مقالات سياسية

مبادرة “حوار الدولة” بين الجنرالين

محجوب حسين 

المركز الوطني “لمراقبة مبدأ المواطنة وصون التعددية” .

عنوان المبادرة :  “حوار  الدولة” بين الجنرالين

توطئة :

ان الأزمة التي عرفت  ب”الإنتقال” السوداني ما هي إلا تمظهر من  تمظهرات الأزمة الوطنية السودانية الراكدة في البلاد -أي منذ خروج عباءة الكولنيالية-  بذلك فهي ازمة بنية شاملة  تتفاعل داخلها عوامل و أنساق ، يستحيل الفصل بينهما بين الجزئي والشمولي والسطحي والبنيوي، الراهن ، الآتي ، اللاحق ، التاريخي ، الماضي والحاضر ، الجماهيري والنخبوي ، فضلا الخارجي والداخلي. طبيعية الأزمة لولبية ، تعيد إنتاج نفسها بشكل مستمر ، فيها تتبدل الشخوص ولا تتبدل القناعات ، الأزمة السوداني هي أزمة بنية النسق السلطوي السوداني وهو نسق إستبدادي,
في توصيف لراهن الأوضاع في البلاد ، ثمة شعور جمعي عام حول فقدانه لقيم الإستقرار والأمن والعدالة في  البلاد جراء تعقيدات المرحلة المفصلية من سيرورة  التاريخي والإجتماعي  والسياسي والثقافي للدولة الوطنية الأولى ، والتي على ما يبدو تمضي نحو صيغة البناء  المبني للمجهول عوض البناء للمعلوم.
أولا : قبل الدخول في عناوين عامة لهذه المبادرة ، ينبغي القول أن :-
*  ” المركز الوطني – لمراقبة مبدأ المواطنة وصون التعددية” الذي يعلن مبادرته اليوم ، هو مركز وطني مستقل بحثي معرفي وسياسي ، يهدف إلى تعزيز ومراقبة مبدأ المواطنة وصون ثقافة التعددية والإعتراف بالآخر كأساس للعيش المشترك في مشروع الدولة المرتقب والمؤجل في البلاد لأكثر من سبعة عقود ، أعني الدولة/ المؤسسة ، أي الدولة  الوطنية المدنية الديمقراطية العادلة الحديثة ، إلى ذلك يسعي المركز إلى تعزيز نضال الشعوب السودانية نحو الإلتفاف حول تيار وطني  ديمقراطي يتبني معركة  المواطنة والتعددية والحرية والإختلاف وبالفكر الديمقراطي الليبرالي الحر لمشروع الدولة الوطنية الثانية.
أيضا ، الجدير بالذكر ،،،،، نعتقد أن هذه المبادرة تؤسس لحوار “إستراتيجي” يتجاوز التكتيكي واللحظوي والسائل لمتن الأزمة الوطنية راهنا. لذلك هي مطروحة اليوم  للرأي العام الوطني بكل تصنيفاته وتراتبياته لإبداء رأيه بالإشتغال عليها نقدا سياسيا ومعرفيا والعمل على بناءها كفعل وإستحقاق وطنيين ، وبالتالي ليست من شاكلة المبادرات “الكلاسيكية” التي تقدم لأطراف صراع المشهد السوداني سرا أو علنا ، والغاية هنا ، أن ننشيء فضاءا واسعا للحوار الوطني  يتجاوز “النخبوي” إلى المجال العام المفتوح :-
+ لأجل حوار يتيح المجال للتبادل ومفاوضة الآراء والأفكار بين مكونات المجتمع السوداني وفي جهات السودان الأربعة وفي مرجعياته المختلفة والمتباينة لحد بعيد.
+ أيضا مثل هذا الطرح ،  يؤسس لحراك إجتماعي وجماهيري وثقافي وسياسي فاعل يتخلله تدوير النقاش من النخبتين العسكرية والمدنية إلى عامة الشعب لتكون آلية محورية للتأثير في التوجه الوطني الذي يجب أن ينجز ، حيث لا يمكن إنجاز أي توجه وطني دون جموع الشعب السوداني ، والإشارة هنا إلى التفويض الشعبي والجماهيري اللازم.
كذلك مهما ، أن  يؤكد “المركز الوطني لصون مبدأ المواطنة وصون التعددية” -مع التشديد- أنه  ليس ضد المبادرات المطروحة أو تلك التي تطرح أو تلك هي محل إتفاق أو إختلاف ، بل نعتقد أن  مبادرة  المركز “نوعية” تقضيها ضرورة وطنية عبر حوار تاريخي قد يقود إلى تسوية تاريخية. وبالتالي نعتقد أن هناك ضرورة وطنية ملحة دفعت مركزنا لطرح هذه المبادرة .
العناوين المفتاحية لهذه المبادرة :-
+ أن سؤال ما بعد الثورة التراكمية التي أنجزها الشعب السوداني على نظام “الإسلاموية” وفي مثاقفة قومية وطنية ثورية لم يجيب عليه الإنتقال السوداني الجاري الآن وفق عناصره وشركاؤه.
+ الثورة أنتجت إنتقالا سودانيا والأخير أنتج واقعا قريب للمساومة أو التسوية ما بين القوى الحزبية وقوى العنف المسيطرة على المجال العام.
+ سقوط الإنتقال الثالث وتم عسكرة الإنتقال ، وبات السودان في محنة الإنتقال وقلق المسارات.
إن الإنتقال الحالي -إن جاز لنا أن نسميه الرابع- المؤكد ليس هو الإنتقال الأول ولا الثاني ولا الثالث ، حيث لم  ينتجوا إلا إفساح المجال لعسكرة الدكتاتوريات تحت مسوغات وشرعنات مختلفة طوال تاريخ الحكم العسكري الذي إستوطن حكم البلاد ما بعد الإستقلال ، فضلا عن  ذلك هي فترات محدودة لتدوير النخب السلطوية للسلطة ما بين المدنية والعسكرية والديمقراطيات المسطرية.
+ الأهم في هذا السياق ، لم يتم تدقيق جاد حول ماهية الإنتقال السوداني ، أي من أين يريد الشعب السوداني أن ينتقل؟! وهذا يساوي “تحديد المرحلة التاريخية” بدقة ومن ثم سؤال إلى أين؟ ومن بعد كيف؟ ولضبط سياق هذا الإستفهام المفاهيمي يبقي  صياغته كالآتي : من أين؟! وإلى أين؟! وكيف؟!. ونعتقد هنا من أين؟ أي وضعية للا-دولة التي يعيشها الشعب السوداني ما بعد الإستقلال.  وإلى أين ، أي نحوالدولة / المؤسسة ، الغائبة والمؤجلة وكيف؟! أي ، إستحقاقات هذه الدولة الحديثة ، دولة المواطنة الحقة ، أي الدولة ومتطلباتها ومعطياتها الموضوعية والمتعارف عليها.
+ أهم تداعيات هذا المشهد هو سقوط الدولة الوطنية الأولى ، أي ما بعد الإستقلال وإنهيار عديد من مرتكزاتها وكذا فقدان الكثير من مؤسساتها شرعيتها ، وتآكل المؤسسات القديمة وإنهيار منظومات التمركز  فيها وإن بدا على جزء منها المقاومة لصالح مؤسسة منظومة الهيمنة التاريخية الراعية للدولة الوطنية الأولى التي تتآكل وتنهار تدريجيا. كل هذه التجليات التي نعيشها اليوم ، أدت إلى إشكاليات وأسئلة مقلقة ، منها :-
++ خلل في المرجعيات الوطنية الغير متفق عليها تاريخيا وكذا تعدد الشرعيات بل صدامها ، فضلا عن صعود تراتبيات وتشكيلات إجتماعية وإقتصادية وتراجع أخريات.
++ انفجار الهويات القاتلة وسؤال العيش الإنساني المشترك بين السودانيين.
++ حالة إستقطاب شعبوية حادة وعلى جميع الأصعدة وبروز إشكالية الثنائيات المضادة.
++ الصراعات القبيلية والجهوية التي تغذي السياسية
++ ارتفاع مستوى العنف والاستقطاب السياسي  والايدولوجي وتدهور المؤسسات وشرعيتها
++ تغلغل العنف المادي والسياسي داخل بنى الدولة والمجتمع  وتحوله الى نمط وسلوك سياسي وثقافي
++ الفراغ المؤسساتي والسياسي المهول وتقلص بل تراجع الوظائف التوزيعية للدولة على مستوى الامن والتنمية وفرض سيادة القانون هذا الانزلاق المفصلي والتاريخي جعل الدولة تفقد احتكار العنف المشروع لغياب شرعية السلطات نفسها وهذا الفراغ اعطى بعد

جيو-استراتيجي مما مهد التدخلات الخارجية بشكل كثيف ، حيث هو حديث العامة.
++ محنة الإنتقال السوداني لا تتعلق بهندسة نصية دستورية وفق أي ترتيبات جاءت لأن الأمر يتعلق بسقوط العقد الإجتماعي القديم وتداعيات هذا السقوط كما هي ماثلة للعيان.
++ ما تبقى من مشروع الدولة الوطنية الأولى يعيش اليوم على ما يمكن تسميته ب “توازن الرعب” عسكري ، أو جماهيري،،،،، إلخ والتوصيفات هنا عديدة.
++ خلل في توازن القوى القديمة.
++ وجيوش بحاجة إلى ترتيبات وطنية أمنية شاملة ، لأن كل قوى تحرس مشروعها في غياب مشروع وطني موحد تاريخيا . وفي تعبير عن هذه الأزمة جاء الخطاب السياسي والإعلامي “حربيا”، وعلى سبيل المثال لا الحصر.
++ سقوط تقنية التمركز السلطوي الحاكم والمتمثلة في الرباعية الأتية “الدمج ، الإلحاق ، الإستيعاب ، الإلغاء” والأخير قد يقود إلى الحرب ما دامت الثلاثية الأولى غير فاعلة.
ومن هنا نعتقد أن التعريف الموضوعي للصراع  هو الذي يؤدي إلى تأسيس الدولة المؤجلة كما ذكرنا سابقا
++ هذه المبادرة تنطلق من فكرة توازن القوى القائم .
++ النظام القائم هو إنعكاس لتوازنات القوى القائمة ، إن كان في البيئة العسكرية أو الإقتصادية أو الإجتماعية.
++ كل القوى العسكرية في البلاد تحمل مشاريع سياسوية داخل أبنيتها وليست محايدة في الصراع الوطني وبالتالي المسائل العسكرية والأمنية ليست مسائل هندسية/ عسكرية صرفة.
++ سيرورة وصيرورة الأزمة السودانية وصلت مقفلتها التاريخية الحاسمة.
وهذا معناه أن البلاد بحاجة إلى ترتيبات وطنية جديدة “سياسية وعسكرية وأمنية”، ليست تلك النمطية أو المألوفة، وما يجري الآن هو نمطي ومألوف ولا يشكل مخرجا لإنتاج الدولة وهو الإستحقاق الوطني الأول وبإمتياز والذي  ياخذ شرعيته أو أولويته من واقع البلاد عامة ،،،،، عليه ، أطلقنا على عنوان مبادرة المركز :-
“حوار الدولة “هو حوار إستراتيجي وشعاره” دولة للكل وحقوق للكل.

أطرافه :
أ/ الجيش السوداني وهي قوى عسكرية رسمية ذات تأطير سياسي على المستوى الفوقي أهم مركز هيمنة سلطوية في جهاز “التمركز السوداني”.
ب/ الدعم السريع ، هي قوى عسكرية صاعدة وهي بذلك نتاج النسق السلطوي الإستبدادي.
ج/ الوسطاء والخبراء وفريق التفاوض .

تعريف :
“حوار الدولة” /  هو حوار لتاسيس الدولة الوطنية السودانية الثانية علي شرعة الحقوق والقانون والتعددية والمواطنة والديمقراطية والحرية والمساواة والشراكة الحقة والمؤسسات.
“حوار الدولة” يختلف عن حوار السلطة الذي يجري حول توزيع السلطة والنفوذ ، كذلك ليس هو حوار الأحزاب ، ليس هو حوار صراع أو تناقس ، بل هو حوارا لترتيب وتقعيد الصراع وبحقائقه الموضوعية  لغاية “تسوية تاريخية” ونهائية وبذلك  هو حوارا لإنتاج  الدولة ، فهو حوار إيجابي ، تكاملي بشكل يؤسس للدولة السودانية المؤجلة ، دولة المؤسسات العادلة ، كأهم إستحقاق وطني .

أبواب المبادرة :
الباب الأول:-
1/ إعلان  مباديء “إلتزام إعادة ببناء الدولة وإعادة هيكلة مؤسساتها …” بين الجيش والدعم السريع يؤكد فيه أنهما قوتان مكملتان لبعضها البعض ، وبالتالي ليستا قوتين متنافستين متصارعتين ويعملان -أي الجيش والدعم السريع- لإنجاز مهمة وطنية واحدة عجزت عنها نخب البلاد السابقة “العسكرية والمدنية”  لرسم مسار جديد للسودان بتنفيذ شعار الثورة وهو شعار تأسيس وبناء الدولة للأجيال.
2/ تأكيد رغبة قائدي الجيش والدعم السريع الدخول في حوار ثنائي عميق حول “حوار الدولة” وبعيدا عن الإعلام ، حول الدولة عبر البناء والإصلاح والهدم ، وهذا لا يتأتي إلا بنقد عميق للدولة الوطنية الأولى ومرتكزاتها ومرجعياتها وشكل الممارسة والفعل.
3/ إعادة هيكلة كل مؤسسات الدولة ، بدءا من الخدمة المدنية والإقتصادية إلى العسكرية والأمنية والقانونية وبما يتوافق ومعطيات الواقع الإجتماعي والجهوي.
4/ الإقرار بأن هناك قوى صلبة ومرنة مهيمنة سببت إشكاليات وطنية وتراكمت هذه الإشكاليات وما محصلة اليوم إلا وناتج مباشر لمحصلة تاريخية فاشلة لم تنجز فيها الدولة.
5/ إلغاء المفاهيم الآتية من قاموس “حوار الدولة”  مثل مفاهيم “الدمج والإلغاء  الإستيعاب والإلحاق”.
5/ هذه الترتيبات الوطنية الشاملة تؤسس للأتي:-
+  إعلان المباديء الوطنية العليا للدولة الوطنية الثانية “يتم إستفتاء الشعب على بنودها”، كما يتم بمشاركة القوى السياسية ، ليشكل أسس المشروع الوطني المفقود والوثيقة الأعلى.
+ إعلان وثيقة حقوق الإنسان والمواطن السوداني “يتم الإستفتاء عليها” بالتشاور مع القوى السياسية.
+ الدعوة لمجلس دستوري لدستور دائم وفق وثيقة المباديء الوطنية العليا المستفتى عليها وميثاق حقوق الإنسان والمواطن السوداني المستفتى حوله ، ليشكلا بذلك أهم مرجعيات دستورية
وتكوين هذا المجلس الدستوري يتم بمشاركة القوى السياسية والمدنية والمرأة والنقابات والمتخصصين من الجامعات والقوى الأهلية ورجال الدين وكل قوى المجتمع الفاعلة.
+ يوكل “للمجلس الدستوري” لبناء نظام إنتخابي حديث ومواكب يؤسس لإرادة جماهيرية حقيقية ، وذلك بالتشاور مع القوى السياسية والنقابية.

الباب الثاني :-
يتم الإتفاق والتوافق حول تشكيل حكومة تسييرية مصغرة ، محددة المهام والإختصاصات خلال عملية “إعادة بناء الدولة وإصلاح هياكلها ومؤسساتها” وذلك لتسيير دولاب الدولة المدني.
الباب الثالث :-
عند إنهاء إجراءات عملية بناء الدولة وإعادة هيكلة مؤسساتها يتم الإتفاق على مواعيد إجراء الإنتخابات العامة لبناء الشرعيات الدستورية المنتخبة لكل الفاعلين السياسيين.
الباب الرابع :-
هو باب العدالة والعدالة الإنتقالية.
الباب الخامس :-
في الباب الأخير يتم فتح باب الترتيبات العسكرية والأمنية الوطنية الشاملة بين “الجيش والدعم السريع والحركات الحالية واللاحقة  وما يسمى بدرع السوان وتماذج؛؛؛؛؛؛إلخ ، وكل ما له طابع عسكري” وذلك لغاية حماية مؤسسات التعاقد الجديدة ومؤسساتها والسيادة الوطنية ، هذه الترتيبات لا تتم بفهم الدمج أو إعادة الهيكلة ، بل لصالح جهاز دفاعي أمني  وشرطي سوداني مهني جديد. يعمل وفق القانون وبالتمثيل العادل وبالمعايير العلمية المعرفية المعروفة او المتفق عليها ويكون على الحياد ولا يتعاطى السياسة.

الخرطوم 2 – 4 – 2023م (سونا) – أعلن المركز الوطني لمراقبة مبدأ المواطنة وصون التعددية بمنبر وكالة السودان للأنباء اليوم عن مبادرة سياسية جديدة حول الأزمة السودانية. وقال الأستاذ محجوب حسين مدير المركز الوطني لمراقبة مبدأ المواطنة وصون التعددية في منبر سونا خلال تدشين المبادرة إن هذه المبادرة نوعية تقتضيها ضرورة وطنية عبر حوار تاريخي استراتيجي يقود إلى تسوية تاريخية ، مضيفاً أن هناك ضرورة وطنية ملحة دفعتنا لطرح هذه المبادرة التي تؤسس لحراك اجتماعي وجماهيري وثقافي وسياسي فاعل يتخلله نقاش من النخبتين العسكرية والمدنية لعامة الشعب لتكون آلية محورية للتأثير فى التوجه الوطني . وأوضح محجوب حسين أن البلاد بحاجة إلى ترتيبات وطنية جديدة سياسية وعسكرية وأمنية ، مؤكداً أن الجيش والدعم السريع قوتان مكملتان لبعضهما تعملان لانجاز مهمة وطنية واحدة لرسم مسار جديد للسودان بتنفيذ شعار الثورة لتأسيس وبناء الدولة للأجيال. ودعت المبادرة لإلغاء مفاهيم الدمج والإلغاء والاستيعاب والالحاق من قاموس حوار الدولة ، وايجاد مبادئ وطنية…

 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..