خطاب الرئيس .. لا جديد!

ما وراء الخبر
محمد وداعة
لاشك ، ان لا احد من سائر المواطنين، قبل المعارضين ، و ربما فى عضوية المؤتمر الوطنى ، يشارك السيد رئيس الجمهورية في فهمه لمعاني الحريات والحقوق الاساسية والالتزام بمخرجات الحوار وهو امر ينفيه المشاركين في الحوار ، ولعل الخلاف في وجهات النظر يعد امراً طبيعياً لمعنى (انجاز ) و (استراتيجية)، اذا كانت التعديلات الدستورية تعتبر انجازاً ، هذه التعديلات شرعنت لتعيين الولاة بدلاً عن انتخابهم ، وهذه التعديلات حصنت القرارات الرئاسية ضد الطعن فيها ، وضمنت نصاً اتاح للرئيس ان يترشح بعد ان استنفذ المدد التي حددها الدستور الانتقالي لسنة 2005م .
الخطاب احتشد بعبارات عن الحوار الوطنى و مخرجاته، باعتباره مرجعاً للمرحلة القادمة المنتهية فى 2020م ، مع ملاحظة ضآلة مردود هذه المخرجات، و اقتصار التنفيذ على تكوين حكومة الوفاق الوطنى و البرلمان الهجين، مع بروز مصطلح مشروع البرنامج التركيزي للعامين القادمين اشتمل على (4) محاور رئيسية فضلاً عن (10) التزامات فرعية متداخلة ومتكاملة هى ( تحقيق السلام ،عودة النازحين و بناء ما دمرته الحرب ، بناء النموذج الاقتصادى ) ، الذى اشتمل على عناوين ( اصلاح القطاع العام ، اصلاح الخدمة المدنية ، توفير الخدمات الصحية ،توفير خدمات التعليم ،توفير المياه الصالحة للشرب ،مشروع الامداد الكهربائى فى الحضر و الريف، و توفير الاحتياجات المعيشية وتيسير حصول المواطنين عليها )،
وجدد الخطاب (الالتزام بالشراكة الدولية لترسيخ دعائم الأمن والسلم الإقليمي والدولي ، وما يتطلبه كل ذلك من تعاون وعمل، جاد لمكافحة الإرهاب ، وجرائم غسيل الأموال ، والإتجار بالبشر وإعمال معايير الشفافية في الأداء العام ومحاربة الفساد ، وتنفيذ أهداف التنمية الدولية المستدامة ، بتركيز أكبر على صون حقوق المرأة والطفل ، والإلتزام بحماية البيئة ،كما أكد الخطاب التزام الصارم بإتخاذ التدابير التنفيذية لمشروع مبادرة السودان لتحقيق الأمن الغذائي العربي والإفريقي ) ، و يلاحظ تبويب جرائم مكافحة الارهاب و الاتجار بالبشر و محاربة الفساد و البيئة و حقوق المرأة و الطفل كالتزامات دولية ، بالرغم من انها قضايا وطنية توجب التزام الدولة بها كأحد السياسات الوطنية ، و ليس استجابة للمعايير الدولية و مطلوباتها ،
الخطاب تجاهل رفع الحصار وهو قضية الساعة ، وهو ما كان يترقبه المواطنون ، و عل الاقل تاكيدات بان الحكومة اوفت بالشروط التى حددتها المهلة ، وتجاهل الوضع الاقليمى بما فيه حرب اليمن التى تحارب فيها قوات سودانية و تقدم الشهداء، و لم يرد ذكر للاوضاع فى ليبيا و العراق و سوريا ، و لا حديث عن سد الالفية و تعقيداته و ظلاله على العلاقة مع مصر ، والاهم من ذلك كله كان المتوقع ان يؤكد الرئيس امام البرلمان مجددآ انه لا يتطلع الى ولاية اخرى ، هذه قضايا هامة لا تندرج تحت ما اشارت اليه الآية الكريمة (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
، لا جديد فى الخطاب الا تكوين لجنة برئاسة الرئيس لمتابعة برنامج التركيز ، و ربما تعديل الدستور تمهيدآ لولاية اخرى ، فى 2020م يكمل الرئيس البشير ثلاثون عامآ من حكم السودان ، وهو رقم قياسى لاى حاكم سودانى ، و لا يتفوق عليه افريقيآ الا القذافى ، وحتى الان لم يتقبل فكرة ان يكون لقبه (الرئيس السابق) ، السويديون ملكآ و شعبآ كل اربعة سنوات يضعون ايديهم على قلوبهم ، مشكلتهم ان يجدوا من يقتنع بقبول منصب رئيس الوزراء.
الجريدة