(110) مليارات دولار دخلت البلاد خلال سنوات البترول العشر..الحكومة تدفع الآن ثمن أخطائها الاقتصادية

حاوره: د. أنور شمبال

رسم الخبير الاقتصادي حسن ساتي، القيادي بحزب المؤتمر الشعبي وأمين أمانة الاقتصاد السابق صورة قاتمة للوضع الاقتصادي بالبلاد، واصفاً إياه بأنه في حالة ركود تضخمي، حيث يرى أن الاقتصاد متراجع والأسعار مرتفعة معتقداً أن هذه الحالة هي الأسوأ، وقال في حواره مع “الأخبار” دخلت البلاد خلال سنين البترول العشر (110) مليارات دولار، ما يعادل (10) مليارات سنوياً ولم يتم توظيفها في الاقتصاد والتنمية وتم توظيفها في تغطية عجز الموازنة الذي يتسع كل عام، منبهاً إلى أن ذلك السبب وراء انهيار الاقتصاد وتوقف القروض والاستثمارات الأجنبية، وانخفاض قيمة العملة الآن.. فإلى مضابط الحوار:

لماذا تصر الحكومة على رفع الدعم عن السلع الإستراتيجية؟

عندما نقول رفع الدعم يعني أن السلعة تباع بخسارة أو بأقل من تكلفتها ولكن معلوماتي تؤكد أن السلع محل الجدل ليست بخاسرة ولم تبَع بأقل من التكلفة!

ما دليلك على ما تقول؟

برميل الجازولين من المصفاة يكلف (17) دولار ما يعاد “119” جنيهاً ويعني سعر الجالون ثلاثة جنيهات، وإذا أعطينا الحكومة والشركات الموزعة نسبة “25%” و”15%” على التوالي وأخرى “10%” ليصبح سعر الجالون “4.5” جنيهات وبذلك يغطي تكلفته وأرباح الحكومة والشركات الموزعة فيها. وهو يُباع اليوم بثمانية جنيهات وهذه زيادة عن سعر التكلفة بنسبة “100%” وهذا يعني أن أي حديث عن رفع الدعم كلام للاستهلاك وفق هذه المعطيات.

هناك بند في الميزانية العامة من بنود الإيرادات تحت عنوان “أرباح البترول”، ومقدر له حوالي خمسة ملايين جنيه، هل يُعقل أن قطاعاً يحقق من الأرباح للدولة هذا المبلغ ويكون في نفس الوقت مدعوماً، المفروض أن يحصل العكس.

ربما أرادت الحكومة تغطية عجز الموازنة الكبير؟

نعم الحكومة درجت على استغلال جهل الناس، مع عدم توفر المعلومات الدقيقة حول البترول لتغطية العجز في إيرادات الموازنة الذاتية، والتي ظلت معجزة لسنوات طويلة ومتراجعة.. بمعنى آخر لو أخذنا نسبة مساهمة الإيرادات الذاتية في الإنفاق العام منذ “96 ـ 2005م” بلغت ” 90%” ومن المفترض أن تغطي الإيرادات المصروفات، فيما كانت تغطي هذه الإيرادات قبل دخول البترول الموازنة أكثر من “90%” ومن العام 2005م بدأت تنحدر نسبة مساهمة الإيرادات الذاتية في المصروفات إلى أن بلغت أقل من “50%” في السنوات الأخيرة “2010ـ2013” وارتفع عجز الميزانية من “5%” في تسعينيات القرن الماضي إلى أكثر من “15%” فيما السلامة المالية لأي دولة يفترض ألا تتجاوز “5%” .

*إذا كانت الإيرادات الذاتية تغطي فقط “50%” من المصروفات فمن أين تتم التغطية.

من القروض الأجنبية والمحلية، فالقروض المحلية تتمثل في الصكوك المالية التي تصدرها الحكومة والاقتراض من بنك السودان، وأعتقد أن الاعتماد على القروض سيتزايد إلى أن تعجز الدولة عن السداد، وهذا ما حصل الآن، فالسودان عاجز عن سداد الأقساط المستحقة على القروض الأجنبية، وبالتالي بدأ يسعى لإعفاء ديونه الخارجية من بعض الدول ويطالب دولاً أخرى بإعادة جدولتها.

ولكن الديون التي يطالب السودان بإعفائها هي ديون قديمة؟

ليست ديوناً قديمة.. كل ديون السودن سنة 1990م كانت ثمانية مليارات دولار “حتى لا نكذب”، والآن ديون السودان أكثر من “42” مليار دولار، فكيف بلغت هذا الرقم؟ وهذا في حد ذاته مؤشر لأن تتوقف الدول عن الإقراض، خاصة بعد أن فقد السودان البترول الذي كان يُعتمد كضمان.

للأسف فإن كل تلك القروض والاستثمارات التي دخلت البلاد وموارد البترول تم توظيفها في تغطية عجز الميزانية ولم توظف في التنمية، وهو السبب وراء انهيار الاقتصاد وهو حال السودان الآن، اقتصاد منهار، وتوقفت الاستثمارات والقروض الخارجية وإيراداتها الذاتية تغطي فقط حوالي “40%” من مصروفاتها الجارية، ولذلك نجد أن ميزانية التنمية في موازنة العام المالي 2013م ضعيفة جداً فيما نسبة الصرف على الأمن والدفاع أكثر من “75%” بمعنى آخر فإن الإيرادات الذاتية لا تُغطي حتى الصرف على الأمن وهو مربط الفرس وهي الورطة، اقتصاد متراجع والأسعار مرتفعة وهو ما يسمى بالركود التضخمي وهي أسوأ حالة اقتصادية، فالحكومة الآن تدفع ثمن أخطائها.

ولهذا السبب هي مصرة على رفع الدعم عن المحروقات؟

نعم هم مضطرون.. فحتى أجور ومرتبات العاملين بالدولة أصبحت ضعيفة جداً لأن الاقتصاد متراجع وإيرادات الميزانية متراجعة، وقيمة العملة انخفضت ومعدلات التضخم مرتفعة, نأخذ نموذج الحد الأدنى للأجور، فقد قال المجلس الأعلى للأجور وهو مجلس حكومي إن الحد الأدنى للأجور قبل رفعه مؤخراً يغطي “12%” فقط من تكلفة المعيشة، بمعنى أن حد الكفاف يساوي “2500” مقابل “300” جنيه والآن رفعت إلى “450” جنيهاً، ماذا يساوي؟!

هذا التقييم نفسه كان في العام الماضي، والآن التضخم زاد “100%” وانخفضت قيمة الجنيه، بالتالي يبقى الحد الأدنى للأجور الذي يغطي حد الكفاف للعامل “5000” جنيه في الشهر هل الميزانية العامة تستطيع أن تغطي هذا؟ فحتى مرتب وكيل الوزارة لا يُغطي حد الكفاف والذي من المفترض أن يصرف على الأقل “20” ألف جنيه.

فهل المعالجات التي يعتزمون تنفيذها تخفف من هذا المأزق؟

بالعكس هذه المعالجات تجعل الوضع يسوء أكثر.. فلا علاج متاح الآن، وأي قرار تتخذه الحكومة في ظل هذا المأزق المالي نتيجته عكسية، لو افترضنا أن كل العاملين في الدولة يعطونهم مرتب حد الكفاف فقط، خمسة آلاف جنيه، فكم تكون ميزانيتهم؟

فالعاملون في الدولة يقدرون بـ “700” ألف عندما تضرب 700 ألف في 60 ألف مرتب السنة تساوي 42 مليار جنيه، فيما إيرادات الدولة حوالي “20” مليار جنيه يعني كل إيرادات الدولة لا تغطي المرتبات في حدها الأدنى.

في أوربا مثلاً يزيد التضخم (1ـ3%) ومعدلات النمو في حدود (2ـ3%) وعنما يأتي العاملون ويطالبون بزيادة المرتب يطالبون بحجم زيادة التخضم، أما هنا فالحكاية في ورطة.

ماذا تتوقع من الزراعة؟

قال رئيس الجمهورية في مؤتمر محاربة الجوع بإفريقيا إن السوان يساهم في حل مشكلة الجوع في إفريقيا، هل هو حل مشكلة الغذاء؟ فالسوان يستورد ما قيمته ثلاثة مليارات دولار غذاء قمح + دقيق + سكر+ زيت، كل المواد الغذائية أدخل إلى أي بقالة وابحث عن السلع المتجة في السودان، حتى “الثوم” يأتينا من الصين!

في سنة 1990م كانت فاتورة المواد الغذائية 72 مليون دولار ارتفعت إلى 270 مليون دولار في سنة 2000م مع بداية البترول، فبدلاً من أن ينقص زاد، وارتفع في السنوات الثلاث الأخيرة إلى ثلاثة مليارات دولار بالتالي القروش التي دخلت من البترول وغير البترول بدلاً من صرفها في الاقتصاد صرفت في الفساد والغذاء والأجهزة السيادية فمشروع الجزيرة أكبر مشروع زراعي في العالم كان يروي سنوياً ألفي فدان وكان يُسعف أهل السودان في سنوات الجفاف في الإنتاج الغذائي، والآن انهار هذا المشروع لإعادته لما كان عليه، يحتاج إلى عشرة مليارات دولار لكي تم تشغيله ابتداءً من السكة حديد والورش والآليات الزراعية والمحالج، نفس الشئ مشروع الرهد، وحتى مصانع السكر في تدهور..

هل تعلم أن الأموال الأجنبية التي دخلت البلاد خلال السنوات العشر (2000- 2011م) بلغت (110) مليار دولار بمتوسط (10) مليار في السنة، فالسؤال أين ذهبت هذه الأموال؟!

أما الآن ولا ثلاثة مليارات دولار في العام لا يجدها حيث أن صادراتنا كلها بما فيها صادرات الذهب غير كافية لتغطية فاتورة الغذاء المستورد وهي المأساة، ناهيك عن الأدوية والسيارات.

وما المخرج؟

المخرج هو أن تذهب الحكومة التي فشلت لأن البلد تم إدارتها إدارةً سيئة جداً ويكذبون على الناس.. فوزير المالية مثلاً يقول إن البرنامج الإسعافي نُفذ.. أين نُفذ؟ وبأي موارد؟ أي المشاريع التي نُفذ منها وكيف؟ ليحل مشكلة الاقتصاد والآن نسعى لزيادة أسعار الوقود؟ فلأي خدمة جاء البرنامج الاقتصادي الإسعافي؟

(70%) من المواطنين القادرين على العمل عاطلون، ونسبة الفقر تتجاوز الـ (90%) وفق القرائن المتوفرة لذا زادت نسبة الهجرة للكفاءات.

الاخبار

تعليق واحد

  1. كله بسبب الترابي رأس الحيه الدبر الانقلاب
    يعني الترابي وحزبه لو كان في الحكم حتي الان ماكان حايكون الوضع افضل
    فقد حكم الترابي وحزبكم الكيزاني عشره سنوات فماذا قدمتم للاقتصاد غير التمكين وبيع المشاريع الحكوميه
    وهل بدأ تدمير مشروع الجزيره الافي السنوات الاولي من حكم الانقاذ الفاشل؟
    انت كخبير كوز تنتقد من اجل النقد لان الكيزان ماعندهم خطط اقتصاديه ولا استراتيجيه فقط هدفهم الترابي وجماعته يمونوا في السلطه

  2. الغريب كل مقارنات المذكور تقيس بالتاريخ ماقبل 1990 يعني نعرف حاجه اسمها الانقاذ و الترابي و المؤتمر الشعبي و الوطني و المذكور ينتمي للشعبي اذن هذا الحديث يجب ان يجب ان يوجهه الي نفسه و يحكم ضميره و ليس للقراء لانهم يعلمون مكمن الداء

  3. كل ديون السودن سنة 1990م كانت ثمانية مليارات دولار “حتى لا نكذب!!!!!!!!!!!!!!!!!
    معقول الانقاذ جات لقت ديون السودان 8مليار ؟؟؟غايتو علي حدعلمي نميري خلي لينا الديون 900مليون دولار وناس بشير عمر في ايام الديمقراطية بذلوا مجهود خرافي للوصول الي تفاهمات مع ناس صندوق النقد والمانحين…………………..لو ما جات الانقاذ كنا هسع في حال غير الحال …حسبنا الله ونعم الوكيل في صاحب فكرة انقلاب 89

  4. الحكومة تدفع الآن ثمن أخطائها الاقتصادية
    _____

    الحكومة ما بتدفع من جيبا بل من جيب المواطن السوداني الساكت عن بقاء حكومة اللصوص هو البدفع فاتورة الحرب والفساد والجربندية السياسية والصعلكة الاقتصادية

  5. غايتو الفي البر عوام وما داعي للتشدق بحلول لا تعيش واقعنا وفرضيات اللامعقول التي تنم عن الواقع الخيالي حتى جعلني اتصور انه لا يمكن حل مشكلة انقاذ الاقتصادي مثلا لو ان لنا دخلا يوازي دخول دول الخليج مجتمعة وان بين ظهرانينا ابو الاقتصاد الامريكي ادم اسمث فاننا لايمكن ان نحل مشكلة الاقتصاد السوداني لأننا ننظر تحت ارجلنا ولايوجد لدينا تخطيط نجيد العرضة خارج المحاص ونفتي بما لانعلم فيما لانعلم السياسة مرتبطة بالسياسة وسياسة مؤثرة في الاقتصاد بلد يطير فيه الوزير طربا بان الخروف وصل مليون اما يدري ان هذا دلالة على التضخم وركود وتدني قيمة الجنية السوداني والتي يمكن تلافيها بشطب 3 أصفار ناحية اليمين ويصبح الناس في حيرة اثنا تعاملهم بالقديم ولا بالجديد وبلاش فلسفة كل واحد عامل فيها حلال العقد ويقدر يحل سخلة

  6. الفات مات ….110 مليار راحت راحت…بس المصيبة فى الديون….فوق اربعين ملياردولار ديون….قصت ضهرنا الله يقص ضهرهم

  7. قال “الخبيث الاقتصادي” حسن ساتي، القيادي بحزب المؤتمر الشعبي :

    “لم يتم توظيفها في الاقتصاد والتنمية وتم توظيفها في تغطية عجز الموازنة الذي يتسع كل عام، منبهاً إلى أن ذلك السبب وراء انهيار الاقتصاد وتوقف القروض والاستثمارات الأجنبية، وانخفاض قيمة العملة الآن”……………!!!!!
    ______________________________

    *** يعنى الأموال التى نهبوها و القصور البنوها جات نازله من السماء , مع العلم أن كل المشاريع التى أنشئت تم تمويلها من قروض خارجيه وهى سبب ارتفاع ديون السودان ال “42” مليار دولار .

    ** السؤال الذى لم يجب عليه الخبيث بأمانه هو أين ذهبت ( أو نهبت) ال “110” مليار دولار ؟

    * هذا الحوار يكشف دور حزب المؤتمر الشعبي فى خلط الأوراق لمصلحة المؤتمر الوطنى فكلهم فى الهوا سوا.

  8. ٍٍسأل رجل أحد الدهاة عن مفهوم كلمة “السياسه” من وجهة نظره , فأخذه الداهيه الى المشرحه و أخرج أحد الموتى من الثلاجه , ثم أدخل إصبعه فى مكان حساس و بعد ذلك قام بلعق إصبعه (أى وضعه فى فمه), فاشمأز السائل و عاتبهِ على فعلته , فأخبره الداهيه بأنه أدخل إصبع “الوسطى” و لعق اصبع “السبابه”. (هكذا السياسه مكر و خداع و قذاره….!)
    ِ

    وهكذا حال المؤتمر الشعبى يدخل إصبع “الوسطى” فى مؤخرة المعارضه و يلعق “سبابة” المؤتمر الوطنى !

  9. السلام عليكم ورحمه الله رمضان كريم عبركم بناشد الحكومه ياناس اتقوا الله في هذا الشعب الغلبان ياناس مرتباتن 400جنيه و300جنيه والزيادة المطروحه منكم 65جنيه تعمل شنو ياناس والله انتم قلتوا الروب نحن قنا وبين ارحم الشعب يرحمكم الله الزيادة العاوزين تعملوها زيدوا بها المحروقات السلام

  10. الحكومة تدفع الآن ثمن أخطائها الاقتصادية حكومة شنو تدفع ثمن اخطائها الاقتصادية المواطن هو البيدفع في الثمن الحكومة مرتاحة وماعندها علاقة بالمواطن ولا همومه ولا مشاكله اليوميةالحكومة مشغولةبالسرقة والنهب وتامين السلطة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..