أهم الأخبار والمقالات

نقابات السودان نواة الجبهة المدنية ضد الحرب

صحيح أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، هما الطرفان الرئيسيان اللذان يجب أن يتحملا مسؤولية وقف الاقتتال الكارثي الممتد من دارفور إلى الخرطوم التي تعاني التدمير الممنهج منذ 15 أبريل/نيسان الماضي. وصحيح أن إنقاذ المدنيين ودرء الكارثة عن السودان لا يمكن أن يتأتى بالشجب والإدانة فقط، وإنما يتطلب تدخلا مباشرا من المجتمع الدولي والإقليمي لفرض وقف الاقتتال، إما عبر التفاوض أو بالقوة. ولكن، لاشك أن الدور الرئيسي في صد هذه الجريمة الكبرى ووقف هذه الحرب التي أشعل شرارتها من لا يملكون أدنى قدر من الإحساس بالمسؤولية الوطنية والإنسانية والأخلاقية، يقع على عاتق القوى المدنية والسياسية السودانية. وهي قوى، سلاحها الوحيد توحدها وتمسكها الصارم بالموقف الرافض للحرب، ورفض أي دعاوى خبيثة باستمرارها. وصحيح أيضا أن هذه القوى، بمختلف مكوناتها، انخرطت في هذا المسار منذ لحظة إطلاق الرصاصة الأولى في الخرطوم، عندما اجتمعت مجموعة من الأجسام النقابية في دار نقابة الصحافيين السودانيين، رغم لعلعة الرصاص والشظايا المتطايرة فوق الرؤوس، وتوافقت على الوقوف ضد الحرب والتصدي لمحاولات خلق الفتنة في البلاد، ثم ما تلى ذلك من أنشطة ونداءات من عدة جهات لتأسيس كتلة موحدة، أو أوسع جبهة مدنية ضد الحرب وتدمير بلادنا، حيث أسفرت تلك الأنشطة والنداءات عن إعلان بيان تأسيس «الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية» بتاريخ 27 أبريل/نيسان 2023، بتوقيع طيف واسع من لجان المقاومة، والتنظيمات النقابية، والأجسام المطلبية والمهنية، والتنظيمات النسوية، وقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) ومجموعة من التنظيمات والأحزاب السياسية، وبعض الحركات المسلحة، إضافة إلى عدد مقدر من الشخصيات العامة. ورغم أن الجبهة انخرطت في تشكيل لجان متخصصة، وأصدرت عددا من البيانات، لكن، سرعان ما تعثر نشاطها، ربما بسبب، كما يقول بعض مكوناتها، سيادة الهلامية وغياب الرؤية الموحدة حول البنية التنظيمية للجبهة وكيفية إتخاذ القرارات وإدارة العمل داخلها، إضافة إلى غياب برنامج العمل المحدد والمتوافق عليه. وللأسف، ما لبث أن تفاقم تعثر نشاط الجبهة عندما تناوشتها الاتهامات بإختطاف قراراتها من قبل مكونات بعينها، مما مهد الطريق لبدء التشرذم وخلخلة بنيانها بإعلان بعض مكوناتها الانسحاب منها، بينما سارعت مكونات أخرى في البحث والانخراط في مبادرات شبيهة مما يعكس ضعف قناعتها بالجبهة، وأن إنخراطها فيها لم يتعدى التوقيع الإسفيري على بيان تأسيسها.

وبالتأكيد لايمكن القدح في وطنية وأهلية القوى المؤسسة للجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية، مثلما لا يمكن تجاهل أهدافها المطروحة بإعتبارها هي ذات الأهداف في أي مشروع جبهوي ضد الحرب. ولكن، يبدو كان من الضرور الانتباه إلى أهمية أن تحظى آليات العمل داخل الجبهة، بما في ذلك عملية إتخاذ القرارات، بمشاركة ومراقبة جميع مكوناتها. وبحسب طبيعة القوى المدنية والسياسية السودانية الراهنة، وطبيعة العلاقات بينها والتي تأثرت، موضوعيا، بمتشعبات الحالة السياسية في البلاد، خاصة بعد إنقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول من العام 2021، أعتقد أن صيغة التنسيق بين المكونات، وليس الهيكل التنظيمي الهرمي، في بناء الكتلة أو الجبهة المدنية الموحدة ضد الحرب وفي عملية إتخاذ القرارات داخلها، هي الأفضل. وفي هذا السياق، غمرتنا فرحة كبيرة عقب صدور البيان الصحافي الصادر بتاريخ الإثنين 26 يونيو/حزيران المنصرم عن مجموعة من النقابات السودانية بإعلان تشكيل جبهة نقابية لوقف الحرب وإعادة بناء الديمقراطية، كنواة أو خطوة أولى نحو تشكيل تحالف مدني أوسع قاعدته المجتمع المدني السوداني، ومنسق مع المنظمات والأحزاب السياسية السودانية التي تتفق مع أهداف الجبهة النقابية في جمع القوى المدنية السودانية وتوحيدها للضغط من أجل الإنهاء الفوري للحرب واستكمال ثورة ديسمبر المجيدة، خروج القوات المسلحة من المشهد السياسي والاقتصادي، حل قوات الدعم السريع وجميع الجيوش والميليشيات الموازية والحفاظ والدفاع عن وحدة السودان وسيادته ومؤسساته عبر الجيش السوداني القومي، التنديد بجميع أشكال التمييز العنصري والجهوي والنوعي في البلاد. الجديد في هذا الإعلان، وهو سبب الفرحة التي غمرتنا، أن مبادرة التأسيس جاءت من القيادات النقابية المنتخبة ديمقراطيا، وتحديدا نقابة أطباء السودان، ونقابة الصحافيين، ونقابة أساتذة جامعة الزعيم الأزهري، ونقابة أساتذة جامعة نيالا، إضافة إلى لجان التسيير في نقابة المعلمين ونقابة المهندسين. وحتى لحظة كتابة هذا المقال، من المتوقع إنضمام المزيد من النقابات والاتحادات لهذه النواة التأسيسية للجبهة المدنية، والتي نتمنى أن تكون وجهتها التالية هي دعوة القوى السياسية السودانية للانخراط فيها وفق آليات التنسيق الملائمة. ومعروف أن النقابات والهيئات المهنية لطالما كانت قوة رئيسية في إملاء الأجندة الوطنية في تاريخ البلاد، وهي دائما بمثابة العمود الفقري لجميع الثورات والانتفاضات في السودان، وظلت على الدوام محل ثقة الجمهور، وتتمتع بقدرتها على خلق وحدة أوسع بين مكونات المجتمع السوداني ضد الحرب.

يمكن للجبهة النقابية الوليدة أن تستخلص دروسا هامة من أخطاء وعثرات تجربة «الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية» المشار إليها أعلاه، وذلك من حيث التقيد بمنهج التنسيق بين المكونات المختلفة مع احتفاظها بإستقلاليتا التنظيمية والسياسية، في ظل توحد الجميع في مجرى الهدف الواحد، وقف الحرب، واستعادة مسار ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، والتوافق على هيكل تنظيمي مرن يحافظ على تلك الاستقلالية ولكنه يحقق الفاعلية من خلال مشاركة الجميع في صياغة برنامج العمل واتخاذ القرار ومراقبة تنفيذه، ويشمل ذلك خلق آليات للتنسيق مع الجهود الخارجية الدولية والإقليمية للضغط على طرفي القتال بشأن وقف دائم للأعمال العدائية، والتنسيق مع منظمات العون الإنساني ومع الأمم المتحدة في كيفية توصيل المعونات والاحتياجات مباشرة إلى السكان، والتواصل مع دول الجوار ومع المنظمات الإقليمية، الاتحاد الأفريقي والإيقاد والجامعة العربية، والحرص على المشاركة في مباحثات ومشاورات هذه الدول والمنظمات حول الوضع المتفجر في السودان.

القدس العربي

‫8 تعليقات

  1. روح يا الشفيع أنت كنت واحدا من الذين هاجوا الحكومة المدنية بتاعت حمدوك بشدة و ساعدوا في تكون رأي ضدها

  2. تصحيح بسيط..الطلقة الاولى لم تكن في الخرطوم بل في مروي عندما حاول الهالك احتلال مطارها لاستعماله في دك الوطن السوداني ..ما اظن دي فايتة عليك لكن زي و زي اي يساري حرفتكم التغبيش و تكرار الكذبة حتى تصدقوها و يصدقها قطيعكم من قبلكم ..الحرب بدوها الكيزان !!..ضربوا اول طلقة من ثكناتهم في سجن كوبر
    هههههه.

  3. الجبهة المدنية أي الاحزاب هي سبب كل البلاوي لضعفها وانانيتها وقصر نظرها وهي من يعطل قطار المدنية ويعطي الفرصه للعسكر لاستلام السلطه.. وهي من عطل مسيرة الثورة بتنازعها على تقسيم السلطه فيما بينها..هذه هي الحقيقه….

  4. مفروض فى الوقت الحالى النقابات تطالب منتسبيها بحمل السلاح وطرد الجنجويد والوقوف مع الجيش ..معقول نقابات بدون دولة وبدون خدمة عامة وبدون مصانع وبدون حقول وبدون أمن

  5. ده الكلام الصحيح واول حاجة التسويق لها لعمل قبول اقليمي و دولي كصوت للشارع والمواطن السودان هذا القبول سوف يوفر لهذا الإتحاد النقابي الممثل للشعب الفرصه في فتح حسابات بنكية لوصول المساهمات المادية من جميع ابنا السودان في المهجر هذا العمل كبير ويحتاج لي رجال ومال والرجال موجوده والمال سوف يكون من جميع السودانين الوطنين وحيكون مال حلال مش ذي مال ابو عمامة بتاع اسامة داود ونافع وكرتي وعلويه عثمان وصلاح قوش وووور وبقية اولاد الحرامية النهبو مال البلد وعاوزين يدمرو اهله من امثال الكيزان والجهلاء والعمله والحاقدين ابناء ال ….يارب يكون سبب الحقد على الشعب السوداني ده شنو يعني يكون لعبو فيهم عشان كده الناس دي حاقده ع البلد دي والشعب ده كده ههه

  6. د الشفيع تحية لك بداية الثورة قحت نفسها استهدفتك انت في شخصك وتركت العمل وسافرت وكنت شجاع وقت لم يستطع الكلام الكثير بحجة اي مخالفة راي راي فقط يعيروك انت كوز تحية لك

  7. العملاء والكيزان واحد الله لافطمك من مال الحرام والعمالة يا اولاد ال (بصومالي فطاده ادا)… ??? عشان نشوف نهاية العمالة والحرام والخبث بتعمل فيكم شنو.

  8. دكتور
    اتأسف لك عندما اسمي طرحك بالفاشل :
    1- لا تركن كثيرا على القوى الاقليمية والدولية، واستخدام القوة وما الى ذلك، كان غيرك اشطر كما يقولون، فبعد هزائم هذه القوى في افغانستان والصومال والعراق واليمن …اصبحت هذه القوى لا تخاطر كثيرا بالدخول في نزاعات مسلحة.
    2- مسألة النقابات هذه ..تفكير قديم ووصفة (فكي) كانت تنفع في الستينات والى حد ما السبعينات…لكنها اصبحت في عام 2023 من كتب التراث.
    اين هي نقابة عمال السكة الحديدية؟ اين نقابة المعلمين؟ هذه هي النقابات التي كانت تخيف الحكومات، اما نقابة الاطباء والمحامين ان كنت تتكل عليها ، فهذه مع احترامنا لهم، لا بحلوا ولا بربطوا، وعندك اخر تجربة دستور نقابة المحامين…مات وعلى قول النسوان (جنا شهرين).
    3- لابد من الاقتناع ان الحرب بعد الثمن الباهظ الذي دفع فيها،لن تقف إلا بهزيمة الجنجويد..هذه هي رغبة الشعب..تلمسوها بعقل واع وقلب مفتوح..ولا تتبعوا اهواءكم وعواطفكم…افتح الميديا الفيس والتويتر والواتس وغيرها وستجد الرغبة الشعبية العارمة في استمرار الحرب الى النهاية.
    هل خرجت اي مظاهرات شعبية تنادي بايقاف الحرب؟
    الجواب لا.
    الجميع سيقول لا للحرب ولكن بعد اجتثاث الجنجويد.
    اما قول لا للحرب الآن وتقديم طوق النجاة للجنجويد لكي ينمو السرطان مرة اخرى فهذا هو التفكير السقيم
    مع احترامي لك.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..