شمال كردفان بين القبيلة و الحزب

شمال كردفان بين القبيلة و الحزب

محمد التجاني عمر قش_ الرياض
[email protected]

إن الأحزاب السياسية يمكن أن تكون ماعوناً حضارياً لصهر المجتمع في بوتقة واحدة و بالتالي تمثل خط الدفاع الأول لمحاربة القبلية. ولكن ما يحدث للحزب الحاكم في شمال كردفان يناقض هذا جملة و تفصيلاً إذ يستخدم أحياناً لأغراض هي أقرب للتوجه القبلي منها للعمل الحزبي.
فقد اختلط العمل الحزبي بالعمل القبلي و تشابكت خيوطهما حتى لا تكاد تميز بينهما! لأن المؤتمر الوطني كحزب سياسي حاكم و مفتوح من شأنه أن ينخرط في عضويته أصناف شتى من البشر لكل منهم أهدافه و توجهاته و طموحاته الشخصية و القبلية. و هنا نعيد إلى الأذهان ما حدث في الحملة الانتخابية الأخيرة حيث ألقت القبلية بظلالها على كثير من مواقف الحزب من إختيار لمرشح منصب الوالي و قوائم الحزب الانتخابية وبرزت أثناء تلك الحملة مجموعات مصالح كثيرة ترتدي عباءات متنوعة؛ أختفى بعضها فور نهاية الانتخابات بعد أن حقق أهدافه الخاصة ولو بصورة محدودة وبقي بعضها كدابة الأرض يأكل في جسد هذا الحزب و هو ما زال على قيد الحياة. فهنالك مجموعة محسوبة على الحزب يشغل بعض أفرادها مواقع متقدمة يستغلونها لتفريق الناس و ضرب النسيج الاجتماعي في بعض مناطق الولاية بتأليب بعض الجماعات مما ينسف مبدأ الشورى والعمل الحزبي المنظم كلياً و كل ذلك من أجل تحقيق أهداف شخصية حتى أطلق عليها أحدهم “مجموعة الفتنة”.
هذ المجموعة تعمل تحت لافتة الحزب وعبر هياكله بطريقة خفية حتى لا يكتشف أمرها وتتهم من ثم بالتفلت . وربما تستفيد من مواقعها في الأمانة العامة للحزب على مستوى الولاية على الرغم من أن النظام لا يسمح لأعضاء الأمانة بالعمل وسط القواعد لأن هنالك قيادات محلية مسئولة عن ذلك العمل . و لعلنا بهذا نلفت انتباه السيد الوالي ورئيس الحزب إلى ما تقوم به هذه المجموعة من ممارسات تحسب على الحزب و حكومة الولاية؛ و نريد منه العمل على وقف كل الوسائل الملتوية التي تستخدمها لتحقيق أهدافها.
إن هذا التوجه له أهداف يمكن أن نستشفها من تحركات المجموعة التي تريد تقديم مناصريها ولو كان ذلك مخالفاً لرؤية الحزب و منهجه السياسي حتى تكون لها الأغلبية في الكلية الشورية على مستوى المحلية لتستطيع التحكم في الترشيح و التصويت مستقبلاً؛ وبالتالي لا تمانع ً من الاستعانة بعناصر لا صلة لها بالتنظيم من الأحزاب الأخرى و أدعياء التصوف. ففي إحدى القرى قامت المجموعة بعزل أعضاء المؤتمر الوطني المنتخبين من قواعدهم و تعيين مرشح الحركة الشعبية في الانتخابات الأخيرة رئيساً لشعبة الأساس ، و هو لا يزال يقول بأنه حركة شعبية. و من نشاطها اجتماع الأسكلا الذي حضره أحد مرشحي المؤتمر الشعبي في أم درمان و بعض أعضاء هذه المجموعة و خرج بمقررات هي التي تنفذ حالياً في شمال كردفان باسم المؤتمر الوطني! إن هذه المجموعة قد تجاهلت كل مبادئ العمل التنظيمي مما يعد خروجاً على مؤسسة الحزب و تشتيت لوحدة المنطقة و تمزيق لنسيجها الاجتماعي و السياسي وتعريضه للفتنة. هنالك خلط واضح بين العمل القبلي الحزبي حسب فهمنا، و لذلك تقوم هذه المجموعة بالتعتيم على ما يقدمه المؤتمر الوطني و تنسب كل إنجاز لأعضائها حتى ترسم صورة ذهنية معينة أنها وحدها هي التي يكمن أن تقدم التنمية و الخدمات مع العلم بأنها إنما تحصل على ذلك كله باسم المنطقة من مؤسسات الدولة و المنظمات الإنسانية و الطوعية. إن استهداف النسيج الاجتماعي و هياكل الحزب و مؤسسات و رموز الإدارة الأهلية و إثارة الفتنة و تصفية الحسابات و استفزاز المواطنين الذين ظلوا يؤيدون هذا الحزب كبيرة لهو سلوك مرفوض و منهج يضر بالحزب أولاً و بالمنطقة ولذلك نهيب بقيادة الحزب الانتباه إلى تصرفات هذه المجموعة ووقفها عند حدها حتى يستقيم الأمر و تعود المنطقة إلى سالف عهدها من استقرار و تعاون شهد به الجميع خاصة في هذه المرحلة التي تمر فيها البلاد بمخاض صعب لا تحتمل معه مزيداً من الفتن و المشاكل و التشرذم.
بقلم/ محمد التجاني عمر قش_ الرياض
[email protected]

تعليق واحد

  1. ولاية شمال كردفان رغم ثرواتها الضخمة و إنسانها الطيب المعطاء ، إلا أنها أكثر الولايات تخلفاً في التنمية و البنيات التحتية و الخدمات ، ولاية تكاد تكون كل قبائلها كلها موحدة القبلة و الثقافة و لكن تجد الخلافات وسط بطون و فروع القبائل كبيرة و كبيرة جداً ، نحن في حاجة إلي الصادقين من أبناء الولاية ليترجموا ثروات هذه الولاية لصالح مواطن الولاية الذي يعاني نقص المياه ، وعورة الطرق ، الأمراض و قلة الخدمات التعليمية و الصحية و غيرها ، علينا أن نبعد المنافقين و المتملقين و سارقي أقوات الشعب من كل الواجهات التي لها صلة مباشرة بمصالح المواطن و نقرب المخلصين و الأوفياء خاصة في المؤتمر الوطني الذي رغم حداثته في هذه الولاية إلا أنه قدم الكثير و منتظر منه الكثير جداً فقط عليه إبعاد مثيري الفتن و العنصرية و القبلية الذين يصطادون في الماء العكر و يعملون لمصالحهم فقط .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..