المهاجرون..!

العصب السابع
المهاجرون..!
شمائل النور
“لانريد هجرة من الأرياف إلى العاصمة”، هكذا قالها الرئيس الأسبوع الفائت في إشارة إلى ولاة الولايات لتشغيل الخريجين… لكن الهجرة من الأرياف والمدن إلى الخرطوم هي في الأصل مجموعة أسباب فقط على رأسها البحث عن عمل بالنسبة للخريجين، لكن هناك أسباب أخرى.. العام الفائت كشف تقرير لخبراء وسياسيين في مجال الحكم المحلي عن تجربة اللامركزية في السودان كشف عن 78%.. هي نسبة صرف المركز على الولايات، حسناً، إذاً هي نسبة أكثر من معقولة، لكن انظروا.. هذه النسبة يذهب منها 4% فقط للتنمية أي للمواطن مباشرة، ويذهب ما نسبته 68% مرتبات وأجور.. والمسافة بين نسبة الصرف في التنمية ونسبة الأجور غير قابلة للمقارنة لأنه في الأساس لا علاقة تربط النسبتين. وليت التقرير كشف عن هل هذه النسبة المخجلة يحددها المركز أم يحددها ولاة الولايات الخيّرون.؟ الأرقام أعلاه وإن لم تكن دقيقة فهي ليست بعيدة عن الواقع وقد تكون أسوأ من ذلك بكثير، ورغم كل هذه المعطيات الآسفة يخرج علينا المسوؤلون في المركز ليشكون كيف أن العاصمة الخرطوم تعاني من الضغط عليها وتشكو وطأة سكان الولايات وأنهم راغبون في دحر القادمين من الولايات، ذلك طبعاً دون النظر إلى الأسباب الداعية إلى هذه الهجرة المزيفة، وقد لا يعلم المسؤولون أن نسبة التنمية في الولايات تحت رحمة الـ 4% أو أقل، ولا يدرون أيضاً أن من يقطنون الولايات، يعانون ما يعانون من سوء الخدمات لدرجة تصل إلى انعدام الخدمات، تعليم وصحة، ناهيك عن خدمات أخرى غير أساسية لكنها إنسانية استغنى عنها المواطنون، وأيضاً قد لا يعلم المسؤولون أن أي قادم من الولايات إلى المركز آت مجبر أخاك لا بطل، هل يا ترى يعلم المسؤولون أن هناك مدن نحسبها من كبرى مدن السودان تنعدم فيها بعض التخصصات الطبية، وهل يا ترى يعلم المسؤولون في المركز أن مستشفيات الولايات مثلاً يمكن أن توقف عملياتها بسبب انعدام خيط العملية أو البنج… الحديث عن الإهمال اللا إنساني الذي لحق بالولايات لن يتوقف عند الصحة والتعليم فقط، لكنها تبقى هي الخدمات الأكثر من أساسية، كيف لا، إن كان هناك عدد مقدر من ولاة الولايات أنفسهم يقطنون الخرطوم ويبتعثون أبناءهم للالتحاق بمدارس الخرطوم.. انظروا إلى جميع مدن السودان وبمختلف مواقعها كيف كانت قبل 20 عاماً وكيف حالها اليوم… بل إن هناك ولايات كانت منتجة ويُمكن لها أن تصرف على نفسها وتفيض.. هذا ما كشفه تقرير واحد…. كثيراً من التجارب ترمي المشكلة في موطن دقة لكن لا تستطيع علاجه، وفي هذا خلل كبير، وهذا هو الحال عندنا نعلم تماماً أين تكمن المشكلة لكن نعجز عن حلها، هذه هي الأسباب التي تجعل العاصمة تئن من حِمل الوافدين من الولايات، فهل ترى الحكومة في هذه الهجرة أسباب مقنعة.؟
التيار