مقالات وآراء

عودة إيلا.. إعادة تدوير الفلول

 

 

نقوش

لؤي قور

 

لاستقبال الإخواني المُنظم والعلني لوالي ولاية الجزيرة الأسبق، وآخر رئيس وزراء في عهد البشير، والمتهم بالفساد (محمد طاهر إيلا)، و(التمسُّح) بمسوح القبلية الكذوب لها مؤشرات واضحة لنية الفلول في إعادة تدوير أنفسهم عبر بوابة القبلية، و(قبلنة) الصراع السياسي في السودان، في محاولة للعودة إلى المشهد من جديد. خاصة بعد أن أتت هذه الأساليب أُكلها في وقت سابق، وبمساندة عسكر الانقلاب بتعثر الفترة الانتقالية، وسقوطها في نهاية المطاف.

فـ (إيلا) المتهم بقضايا فساد منذ عهد الإنقاذ البائد، بلغت تجاوزاته المالية وديونه مبلغ الخمسة ترليون جنيه، بحسب مفوضية مكافحة الفساد، التي شكلها نظام البشير. ومُتهم بعدد من القضايا المتعلقة بالاستيلاء على أموال عامة، إبان توليه منصبه كوالٍ في ولايتي البحر الأحمر والجزيرة، ولا يصلح في الوقت الحالي إلا أن يكون رمزاً للفساد. أما محاولة (قبلنة) الصراع السياسي في السودان ليكون في قامة الفلول، فهو أمر من الصعوبة بمكان، لو لم يكن مُستحيلاً.

في أواخر سنوات الإنقاذ المُبادة، وجهت مفوضية مكافحة الفساد وديوان المراجع العام تُهماً لـ (محمد طاهر إيلا)، تتعلق بالاستيلاء على ستة آلاف جوال ذرة من المخزون الاستراتيجي، فيما عُرف وقتها بقضية (فساد المخزون الاستراتيجي)، بالإضافة لتهُمة بيع باخرة عاملة ومتحركة باعتبارها خردة، إبان عمله والياً لولاية البحر الأحمر. كما أنه ترك خلفه ديوناً بلغت الثلاثة ترليون جنيه على الولاية، بعد تركه منصبه.

في ولاية الجزيرة، ذاعت قضية فساد مشاريع (السفلتة والإنترلوك)، والتي تمت دون مُناقصات أو عطاءات. ولم تُوقع أي عقود بين الحكومة والشركات المنفذة لهذه المشاريع، ما أدخل وزارة المالية بالولاية في دائرة الفساد، خاصة بعد أن أُبرمت عقودات وهمية في وقت لاحق لطمس آثار الفساد. فرض إيلا الذي كان يصفه البشير بـ (هدية الله لأهل الجزيرة) استقطاعات مالية على العاملين بالولاية، وألغى عدداً من (البدلات) التي كانوا يصرفونها كاستحقاقات، واستولى عليها ليكون مصير أوجه صرفها الغموض، بالإضافة إلى أن الولاية شهدت في عهده فساداً هو الأكبر في قطاع الأراضي، كما ألغى إيلا وظائف ما يقارب أربعة آلاف من العاملين بمشروع الجزيرة.

وعقب ثورة ديسمبر المجيدة استردت (لجنة تفكيك التمكين) عدداً من المُمتلكات حاز عليها إيلا دون وجه حق، حينها قام الفلول بمحاولة (قبلنة) القضية أيضاً، بل وتم اقتحام مقر لجنة إزالة التمكين ببورتسودان، في ظاهرة شبيهة بما يحدث هذه الأيام من تجاهل لكم الجرائم الهائلة التي ظل إيلا يرتكبها لسنوات، والسعي لتناسيها باعتبار روابط القبيلة، التي تدثر فيها الفلول.

بعد انتصار ثورة ديسمبر المجيدة، وتكوين الحكومة الانتقالية الأولى، شرع الفلول في استخدام الأموال المنهوبة من الدولة في إثارة النزاعات بين المكونات المجتمعية المختلفة في عدد من الولايات، فنفثوا النار في كل فتنة، واشتعل جراء ذلك عدد من أقاليم البلاد بالنزاعات والحروب، فغذى الفلول الصراعات أملاً في إسقاط الانتقالية. ودخلت مناطق أخرى على خط هذه النزاعات التي شابتها شائبة القبلية مثل: دارفور، وولايات غرب كردفان، ونهر النيل، وولايتي البحر الأحمر وكسلا، فيما عُرف بقضية (شرق السودان) في الأشهر الأخيرة من عمر الفترة الانتقالية التي صنعها عسكر الانقلاب، مهندسو اتفاق جوبا، ومسار شرق السودان، بمعاونة الفلول من الرافضين للمسار، في تناقض لا يفسره إلا التآمر على الانتقالية بأي شكل، وبغض النظر عما يسيل من دماء في مثل هذه التجاذبات التي أعاقت كثيراً مسار الانتقال.

اليوم، يحاول الفلول العودة إلى المشهد السياسي في استغلال لواقع الانقلاب الذي تعيشه البلاد، لخلق جو يسمح بظهورهم مرة أخرى على السطح، ولو بدعاوى قبلية، ومهما صنع الأمر من تفتيت، ومهما أفرز من ضحايا لتلك النزاعات العقيمة. فقط ليستطيعوا الإفلات من عقوبة جرائم مشهودة وثابتة بالدليل والبرهان، ويتمكنوا من تأجيل أوان المحاسبة التي أكد ثوار ديسمبر على ضرورة قيامها إنفاذاً للعدالة، على طريق قيام دولة الشفافية، وسيادة حكم القانون.

لا يستطيع الفلول العيش إلا في الظلام، وفي ظل أنظمة ديكتاتورية شبيهة بنظامهم المقبور. لكن الثابت أن زبد ديكتاتورية انقلاب أكتوبر زائل لا محالة، وحين ينهزم الانقلاب، فلا ريب أن كائنات الفلول الظلامية لن تجد سبيلها في سودان ما بعد الانتصار.

حفظ الله السودان وشعب السودان.

الديمقراطي

‫2 تعليقات

  1. كلام متناقض عندما تسمع بفرض رسوم واستقطاع مال من مواطن تظن اننا الان اصبحنا بدخل فرد يتخطي الاساسيات الي الكماليات….. بينما الواقع اننا الان اكثر فقرا وفلسا من ايام من يسمي ايلا…. وهذا سبب التصفيق له….. انتقد نفسك اولا لتجد من يصدق كلامك ويصفق لك

  2. يا أخينا رجل الشارع العادي برغم ماتقولونه من فساد الكيزان الا انه يشعر أنه كان يعيش الحياة إما الان فهو في غرفة العناية المركزة اي انه غير قادر على استيعاب ما تقولونه… الأمر يحتاج إلى رافعة اقتصادية تعيد إليه توازنه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..