الصحة والبيئة

طفل يموت كل 5 ثوان

بينما يصارع جانب من أطفال هذا الكوكب الوقت هذه الأيام استعداداً لعام أكاديمي جديد وزي وأدوات وحقائب ومستلزمات مدرسية جديدة، يصارع جانب آخر من أطفال الكوكب ذاته الوقت أيضاً ولكن لسبب مختلف، ألا وهو البقاء على قيد الحياة.

هذا القيد فقدَ 6.3 مليون طفل دون سن الـ15 خلال العام الماضي، وذلك لأسباب كان يمكن تجنب غالبيتها. ووفق تقرير صدر أمس عن عدد من منظمات الأمم المتحدة تحت عنوان «مستويات واتجاهات وفيات الأطفال»، فإن عدم توافر مياه الشرب والصرف الصحي، وسوء التغذية، وتدني الرعاية الصحية الأساسية، ظلت تحصد حياة طفل كل خمس ثوان على مدار عام مضى.

وعلى رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها دول وجهات ومؤسسات ومنظمات أممية عدة لمواجهة وفيات الأطفال والوقاية منها، خصوصاً خلال سنواتهم الأولى، إلا أن التقرير يشير إلى أن غالبية وفيات الأطفال العام الماضي (5.4 مليون طفل) حدثت قبل بلوغهم سن الخامسة. والمؤسف أن حديثي الولادة استحوذوا على ما يزيد على نصف الوفيات.

الوفيات تحدثُ لأسباب تتراوح بين مضاعفات الولادة والالتهاب الرئوي والإسهال والملاريا للأطفال الأصغر سناً، في حين يموت من هم أكبر سناً، غالباً في حوادث غرق أو إصابات حوادث طرق. وبعيداً من الطريقة التي يموتون بها، فإن السبب الأبرز في وفاتهم هو «من هم وأين ولدوا».

ويقول مدير قسم الأبحاث والسياسات في «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» (يونيسيف) السيد لورانس تشاندي إن ملايين الأطفال يموتون بسبب من هم وأين ولدوا، على رغم التقدم المحرز في إنقاذ الأطفال منذ عام 1990، مشيراً إلى أن الأطفال الذين يعيشون في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أكثر عرضة بنسبة 15 مرة للموت مقارنة بأقرانهم في أوروبا.

ويحتل أطفال جنوب آسيا المكانة الثانية في العالم باعتبارهم الأكثر عرضة للموت لأسباب يمكن تفاديها. ولحسن الحظ، فإن الدول العربية نجحت في تحقيق قفزات كبيرة في مجال تقليص نسب وفيات الأطفال – باستثناء المناطق التي تسيطر عليها الصراعات والاقتتالات الداخلية. يُذكر أن نحو 800 ألف طفل يموتون في الدول العربية سنوياً، نحو 25 في المئة منهم بسبب الإسهال والالتهاب الرئوي.

ووفق التقرير، فإن الدول العربية نجحت في خفض وفيات الأطفال دون سن الخامسة بشكل ملحوظ، إذ انخفضت من 75 وفاة بين كل ألف طفل عام 1990، إلى 27 وفاة بين كل ألف طفل عام 2017.

وتظل الحلول البسيطة، مثل توفير الأدوية ومياه الشرب الآمنة والكهرباء واللقاحات، قادرة على إنقاذ أرواح ملايين الصغار من دون كلفة باهظة.

وفي حال استمرت الأوضاع كما هي، فإن عدد الأطفال دون سن الخامسة المتوقع وفاتهم بين عامي 2018 و2030 سيصل إلى نحو 56 مليون طفل، نصفهم من حديثي الولادة، وغالبيتهم تلقى حتفها لأسباب كان يمكن تجنبها لولا الفروق الاقتصادية والاجتماعية الشاسعة.

هذه الفروق يركز عليها التقرير الصادر عن كل من «يونيسيف» ومنظمة الصحة العالمية وشعبة السكان في الأمم المتحدة والبنك الدولي. على أن هذه الوفيات التي كان يمكن تفاديها، تعكس حجم تأثير التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة على صحة الصغار. وحين تتحول خدمات صحية أولية، مثل اللقاحات والعلاجات الصحية والتغذية المناسبة ومياه الشرب الآمنة والصرف الصحي، من بديهيات إلى مسألة حياة أو موت تُهدد بقاء ملايين الأطفال والمراهقين على قيد الحياة، فإن هذا يعني أن الحاجة إلى تضييق الفجوات الاجتماعية والاقتصادية بات أمراً ملحاً لضمان مضي الإنسانية قدماً من دون أن تترك أحدهم خلفها.

 

الحياة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..