مقالات سياسية

اقتصادنا .. و الجِنّ

علي يس

•       أميلُ إلى توافق جزئي مع ما طرحهُ الدكتور مرتضى الغالي ، مخالفاً غالبيّة من تناولوا بالكتابة المؤتمر الاقتصادي الذي انعقد خلال الأيام  الماضيات، إذ رأى الرجُل فيه ما يستحق التثمين ، و إن كنتُ ، و من واقع (التوصيات) التي أسفر عنها المؤتمر ، لا أرى فيها جديداً “فهي، من حيث كونها توصيات، جيدة بلا شك، و لكنها ليست الأولى على أيّة حال ، إذ لم تبارح قائمة التوصيات ما طرحهُ الاقتصاديون عبر كتاباتهم خلال العام الذي أعقب الثورة ، بل حتى ما طرحهُ عامة الناس ممن لا يتوفرون على اختصاص في الشأن الاقتصادي.

•       لم أر اختلافاً يؤبه له ، بين هذا المؤتمر و بين مؤتمر “الانقاذ” الذي انعقد عام 1992م ، ما عدا فرقاً وحيداً ، سأعود إليه لاحقاً . أما من حيث الاقتصاديين الذين توفروا على مؤتمر الانقاذ ذاك ، ففيهم أيضاً من حمله إلى المشاركة حسٌّ وطنيٌّ مخلص ، غضّ البصر عن اختلافه الجوهري مع الحاكمين آنذاك. و فيه أيضاً طُرحت أوراقٌ و أفكارٌ لو كان توفر لها من يأخذها مأخذ الجد لما بلغ اقتصادنا حال التردّي الذي يعايشه.

•       إذاً ، المسألة ليست مسألة أفكار ، بالمقام الأول ، بقدر ما هي مسألة “عزيمة” و جِدِّيّة و التزام صارم بإنفاذ هذه الأفكار ، و هذا لم يتوفر في مؤتمر الانقاذ المذكور ، كما يبدو لنا صعوبة توفُّره الآن، فجميع التوصيات التي نوافق الدكتور مرتضى على جودتها و قدرتها على حلِّ مشكلاتنا الاقتصادية ، يتعيّن – لإنفاذها بالصرامة اللازمة – أن تملك وزارة الماليّة الهيمنة الكاملة على الاقتصاد، و هذا لا يتوفر في ضوء هيمنة العسكر و الأجهزة الأمنيّة على القسط الأكبر من مقوِّمات اقتصادنا ، و لا يبدو ، في ظل تقاطعات المصالح و الابتزاز الذي يتعرض له المكوّن المدني في الحكومة ، فضلاً عن التدخُّل السافر من دويلاتٍ معلومة في شأننا الداخلي بما فيه ، بل أوّله ، الشأن الاقتصادي ، لا يبدُو أنّ وزارة الماليّة ستملك القدرة على الهيمنة على كامل الاقتصاد، و ليس أمامها إلاّ “المباصرة” و الترقيع ، و تسوُّل ما قد تجود به أريحيّة العسكر.

•       أعود إلى الفرق “الجوهري” بين مؤتمرنا الاقتصادي و بين مؤتمر الانقاذ قبل ثمانٍ و عشرين سنة، ففي ذلك المؤتمر ، و في جلسةٍ  شهدتها  كصحافي، طرح الدكتور عمر احمد فضل الله ما اعتبره تفكيراً (خارج الصندوق) ، و ذلك باقتراحه على المؤتمرين – و خصوصاً “المشائخ” ذوي الباع من الإسلاميين و رجالات الطرق الصوفيّة ، أن يجتهدُوا ، بما آتاهم الله من كرامات، في تعبئة إخواننا من مسلمي الجن ، لدعم “ثورة الإنقاذ الإسلامية” ، و خصوصاً في الشأن الاقتصادي.

•         برغم أنّ الكثيرين اعتبروا الأمر مجرّد  مزحة ، ربما أراد الرجل من خلالها إضفاء جوٍّ من المرح على جلسات المؤتمر الجافّة ، إلا أنّ استرسال الرجُل في توضيح فكرته ، و تعداد الفوائد الاقتصادية المرتجاة من تعاون إخواننا من مسلمي الجنِّ معنا في دعم مشروعنا الحضاري العزيز، و أهمِّيَّة اصطفاف المسلمين جميعاً ، إنسهم و جِنّهم ، لمواجهة دول الاستكبار العالمي ، و تأكيده توفُّر القدرة لدى كثيرٍ من المشائخ  على التواصل مع الجنِّ و “تجنيدهم”.. كل تفاصيل فكرته قدّمها بجدِّيّة كاملة ، و ملامح صارمة ، جعلت الكثيرين من الإسلاميين الجالسين في الصفوف الأماميّة يهتفون تكبيراً و تهليلاً .. ثمّ .. لم أتابع ما جرى بعد ذلك ، و إن كُنتُ على يقين من أنّ هذه الورقة وحدها ضمن جميع أطروحات ذلك المؤتمر ، هي التي نجت من التجاهل و الإهمال في أدراج المتنفِّذين..

•       لم يتمّ الإعلان ، بعد انفضاض المؤتمر ، عمَّا اتخذته الحكومة من تدابير في شأن الاستعانة بمجاهدي الجن، و لكنني لا أشك في أنّ بعضهم قد باشر إنفاذ التوصية ، خصوصاً و إنه لم يمضِ زمانٌ طويل قبل أن يجتهد بعض المتنفذين في حكومة الانقاذ في استقدام عدد مهول من “المشائخ” من غرب أفريقيا ، حتى إنّ كل مسؤول كبير كان يحتفظ بعدد من أولئك السحرة المستوردين ، الذين طبّقت أخبارهم الآفاق بعد ذلك ، في كثير من الوقائع المضحكة المبكية ..

•       المهم في الأمر إنّه لا أحد من عامّة الناس كان يعلم بما يجري وراء الكواليس ، غير أنّني أظنُّ أنّ الجنّ قد انخرطوا بالفعل في شراكة مع جماعة البشير، و أنّ الأمر استقرّ أخيراً على سيطرة شرذمة من كيزان الجن على مقومات الدولة  السودانيّة ، و لا أستبعد أن يكون الجنُّ قد شاركوا في “الجهاد” من خلال كتيبتهم المسمّاة بـ(الجن – جويد) ، و الله أعلم.
(المواكب)

علي يس

تعليق واحد

  1. كلام مضجك جدا

    حتى شيوخ الصوفية لا يجدون عونا من الجن المسلم في اطعام الطلبة الصغار الذين يتجولون و يطرقون البيوت مساءا للحصول على لقمة للعشاء .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..