الإسهالات.. هجمة مرتدة

ليست مفاجئة لأحد أو مستبعدة إطلاقاً صحة تلك الأخبار التي تتحدث عن إصابات جديدة بالإسهالات المائية في الخرطوم بل ربما يكون الأمر غريباً لو زعم وزير الصحة أو زعمت الحكومة أن موجة الإسهالات المرعبة القاتلة تلك قد انتهت بغير رجعة.
الخبر يقول إن المستشفى الأكاديمي بالخرطوم قد استقبل خلال اليومين الماضيين أعداداً جديدة من الإصابات بالإسهالات المائية..
وكيف لا يحدث هذا بعد موجة الأمطار التي هطلت على الخرطوم فعجنت أكوام النفايات المتراكمة مع طين الشوارع في خلطة سحرية توفر أفضل الوجبات الدسمة لتغذية البكتيريا التي تسمم بطوننا.
كيف لا تعود الإسهالات المائية من جديد وتجد فرصة أكبر للانتعاش في ظل هذه الحالة البيئية المتدهورة في جميع أنحاء العاصمة.
المشكلة أن الناس كانت قد بدأت تطمئن قليلاً في الأيام الماضية بفعل التصريحات والنفي المغلظ والحديث عن تراجع نسب الإصابة وانحسارها فعاد الناس لشراء الخضروات من أي مكان وعادوا يتهاونون أكثر في شرب المياه من دون تدقيق في مصادرها وغلبت عليهم الرغبة في التخلص من شحنات الحذر الزائدة التي كانوا قد تعبأوا بها في أيام (الهيجة) الإعلامية الأولى.
الإسهالات المائية لو عادت الآن في ظل هذا الحال من المياه المتجمعة وجيوش الذباب وعادت فعلاً بالمستوى الأول الذي حدث في بدايات الخريف والذي كان من الممكن السيطرة عليه فستقع في هذه المرة كارثة وبائية تصعب السيطرة عليها.
هؤلاء الذين يقومون على أمر الصحة والمعنيون بمسؤولية النظافة وصحة البيئة كما يبدو لنا هم ليسوا جديرين بحمل هذه المسؤولية.. هناك حالة استهتار واضحة جداً وتكاسل غريب يلمسها المواطن في واقعه وواقع بيئة الشوارع وتجمعات المياه في الميادين العامة وعجز المصارف السطحية عن تحدي الأوساخ التي تغلق منافذ التصريف..
هذه الحالة البائسة التي تعيشها العاصمة لا يمتلك أحد القدرة على إنكارها.. هي واقع ماثل أمام الجميع وقد يؤدي إلى مشاكل صحية كبيرة بل غير مسبوقة لو ظل أفندية الصحة والبلديات داخل مكاتبهم يهتمون بتحرير التصريحات الصحفية التطمينية والاختباء خلف أصابعهم.
أنباء عودة الإسهالات المائية الآن بالذات وفي ظل هذا الطين اللزج والشوارع المتعفنة وهذه الظروف البيئية المتردية في الطرق والأسواق يجب أن تجعل المواطنين يستعيدوا كل شحنات الحذر التي كانوا قد تخلصوا منها في الأيام الماضية ويبعدوا أنفسهم وأطفالهم عن تناول الخضروات وأية أطعمة مكشوفة أو مياه غير مضمونة بشكل صارم..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

اليوم التالى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..