الموت الفاجع بلدغات العقارب

نشرت صحف الخرطوم خلال اليومين الماضيين، خبرا فاجعا عن موت طفلة بولاية نهر النيل بلدغة عقرب ، وكانت ذات صحف الخرطوم قد نشطت في فترات سابقة في نشر أخبار مفجعة عن وفيات متلاحقة للأطفال والنساء بلدغات العقارب في دارفور والشمالية وغيرها من المناطق والفيافي الريفية القصية التي تنتشر وتتكاثر فيها الهوام من عقارب وثعابين ..
لقد توالت بشكل لافت حوادث الموت الفاجع بلدغات العقارب والثعابين ،ومن أكثر تراجيديات موت الأطفال بلدغات العقارب التي ظلت عالقة بذهني، حكايتان ليافع ويافعة ،اليافع اسمه المتوكل لم يتجاوز عمره العشر سنوات، من أهالي كريمة تقيم أسرته بحي لا يبعد عن مستشفى المدينة إلا مسافة سير لمدة ثلاث دقائق، لدغت عقرب هذا اليافع البرئ، حمله ذووه على جناح السرعة وطاروا به إلى المستشفى ولكنهم فوجئوا بعدم وجود المصل المضاد لسميات العقرب، هرع بعضهم إلى مروي القريبة علهم يجدون فيها المصل الذي ينقذ حياة هذا الطفل الذي أصبحت روحه معلقة في الحد الفاصل ما بين المدينتين، ولكن للأسف كان الموت أسرع، حيث لفظ الصغير أنفاسه الأخيرة وتكوّم جثة هامدة على حجر أمه قبل أن يعود «الفزع» من مروي ..أما اليافعة التي لا يتعدى عمرها السنوات الست، كانت تعيش مع أسرتها في ناحية من نواحي الولاية الشمالية، لدغتها عقرب مع حلول المساء، أسرع بها أهلها إلى المشفى، استقبل الحالة الطبيب الموجود وأسعفها بالموجود من إسعافات أولية بقسم الحوادث وأدخلها عنبر الأطفال، ليتسلم حالتها عند العاشرة ليلاً طبيب آخر وجدها تعاني غاية المعاناة، إذ كانت في حاجة إلى دواء آخر لم يتوفر بالمستشفى، بذل الطبيب كل ما في وسعه لإنقاذ الصغيرة، ولكن هيهات مع هذا التردي في الخدمات العلاجية، حتى صديقه الصيدلي الذي استغاث به بعد منتصف الليل لم يجد عنده هذه الجرعة من الدواء الذي ينقذ حياة الطفلة، فجأة وبعد تفاقم حالة الصبية بدأت تهضرب وتهذي قائلة «يمة أمسكيني.. كضابة ماكي ماسكاني»، وكان هذا آخر ما نطقته وودعت به هذه الدنيا الفانية، فأي مأساة هذه وأي فجيعة، وهل هناك فجيعة ومأساة أفدح من أن يروح هؤلاء اليفع الصغار البريئون هكذا بكل بساطة ، إنها والله المأساة في أبلغ وأوضح صورها، أن يموت الكبار والصغار من أهل بلدي من الفقراء ومحدودي الدخل ? وما أكثرهم ? بسبب ضيق ذات اليد وعدم الحصول على الدواء، بينما مترفوها وأثرياؤها ? وما أقلهم ? لا يطيقون صبراً مع أقل وعكة، فيهربون من البلاد إلى حيث توجد أرقى المستشفيات في بلاد العرب والعجم.. حرام والله حرام.. اللهم ألطف بالسواد الأعظم من عبادك في السودان واستر فقرهم بالعافية ..

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..