( قانون الفوضى العامة )

::ويُحكى أن والياً إستغل عربة تاكسي ليتفقد أحول الناس في الشوارع والأسواق..وقبل التحرك، سأل السائق عن سر ثلاث صور ملصقة في العربة ب( شكل إحتفائي)..فأجاب السائق مُباهياً : ( كيف ياخ؟، ده الامام المهدي الحارب الانجليز بسيف العُشر، و ده الزعيم الأزهري الرفع علم استقلالنا نُص النهار)، ثم صمت وأبدى بعض الحزن..فسأله الوالي عن سر (الصورة الثالثة)، وكانت لأحد وزراء حكومة السيد الوالي شخصياً ، فأجاب السائق بمنتهى الضجر : ( ده الشريك معاي في التاكسي).. أوهكذا تحالف السلطة مع كل أنواع التجارة والكسب في بلادنا، ولم يعد باستطاعة المواطن أن يكسب ما لم يتخذ احد السلاطين شريكاً..!!

::ويوم الخميس الفائت، عندما إنتقدت قرار الإستثناء الصادر عن وزارة الصحة بالخرطوم حول المسافة القانونية ما بين الصيدلية والأخرى، أكدت أن هذا القرار – المخالف للقانون والمتجاوز لسلطة مجلس الأدوية – مفصل على مقاس مستشفى الزيتونة و مشافي أخرى خاصة أيضاً..فالشاهد على التأكيد، قبل سنوات كادت إدارة الزيتونة أن تنشئ صيدلية تفتح على شارع المستشفى، ولكن مجلس الأدوية رفض التصديق لأن أقرب صيدلية لمستشفى الزيتونة كانت تبعد عنها فقط مسافة (85 متراً)، وليست ( 100 متراً).. والنص القانوني يُلزم بأن تكون المسافة بين الصيدلية والأخرى ( 100 متراً أو أكثر)..!!

::ولكن، بعد هذا الاستثناء الصادر عن وزارة الصحة – والذي يلغي المسافة القانونية ( 100 متر)، وهو إلغاء مخالف للقانون ومتجاوز لسلطة مجلس الأدوية – لم تعد إدارة مستشفى الزيتونة ملزمة بالقانون..وكذلك إدارة مستشفى جرش أيضاً لم تعد ملزمة بالقانون، ولا تلك الإدارة الصيدلانية النافذة بشارع أوماك..وتُخطئ وزارة الصحة لو ظنت أن حراك ما قبل الإستثناء كان مخفياً عن عيون العاملين بالأوساط الطبية والصيدلانية والإعلامية، ولكنهم إلتزموا الصمت ليختبروا نزاهة وزارة الصحة في إمتحان خرق القانون..وللأسف، سقطت الوزارة في الإمتحان، وخرقت القانون – لصالح مراكز القوى – بهذا ( الإستثناء المُعيب)..!!

::والمهم..تحديد المسافة بين صيدلية وأخرى نهج تعمل به دول العالم، وليس السودان فقط.. وعلى سبيل المثال الأوربي، أسبانيا (250 مترا)..وفي العام 2009، رفضت المحكمة الدستورية بمصر طعناً دستورياً في قانونية تحديد مسافة مائة متر بين صيدلية منشأة وأخرى يراد إنشاءها، وألزمت الصيادلة بالمسافة القانونية هناك ( 100 متراً)، أكرر ( محكمة دستورية).. وبلبنان، عدًل مجلس النواب قانون الصيدلة لتصبح المسافة بين صيدلية وأخرى من ( 200 متر) إلى ( 300 متر)، وذلك لمواكبة عمليات البناء الأفقي .. وبالسعودية (250 متراً)، وكذلك بالبحرين، و بالأردن ( 100 متراً)، و بالسنغال ( 500 متراً)..هكذا، تلتزم كل الدول – بكل قارات العالم – بمسافة هي المعيار الخدمي المطلوب لتوزيع الصيدليات حسب الكتافة السكانية و مساحات الأحياء بحيث تكون الخدمة الدوائية بقرب المواطن ..!!

::وبالسودان – قبل هذا الإستثناء المُعيب، والمراد به خلق الفوضى و إرضاء بعض النافذين – ظل شرط مسافة ( 100 متراً) بين الصيدلية والأخرى..ولكن للأسف – بعد أن إختلطت التجارة بالسلطة، وتحالفت المصالح الخاصة مع المصالح العامة، وحلت مراكز القوى محل المؤسسات والقوانين – لم يعد هذا الشرط سارياً بأمر الإستثناء الصادر عن وزارة الصحة بالخرطوم.. والبروف مأمون حميدة يعلم بأن الصيدلة خدمة وليست(تجارة ومضاربة)، وأن الصيدلية (مؤسسة خدمية)، وليست (محل تجاري)..ولذلك، كان يجب توزيعها ب (معايير خدمية)، ومنها المائة متر المنتهكة بقراره ..وما لم يتحرك مجلس الأدوية واتحاد الصيادلة ضد قرار الإستثناء المُعيب عاجلاً، فليجز البرلمان (قانون الفوضى العامة)، ليصبح كل أهل السودان سواسية في تجاوز القوانين، وليس فقط..(مراكز القوى)..!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ياخى العايز يشترى من أى أجزخانه اللشترى
    براك شايف بقالات مافيها ولا زبون وواحده فى نصهم الناس واقفه فيها بالصف
    شغل البيع دا رزق

  2. يا الطاهر يا ولدي بروف مأمون حميدة عندو قروش تسد عين الشمس وإستثمارات ما ليها حد وما محتاج قروش زيادة عشان نتهمه أنه عدّل القانون عشان يفتح ليهو صيدلية جنب الزيتونة. في رأئي المتواضع القرار مظبوط وما مفروض يكون في قانون يحدد مسافات بين صيدليات 100 و200 متر لأنه دي منافسة عامة. والحكاية خدمة إنسانية فعلاً لكنها برضو تجارة لا عيب فيها والصيادلة ديل بيكسبو رزقهم من تجارة الدواء. القانون مفروض يضبط الأدوية وأسعارها وصلاحيتها مش تجارتها والمسافة بين الصيدليات.

  3. لك التحية / الطاهر ساتي .

    المصيبة فى بلادنا أننا كلما نظرنا من حولنا لجيراننا نسمع هذا الحديث :

    * المصريين : ملة سوء ، بل كذابين ومنافقين ،،،، الخ .
    * الحبش : ملة سوء ، بل عديمي العشرة ،،، الخ .
    * الخليجون : والسعوديون على وجه التحديد : ملة معظمها لا تتذكر يوم الحساب .

    ما بالنا نحن ، فى السودان أصبح سئ السيئين فى كل شئ ، أصبح كل شئ مستباحاً ، لا أحد خاصة المسئولين لا يقف عند حرام ، الكل يحاول أن يتكسب هو وأسرته وأرحامه بقدر ما يستطيع دون مراعاة أو تحرى للحلال والحرام ،،،

  4. با احى نحن لاد الفوضى بالصورة والصوت

    والنافذين ومن والاهم هم المسيطرون غهم الفانونيين والمشرعين والتجار والجمارك والضرائب وحماية المستهلك الغلبان يعنى هم الدولة وهذا هو التمكين وكل شيىء لله وزمان قالها البعبع الداسر يبقى وزير يجى المؤتمر ناسيا ان الامر بيد الله
    اخى لا حل الا بتغيير شامل وكمس واقتلاع نهائي لشجرة المسكيت اللعينة ولهذا لا يرغب الحزب الحاكم في تنازلات وليحدث الزلزال والذي هو بلا شك قادم فقط الامر بيد الله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..