طالما إن الوزارة مغيبة ستبقى الكرة خلف القضبان حلقة(1)

أيام معدودة وتعود الساقية التي أجهضت أي تطور لكرة القدم للدوران كعادتها في اكبر سوق لاستقطاب الأصوات وبكل الوسائل ستشهده صراعات الاتحاد العام وذلك وفقا لنفس النظام العشوائي الذي لم يخطط له احد وإنما نبت عشوائيا وان كانت له مبررات في حينه قبل وأكثر من ستين عاما فانه لم يعد له مبرر بسبب التطور أولا وثانيا بسبب الدستور وثالثا بسبب اللوائح الدولية كما سنرى ومع ذلك فانه لا يزال قابضا على كرة القدم بالرغم من انه نظام غير مواكب ولا يعرف تاريخه غير الفشل كما انه يتسع و ينتشر كالحشائش في الخريف دون ثمر ودون أي ضوابط أو أسس علمية والمؤسف إن السبب في ذلك إن الدولة مغيبة أو تغيب نفسها سواء لجهلها بحقوقها أو لأنها أحياناً تنتفع من الفشل لحاجة في ذات القائمين عليها:
غدا تجتمع الاتحادات المحلية من المدن والقرى والحلال ولم تبقى إلا الأزقة والحواري والتي أظن إن عددها بعد إضافة المزيد من القرى والحلال يفوق الستين عضوا ( وبريش ماشى وسيبقى ماشى ) طالما المصلحة في الأصوات.
نظام رياضي لا يسنده دستور ولا تفرضه الفيفا لأنها لا تتدخل في تكوين الاتحاد وإلا لما تنوعت الاتحادات في العالم حيث لا يحكمها شكل أو هيكل واحد فالفيفا تشترط فقط استقلاليته وعدم التخل في إدارته للنشاط وخضوعه لها فنيا كما إن هذا النظام يجهض حق الأندية صاحبة الحق في أن تكون صاحبة السلطة دون وسيط ويفرض عليها كيانا لا يملك ان يعبر عن مصالحها لينصب نفسه دكتاتورا لا يخرج العائد منه إلا لمصلحة القابضين عليه.
ومؤسف بل محبط بكل ما تحمل الكلمة أن الدولة تلعب دور المتفرج وتتجاهل مسئوليتها ودورها ثم تبحث عن دور لها وهى التي أغفلت دورها فتتغول على صلاحياته لتصبح في صدام مع الفيفا لهذا عرف اصحاب المصلحة فى هذا الكيان الخرب كيف يطوعون الوضع لحسابهم يقهرون الدولة بالفيفا ويقهرون الفيفا بالدولة وهكذا غيبوا كل من الدولة والفيفا وأصبحت لهم الحاكمية دون أي شرعية لمصادرتهم الحقوق الشرعية للطرفين.
أمر عجيب أن يبقى مثل هذا النظام بالرغم من الدستور الذى يحكم البلد وبالرغم من انه يضر بالمصلحة العامة وها هي نتائجه هبوط أهم منشط جماهيري في كل مرافقه في الملعب وخارج الملعب فنيا وإدارياً وإعلامياً ومالياً وجماهيرياً.
لنترك دستور السودان يتحدث أولا ولنضع اكبر علامة استفهام للدولة إن كانت تدير الشأن العام وفق الدستور .
1- في صفحة عشرة من الدستور الفصل الرابع وتحت عنوان نظام الحكم اللامركزي ومستويات الحكم ينص الدستور في المادة 24 على ما يلي:
(السودان دولة لا مركزية وتكون مستويات الحكم فيه على الوجه التالي:
أ- مستوى الحكم القومي الذي يمارس السلطة ليحمى سيادة السودان الوطنية وسلامة أراضيه ويعزز رفاهية شعبه.
ج- مستوى الحكم الولائى الذى يمارس السلطة على مستوى الولايات في كل أنحاء السودان )
إذن حسب الدستور السودان دولة لا مركزية يقوم على المركز والولايات مما يعنى إن العلاقة بين مكوناته الدستورية هي علاقة بين المركز والولايات وبهذا لا يجوز للمركز أن تكون له علاقة مباشرة مع أي كيان محلى تابع لولاية دستوريا لأنه لا يجوز له أن يمثل رأي الجزء وإنما تعامل المركز والولاية يقوم على رأى الطرفين فقط.
لهذا فان تمثيل أي كيان محلى لأي مدينة أو قرية مباشرة في المركز هو مخالفة صريحة لحقوق الولايات صاحبة الحق في أن يكون لها رأي واحد في أي شان يرتبط بالمركز ولا يجوز أن تمثل بمحليات تتباين مع بعضها في الرؤى بل وتتصارع لأنها لا تمثل الولاية وإنما تمثل ذاتها المحدودة مما يغيب رأي الولاية صاحبة الحق. في شأن هو حقها كصاحبة العلاقة الوحيدة مع المركز
وتأكيدا لهذا فلقد نص الدستور في المادة 26-1- تحت عنوان الروابط بين مستويات الحكم على ما يلي:
(تحترم مستويات الحكم عند إدارة النظام اللامركزى للبلاد المبادئ الآتية التي تحكم الرابط بينها ) وفى هذا تنص المادة في 26-1(ب) على ما يلي:
(فقرة ?ج- تؤدى أجهزة الحكم على كل المستويات مهامها وتمارس صلاحياتها بحيث:
أولا: لا يتغول أي منها على صلاحيات ووظائف المستويات الأخرى
ثانيا: لا يتولى أي منها صلاحيات أو وظائف منحت لمستوى أخر إلا وفقا لهذا الدستور)
وهنا يبرز السؤال بأي حق يمنح المركز(الاتحاد) المدن والقرى أن تمثل فيه مباشرة كمدن وقرى وبمسمياتها وهى جزء من ولاية و خاضع لها ولا يملك أن يمثل في المركز إلا إذا كان مفوضا من الولاية ويحمل وجهة نظر الولاية وليس لمدينة أو قرية.
الآن يقوم الاتحاد السوداني لكرة القدم وهو كيان على مستوى المركز وبموجب قوانينه القومية يقوم على المدن ولا يقوم على كيانات موازية له على مستوى الولاية فكيف له أن يمنح المدن والقرى من الولايات الحق في أن تمثل في الكيان المركزي لتصبح كل مدينة أو قرية صاحبة موقف مستقل وان يحق لها أن تختلف وتتباين فى الموقف طالما إنها تمثل نفسها ولا تمثل كيانا واحدا على مستوى الولاية وهذا ما لا يحق للمركز أن يفعله وإلا يعتبر مصادرا أو متغولا على صلاحيات الولايات.
والمصيبة عندنا لا تقف على تعدى المركز على حقوق الولايات فان الولايات نفسها تسكت عن حقوقها المعتدى عليها من المركز وتقبل له أن يهمشها ويتعامل مباشرة مع كيانات جزئية تابعة لها بل ويفترض أن تستمد وجودها من قوانين تصدرها الولايات وليس المركز
والى الحلقة القادمة ولا يزال الحديث متصلا عن الدستور والقانون بل واللوائح الدولية.
السودان با أستاذ كله في غيبوبة