أخبار السودان

ميزان المدفوعات بين الفائض والعجز

د. مهدي عثمان الركابي

يعد ميزان المدفوعات من المؤشرات الاقتصادية الهامة في أي دولة، ومن خلاله نتعرف على مدى اعتماد الدولة على الخارج ومدى اعتماد الخارج عليها. وميزان المدفوعات يعكس قدرة الدولة والقطاع الخاص على تصدير السلع والخدمات. ومن خلال ميزان المدفوعات يمكن أن نتعرف على فجوة النقد الأجنبي ومطلوبات الدولة من السلع والخدمات الإنتاجية والاستهلاكية المستوردة، لذلك فهو مؤشر اقتصادي مهم للتخطيط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وفي السودان وفي عام 90/1991م كانت أهم الصادرات السودانية تتمثل في القطن؛ حيث كان يمثل حوالي 51.8% من جملة الصادرات السلعية. وفي عام 91/1990م كانت واردات السودان من المواد الغذائية تمثل حوالي 12.3% من جملة الواردات، ومثلت واردات الآلات والمعدات حوالي 12.9%. وحتى عام 2004م تغير هيكل الصادرات والواردات بصورة عامة، ففي هذا العام أصبحت الصادرات البترولية ومشتقاتها تمثل حوالي 82% من جملة الصادرات، وتلاحظ تراجع صادرات القطن ودخول الذهب بنسبة ضئيلة في الصادرات. وفي جانب الواردات تلاحظ ارتفاع نسبة واردات الآلات والمعدات إلى 27% مقارنة بنسبتها عام 91/1990م، كما تلاحظ عدم حدوث تغير في نسبة المواد الغذائية المستورد عدا دخول القمح ضمن قائمة السلع الغذائية المستوردة. وفي الفترة الأخيرة تزايدت واردات القمح بصورة كبيرة وأصبحت تؤثر بصورة واضحة في توازن ميزان المدفوعات. ويمكن تفسير الزيادة في واردات القمح في الفترة الأخيرة بالزيادة في عدد السكان والتغير في السلوك الاستهلاكي بالإضافة إلى تناقص الكميات المنتجة من القمح السوداني وضعف قدراته التنافسية مقارنة بالقمح المستورد.

ويعد العجز في ميزان المدفوعات من المعضلات الرئيسية التي تواجه الاقتصاد السوداني حتى اليوم ويمكن أن نعطي لمحة مبسطة عن تطور العجز ثم نحاول أن نعطي بعض الإشارات علها تكون مداخل مهمة لبعض الحلول. فالعجز في ميزان المدفوعات كان من متلازماته منذ فترة طويلة، ففي عام 1984م قدر العجز بحوالي 118 مليون دولار، ثم ارتفع إلى 272 مليون دولار عام 1991م، وكان متوسط العجز خلال الفترة (1984م-1991م) حوالي 256.7 مليون دولار. وعند تحليل هذه الأرقام؛ يتضح أن عجز ميزان المدفوعات كان قليلاً في عقد الثمانينيات من القرن الماضي مع الإشارة إلى ضعف الصادرات السودانية في نفس الفترة. وخلال الفترة (1995م-2004م) حدث تحسن كبير في موقف التوازن في ميزان المدفوعات؛ حيث تأرجح بين العجز والفائض، وكان أعلى فائض تحقق في عام 2003م؛ حيث بلغ حوالي 422.5 مليون دولار. ويرجع الوضع الجيد لموقف التوازن في ميزان المدفوعات خلال النصف الأول من العقد الأول للألفية الى المساهمة الكبيرة للنفط في الصادرات السودانية إضافة إلى اعتماد السودان بدرجة معقولة على الإنتاج المحلي من النفط لمقابلة الاستهلاك المحلي. وعموماً يمكن القول بأن هذه الفترة شهدت جانباً مقدراً من الاستقرار؛ انعكس إيجاباً على استقرار الجنيه السوداني.

وفي الفترة الأخيرة – وبعد فقدان نسبة مقدرة من عائدات النفط – تفاقم العجز في ميزان المدفوعات، وتُبذل مجهودات في كافة المستويات لمحاولة تخفيض العجز أو تلافيه. وفي هذا المنحى يمكن القول بأن تخفيض العجز يمكن أن يحدث بدرجة ملموسة على المدى المتوسط، كما يمكن تلافيه في المدى الطويل. ويمكن القول بأن بلوغ هدف تخفيض العجز أو تلافيه يمكن أن يحدث بعدة بدائل بعضها مالي وبعضها اقتصادي، ويمكن أن نشير إلى البدائل التالية كمداخل لبعض الحلول.

أولاً: يجب أن يتم رفع القدرات التنافسية للصادرات الزراعية والصناعية من خلال محاور زيادة الإنتاجية وتخفيض تكاليف الإنتاج وتحسين جودة الإنتاج، وكذلك فإن حلحلة معوقات القطاعين الصناعي والزراعي يصب في خانة رفع القدرات التنافسية. ويجب الترويج بصورة فعالة وقوية لصادراتنا وفتح أسواق جديدة.

ثانياً: يجب العمل على تغيير سلوكنا الاستهلاكي بحيث يكون إيجابياً ولصالح الاقتصاد السوداني والمنتجات المحلية، كما يجب دعم البحوث الخاصة برفع القدرات التنافسية للقمح السوداني ودعم بحوث الخبز المخلوط لتقليل فاتورة استيراد القمح في الأجل الطويل.

ثالثاً: يجب التوسع في اكتشافات النفط والذهب والاستفادة من عائداتها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي ودعم القطاعين الزراعي والصناعي والطاقات المتجددة والبحوث المتعلقة بالتنمية الاقتصادية.

رابعاً: تكثيف الجهود نحو جذب مدخرات المغتربين واستثماراتهم في الخارج والعمل على تحسين موقف محددات الاستثمار لتكون أكثر تنافسية وجاذبية للاستثمار الأجنبي.

خامساً: السودان مليء بالفرص السياحية الهامة والكثيرة. والسياحة في السودان يمكن أن تكون من المداخل المهمة لسد العجز في ميزان المدفوعات. فقط مطلوب التسويق والترويج الكبير والحديث للفرص السياحية السودانية، وكذلك مطلوب الاستفادة من شركات الترويج العالمية في إقامة المهرجانات السياحية والخروج من دائرة الترويج التلقيدي، واستهداف المجتمع العربي والأفريقي والأجنبي مع الحفاظ على مبادئنا الدينية وموروثاتنا السودانية.

التعيير

تعليق واحد

  1. مقال رائع بكل ماتحمل الكلمة من معني نتمني الاهتمام به وانزاله ارض الواقع في اسرع وقت

    واسمح لي بان اضيف التالي :
    برنامج اصلاح الدولة الشامل كما يفترض :

    الزراعة:
    1- تخفيض الجمارك علي المعدات الزراعية الي اقل من 10 % من قيمتها عند الشراء
    2- اعفاء كافة المزارعين من الضرائب
    3- تخصيص مساحات واسعة ومشاريع عملاقة للزراعة واستصلاح الاراضي وشق قنوات للري
    4- تخفيض الجمارك علي كافة الاسمدة الي اقل من 10% من قيمتها عند الشراء
    5- انشاء مصانع للمنتجات الزراعية وتعبئتها وتخزينها للاستهلاك المحلي والاكتفاء الذاتي ومن ثم التصدير لدول العالم
    6- الزام كافة الشركات والمؤسسات والهيئات باصدار بطاقات صراف الي للموظفين والعمال وايداع رواتبهم في البنوك
    الثروة الحيوانية والسمكية :
    1- حظر الصيد الجائر بالنسبة للثروة السمكية ومحاربته وسن قوانين وعقوبات مغلظة علي المخالفين
    2- حظر تصدير اناث الماعز والضان والماشية
    3- انشاء المراعي الخصبة بمساحات واسعة وشق قنوات الري وتامينها وحمايتها
    4- انشاء مصانع للحوم والالبان ومنتجاتهما وتعبئتها وتخزينها للاستهلاك المحلي والاكتفاء الذاتي ومن ثم التصدير لدول العالم

    السياحة والحياة والبرية :
    1- الاهتمام بترميم الاثار وانشاء قناة تلفزيونية ومجلة دورية وملحق اسبوعي في الصحف المحلية للتعريف باماكن السياحة في السودان والمناطق الاثرية
    2- تشييد الطرق للربط لتسهيل الوصول الي تلك المناطق مع توفير كافة سبل الراحة والاحتياجات للسواح مياه شرب دورات مياه نظيفة فنادق والخ
    3- حظر الصيد الجائر بالنسبة للحياة البرية ومحاربته وسن قوانين وعقوبات مغلظة علي المخالفين

    الصحة :
    1- تخفيض الجمارك علي الادوية والاجهزة الطبية الي اقل من 10 % من قيمتها عند الشراء
    2- اعفاء كافة مصانع الادوية والاجهزة الطبية من الضرائب مع الاكتفاء برسوم الترخيص وتجديدها والغرامات علي المصانع المخالفة للمواصفات
    3- انشاء مصانع للادوية باعلي المعايير الدولية واستجلاب خبراء لتاهيل الكوادر الوطنية
    4- انشاء المستشفيات في المناطق الريفية والبعيدة عن العاصمة وتوفير رواتب جيدة حتي تكون مرغوبة من احسن الكفاءات
    5- الزام كافة الشركات والمؤسسات والهيئات باصدار بطاقات صراف الي للموظفين والعمال وايداع رواتبهم في البنوك

    التعليم:
    1-يجب تقليص عدد مقاعد القبول الخاص في الجامعات الي اقل من 10% علي ان يكون التنافس فيها حسب النسبة وبعض المواد المحددة مسبقا من وزارة التعليم حتي تكون الفرصة متاحة لبعض الناجحين في الشهادة السودانية من الحصول علي قبول في الجامعات
    مامعقول واحد يحرز اكثر من 80 % مايلقي فرصة تعليم وأخر حاصل علي اقل من 60% يحصل علي فرصة دراسة بكالوريوس في اقوي الجامعات السودانية !!
    مع ملاحظة ان نسبة القبول الخاص حاليا تصل الي 50% في كثير من الجامعات ان لم يكن كلها وهذا يوضح لنا كم طالب مؤهل محروم من التعليم لصالح طالب اخر اقل منه في التحصيل الاكاديمي !!
    العمل:
    1- الزام كل الشركات والمؤسسات والهيئات بانشاء حساب بنكي وايداع نقودها في البنوك
    2- الزام كافة الشركات والمؤسسات والهيئات باصدار بطاقات صراف الي للموظفين والعمال وايداع رواتبهم في البنوك
    3- الزام كافة الشركات والمؤسسات باصدار بطاقة عمل لكل موظفيها وعمالها من وزارة العمل مع رسوم التجديد والترخيص والمخالفات في حالة تاخر التجديد
    الطرق والسكة الحديد:
    1- تشييد الطرق المهة والرئيسية واللتي تدعم الاقتصاد وتسهل حركة نقل المستخدمين والبضائع
    2- تكون مسؤولة عن اصدار الرخص للمركبات والسائقين والغرامات للتاخير وغرامات المواقف ومشاريع النقل العام
    3- تطوير السكة حديد وربط الموانئ والمدن الصناعية والمشاريع الكبيرة لسهولة نقل البضائع والمعدات باسرع وقت ولتشجيع المستثمر السوداني والاجنبي
    الموانئ والمطارات:
    1- الاهتمام بتطوير الموانئ وزيادة سعتها وتزويدها باحدث ماتوصلت اليه التكنولوجيا في هذا الجانب بالاستعانة بالمختصين في المجال نظرا لانها تعد موردا مهما جدا ذو عائد مادي ضخم قبل و بعد ان راح البترول في خبر كان
    2- الاهتمام بتطوير المطارات وفق المعايير العالمية واننشاء شركات طيران حكومية لاتزيد علي 5 شركات وتزويدها باافضل الطائرات وذات السعات الكبيرة
    3- الزام كافة الشركات والمؤسسات والهيئات باصدار بطاقات صراف الي للموظفين والعمال وايداع رواتبهم في البنوك
    4- الاستثمار الضخم في مجال الطيران والموانئ والشحن وانشاء بنية تحتية صلبة مع سهولة الربط بين المدن بالطرق السريعة ذات الجودة العالية في التنفيذ يمكن ان يدعم الاقتصاد بمليارات الدولارات سنويا

    الاراضي:
    1- حظر الاستثمار في الاراضي السكنية واحتكارها لاغراض تجارية مع السماح بشراء ارض سكنية وبحد اقصي اثنين فقط اذا دعت الضرورة لذلك مع التحقق والتقصي
    2- انشاء مناطق صناعية في اطراف العاصمة

    انشاء الهيئات :
    انشاء هيئات للصحة والطرق والزراعة والصناعة والتجارة والملاحة والطيران
    1- تكون لهذه الهيئات خطة واضحة بمدي زمني معلوم في تحسين وتطوير خدماتها تطرح في وسائل الاعلام
    2- تقوم هذه الهيئات بتمويل مشاريعها من البنوك مع الالتزام بسدادها القروض للبنك وفق الاتفاق بين البنك والهيئة ويكون للحكومة الدور الرقابي فقط وسن القوانين المنظمة (وبهذه الطريقة نتخلص من حاجة اسمها فساد وحق الجكومة ومال عام ومال سائب)
    تستخدم القروض اعلاه في تطوير المرافق التالية علي سبيل المثال :
    هيئة الطرق: صيانة الطرق واصلاحها والحلول المرورية تسدد قيمة القروض من الرسوم المتحصلة من الهيئة
    الصحة: توريد احدث الاجهزة للمستشفيات تسدد قيمة القروض من خلال رسوم الخدمة والعلاج
    الزراعة: توريد احدث المعدات الزراعية للمشاريع الكبيرة والصغيرة والمزارعين تسدد قيمة القروض من خلال العائد من الانتاج الزراعي والبيع المباشر للمعدات لاصحاب المشاريع
    وهكذا في بقية الهيئات الاخري
    اذا تم تنفيذ البرنامج اعلاه لمدة 5 سنوات سيتغير حال السودان تغيير جذري في البنية التحتية والصحة ورغد العيش وجودة التعليم والصناعة الوطنية وزيادة الصادر وموانئ متطورة وطيران ومطارات بمستوي عالمي
    ارجوا ممن له ادني مسؤولية في الحكومة الحالية او المعارضة او رجال الاعمال ان يبذل اي مجهود في تنفيذ هذه المقترحات وسترون السودان والسوداني عزيز كما كان

  2. حتى اذا نفز هذا البرنامج مافى ضمانات فى الاستمرارية النفس السودانى قصير وهذا البرنامج تعمل به كل الدول فى اوربا مثل المانيا وانجلترا وسويسرا وكثير من الدول التى لها اقتصاد متماسك فى اوربا

  3. اذا انتهي الحقد الطيقي الممنهج سوف تزول كل مشاكل السودان لان خيرات البلد موجودة في كل ركن من اركان الوطن الشاسع فقط نحتاج لضمائر حية للشخص الحاكم واعوانه وسوف يكون السودان من افضل دول العالم زراعيا واقتصاديا وتنمويا

  4. دولة كل يوم فيها مدير جديد وعمالة جديدةواغلقت مدارس التدريب الي متي تدرب وتؤهل منسوبي حزبهاوتقصي من يقودباحترافية
    ماذاتنتظروا منها.

  5. الموضع جيد جدا وخاصة التحليل بارقام واضح واللغة بسيطة ومفهومة للعامة اود ان اضيف بان التنمية الاقتصادية المتوازنة تقود الي توازن في الميزان التجاري ويقفز الي ذهني ان الدولة لابد لها ان تطلع بالمهام والمسؤليات التي توفر هذا التوازن واهمها الاهتمام بالريف و تنميته وتطويره الاهتمام بالزراعة والعمل علي تشجيع المزارعين وحثهم علي زيادة الانتاج ان الزراعة وحدها كفيلة بحل كل مشاكلنا الاقتصادية وان يتم ادخال الصناعة في المناطق الريفية الزراعية للاستفادة من الانتاج الزراعي كمدخل للانتاج الصناعي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..