مقالات وآراء

اشجاري لا تفهم كلم الزهرة لا زال يجرحنا و لا زلنا ليه ضرا

د. الفاتح ابراهيم

قال الشاعر نزار قباني المحب للسودان وشعب السودان “في السودان إما أن تكون شاعرا أو أن تكون عاطلا عن العمل” ..
في خلال زياراته المتعددة للسودان عرف هذا الشاعر العظيم والتمس عمق مشاعر الامة السودانية ومصدر طاقتها الكامنة وكيف انها أمة سليمة الوجدان لا تقبل الظلم والهوان وهكذا حفل تاريخها بحركات التحرر الوطني وثورات القضاء على الأنظمة القمعية الدكتاتورية ..
ومعروف انه قد تابعت أجهزة الاعلام هنا في أمريكا وغيرها من دول العالم بكل الدهشة والاعجاب ثورة الوعي الشبابية في السودان التي قضت على نظام الإنقاذ البائد والذي ما زالت فلوله تحاول العودة ولكن هي هات ..

نتلمس هنا لمحة خاطفة لبذور الوعي التي زرعتها ثورة ابريل في النفوس متمثلة في أحد شعراء ثورة الوعي ..
إنه عاطف خيري شاعر مطبوع يكتب بحد السكين .. هذا شاعر يستدعي مفردات مشحونة بالروح السودانية الاصيلة .. إنها
مستوحاة من لغة وآمال وأحلام محمد احمد صاحب الوجه “المكدود مكندك سامسونايتو زمزمية” كما عبر عنه الشاعر حميد ..
فلو غاب حميد ومحجوب شريف وغيرهما فان هذه البلاد الولود تبرهن انها قادرة على ان تنبت العشرات بل المئات من امثالهما ..
ليس لي سابق معرفة واسعة بهذا الشاعر الفحل ولا المغني الذي كان اداؤه مثل زئير الاسود .. غير أني تأثرت أيما تأثير بروعة الكلمات واللخن والأداء لهذا العمل الفني العظيم المعبر عن ألام وأمال انسان السودان الصبر على المحن ..
هل من المنطق ان تنهار مؤسسات وتندلع حرب تخريبية في بلد فيه هذه “الكوكبة” من الشياب الواعد وهذه المواهب العبقرية المتفجرة ايقاعا وابداعا يستنهض الهمم للبناء والتعمير ..

ما يحدث الان في بلد كهذا يجانب المنطق!
اذن لماذا يحدث هذا وكيف تكون نتائجه والى اين يقودنا هذا الطريق المدمر؟ اسئلة صعبة وحائرة لذلك لم أجد إلا بعض الاجابات في ما كتبته في مقالي السابق الذي نشرته في الراكوبة في يونيو الماضي تحت عنوان الغربال.. نعم إنها حالة الغربلة وآلام المخاض التي تطرح الغث والشوائب عن جسم الوطن قبل الميلاد الجديد الذي يختلف عن كل ما سبقه لأن الذي شهدته البلاد من أحداث ومازالت تشهده تظل مختلفة وفريدة لمن يستقرئ تاريخها البعيد والقريب ..
هؤلاء الشباب امثال عاطف خيري ومدني النخلي واحمد كوستي “سودانية سود” وغيرهم من شباب ثورة الوعي او سنابل الآمال كما ادعوهم دائما .. إنهم ينهضون من وسط النيران والرماد والركام مثل طائر الفينيق
‏Phoenix
مثل الزهرة التي تتبرعم وتنبت من باطن الجراح الغائرة..
وكأن المرحوم مظفر النواب عناهم بما قال
في وترياته الليلة وقصيدة المساورة امام الباب الثاني:
“من لسعة الاوساخ تنمو
خمرة الاعناب”..
هم يمثلون الامل ولن يفشلوا تقيق ما يصبون إليه ..

وخلاصة القول أن هذه الأمة تستعصي على الموت فليستمع ويعي من أراد بها شرا لأن مصيره المحتوم الندم والخذلان ..
د. الفاتح إبراهيم
واشنطن

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..