرصاد

  7. الليلة مجتهد خالص ياعمار “المسلم”, مكفر ليك اثنين من المسلمين. حقو بعد كدة تغير اسمك, سقط عنك اللغب بأمتياز.

  8. هي وينها العروبة اللي لمن كمان بتصدر من مخيلة عربية رثة ياكلوني ياكلب…العرب قوم عنصريون وهذا معروف عنصرية لاتقل عن عنصرية الخواجات نفسها ان لم تكن اسوأ واقبح والدليل في فضائياتهم المرئية والمسموعة كلها تنضح بالعنصرية لازلت اتذكر حديث مذيعة العربية العنصرية الحقيرة منتهي الرمحي ايام حرب ليبيا سالت ضيفها وقالت له ولكن متي سيتم معاقبة الدول الافريقية..اي ازدراء اي احتقار هذا وكمان قناة الجزيرة التي تصر علي استخدام كلمة زنوج نكاية في السود علي ما يبدو..كفاية احداث ليبيا لافرقوا بين سوداني ولا تشادي ولا ماعرف ليك شنو …متي سيقتنع السودانيون انهم ليسوا عربا اصلا ومتي سيفيقون من هذا الوهم اصلا…الناس ديل عنصريين حتي النخاع باطنا وخارجا….انا افريقي الهوية وافتخر بهذه الهوية واعتز بها وسحقا و طز في من يزدريني للون بشرتي او عرقي…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..