من يشعل الحرب سيحترق بها

من يشعل الحرب سيحترق بها (3-3)
سليمان حامد الحاج
ماذكرناه من ممارسات تنذر بالحرب هو قطر من محيط مايمارس من القهر الممعن في الوحشية وتجويع الشعب. وهي تتوسل بالكذب والخداع والتضليل من جهة، وإعطاء العالم صورة مغايرة لما يجرى في واقع حياة الناس من بؤس وفقر مطلق.
غير أن كل ذلك لم ينطل على أحد. فعلى سبيل المثال كان المواطنون الذين دعاهم المؤتمر الوطني في النادي الثقافي بحي الشعبية ببحري، قمة من الإدهاش مما قاله متحدث قيادي في المؤتمر الوطني . فقد طلب منهم أن يصبروا قليلاً لأن السلطة بعد بضعة أشهر ستخلق من السودان جنة وارفة الظلال تجرى من تحتها الأنهار. وسيكون قبلة للرخاء ويفيض بالخيرات. وعليهم ألاَّ يستمعوا لقول المارقين المغرضين المندسين في صفوفهم لأنهم يردونهم اتباع طريق مصر وتونس وغيرهما .لأنها ستؤدى إلى موت المئات من الشباب.
بمعنى آخر واضح، فإنه يقول ان البطش والقهر سيكون من نصيب كل من يطالب بالتغيير أو لنيل حقوقه العادلة والمشروعة . وما عليهم إلا أن يستسلموا للأمر الواقع. وإلا فماذا يعنى مثل هذا الوعد بالجنة بعد مايقارب ربع قرن في الحكم عاش فيها شعب السودان معاناة لا مثيل لها في تاريخه الحديث. وكيف ستتحول البلاد من انقاض مؤسساتها الصناعية والزراعية التي بيعت ونهبت، وفقدت كل مقومات البناء إلى جنة وارفة الظلال. وكل المؤشرات تؤكد أن البلاد تقترب من المجاعة.
فالسلطة عندما أوقفت استيراد العديد من السلع الضرورية، لم يكن ذلك بسبب اكتفاء البلاد منها أو أنها ستنتج محلياً، ولم يكن هدفها أيضاً منح رأس المال الخاص السوداني المنتج فرصة للمساهمة في الاستثمار؛ ولكن لأنها في واقع الأمر لا تملك العملة الصعبة التي تستورد بها تلك السلع ولا قدرة لها على التصدير ، لكل المحاصيل التي كانت تدر العملة الصعبة لأنها حولت المؤسسات الصناعية إلى مخابئ ومخازن للنفايات، وصارت معظم المشاريع الزراعية أشبه بالصحراء الجرداء.وسيأتي اليوم الذي ينهار فيه الاقتصاد السوداني.ويصبح عاجزاً حتى عن سداد أجور ومرتبات العاملين. وقد بدأ هذا فعلاً مع الأطباء والمعلمين وعدم سداد المائة جنيه الذي قررها رئيس الجمهورية لكافة العاملين.
ومع ذلك فأن حزب المؤتمر الوطني الحاكم يصر، بأسلوب النعامة على دفن رأسه في رمال مصالحه الخاصة وهذا ماجعله بعيداً عن الشعب ولا يجمعه جامع مع معاناته.
أفضل من عبر عن أسلوب النعامة هذا هو السيد وزير الخارجية كرتي فقد قلل من احتمالات قيام انتفاضة شعبية في السودان مثلما حدث في مصر وتونس ولبيبيا؛لأنّ السودان-حسب قوله- ليس بهذا الاحتقان الذي كان موجوداً في هذه الدول. وإن دوافع الثورات لن تكون مبررة في السودان لأنّ الناس ليسوا بهذه السذاجة حتى يحركهم شخص معارض فشل الحصول على أصوات الجماهير في الانتخابات. ويحاول البحث عن وسائل لتحريك الشعب ليجد له مكاناً في السلطة. ويعبر كرتي عن مقدرة عالية في بؤس الدراية السياسية عندما يقول : إذا كانت هناك أسباب حقيقية للانتفاضة على حكم نرجو توضيح هذه الأسباب!!.
(بالله عيكم ده كلام) يصدر من شخص في منصب وزير خارجية من المفترض فيه أن يكون على علم تام بمايجرى في البلاد.
ولهذا من حقنا أن نصف ماقاله إما بالجهل بالواقع المعاش أو محاولة لتضليل الرأي العام العالمي . وهذا هو الاحتمال الأكثر ترجيحاً.
فالسيد الوزير هو من بين أكثر من يعلمون ماحدث في الانتخابات التي زيفت فيها إرادة شعب بأكمله . وهو بحكم منصبه أكثر من يعلم أن السودان في ذيل قائمة الدول الأكثر فقراً وفساداً وحتى القذافي وهو في (زنقته) ذكر أن الشعب السوداني يأكل من (الكوش).
شعب السودان لايحتاج إلى نصح من مسؤول في السلطة، ولا لتقديم عرض حال لمعاناته وهو قادر على التحرك بالصورة التي توصله إلى حقوقهفقد فعل ذلك مرتين، وسيفعلها مرة ثالثة. وهو الذي يختار الوقت المناسب والأداة التي يغير بها النظام عندما يحين الوقت.
إنّ السير الصبور والواثق لشعب السودان من حتمية التغيير يدحض كل الحجج الباطلة التي يدعيها أهل المؤتمر الوطني عن أنه تأخر عن اللحاق بالدول التي اندلعت فيها الثورات، لأنّ القضية ليست مجرد تقليد لما حدث في هذا البلد أو ذاك. فلكل واقعه وظروفه التي تدعوه للتحرك والتغيير.
كل يوم يمر يؤكد أنّ شعب السودان سيحدث التغيير بطريقته وعلى مهله وهو الذي يختار أساليب عمله والكيفية التي ينفذ بها إرادته رغم أنف كل الحيل والقهر. فالمظاهرات التي عمت معظم مدن السودان تؤكد ذكاء وعبقرية شعب السودان الذي صنع أكتوبر ومارس/ وأبريل حتماً سترى ثورات مصر وليبيا وتونس واليمن حصيلة تجاربه.
عبثاً تحاول السلطة إلصاق بدايات هذه الهبات بالحزب الشيوعي والمؤتمر الشعبي. الحزب الشيوعي يدعو للتغيير قولاً وفعلاً، ولكن عبر جبهة عريضة واسعة تضم كافة القوى السياسية والنقابية وتنظيمات المرأة، ومنظمات المجتمع المدني الأخرى. وهذا مايحدث الآن، رغم محاولات تبخيس المؤتمر الوطني لدور كل هذه القوى.
مرة أخرى نقول للمؤتمر الوطني قيادة وقاعدة بما صغرت قاعدته هذه. تفادوا كل مايقود للعنف والحرب فإنكم أول من سيحترق بها.
الميدان
الاولاد ياكرتي خلصوا الجامعة في المانيا واولادنا هنا ماتو من الجوع ومبروك عليك بت ( داوود) السفيرة في وزارة الخارجيه يمرتب رئيس مش ده الفساد