أخبار السودان

أين دور منظمات المجتمع المدني السوداني في حل أزمة الجنوب؟

محجوب محمد صالح

ما زال الوضع في جنوب السودان يدعو للقلق؛ إذ إن المعارك محتدمة والضحايا يتساقطون واحتمالات انتشار الصراع المسلح إلى ولايات أخرى ما زال قائماً رغم كل المساعي التي تبذل لاحتواء هذا الاقتتال وحمل الطرفين على الدخول في مفاوضات ولا نتوقع أن يحدث أي اختراق سريع يؤدي لوقف إطلاق النار فوراً، وسيستهلك الطرفان وقتاً طويلاً في قضايا إجرائية قبل أن يتعرضا لجذور المشكلة بل إن الاتفاق على تفاصيل وقف إطلاق النار ومستحقاته وضوابطه وطرق مراقبته قد يأخذ وقتاً أطول مما يتوقعه الوسطاء.

هذه هي المرحلة التي يمكن أن تلعب فيها منظمات المجتمع المدني السوداني دوراً أكبر في الضغط على طرفي الصراع في الجنوب لتبدي المرونة المطلوبة خلال الحوار وأن ينطلق ذلك الحوار بجدية وإرادة سياسية لأن الجنوب يواجه أزمة حادة تهدد مستقبل الدولة الوليدة بل تمتد آثارها إلى دول الجوار، ومنظمات المجتمع المدني السوداني بحكم علاقتها التاريخية بمواطني الجنوب وتنظيماتهم ومؤسساتهم يمكن أن تقوم بدور فعال في تحريك المنظمات الشبيهة في جنوب السودان لتمارس الضغط المطلوب على الفرقاء، خاصة أن المواطنين الجنوبيين العزل والنساء والأطفال يدفعون ثمناً غالياً لهذا الصراع المأساوي وما زال دور المنظمات السودانية غائباً وصوتها خفيضاً وتعاملها مع هذه الأزمة عفويا لا يعكس كثير اهتمام.

ولا يمكن التعويل على الجهود الرسمية التي تبذلها المنظمات الإقليمية والمجتمع الدولي على المستوى الرسمي دون أن تجد تلك الجهود دعماً ومساندة من المجتمع المدني الجنوبي ومنظمات المجتمع المدني في الشمال هي الأوثق علاقة بمنظمات الجنوب والأقدر على حشد طاقاتها ومناشدة طرفي الصراع بأن يتحليا بالحكمة وبعد النظر في هذه المرحلة الهامة من مراحل تأسيس دولة الجنوب، وإذا استحكم هذا الصراع السياسي والعرقي والقبلي فإن الدولة الوليدة الهشة لن يكون في مقدورها احتمال تبعاته.

لقد لاحظنا هذا الأسبوع ومع اقتراب موعد المفاوضات ازدياد حدة الصراع المسلح؛ لأن كل طرف يريد أن يحقق مكاسب عسكرية على الأرض ويحتل مواقع جديدة حتى يقوي موقفه التفاوضي، وإذا كان الطرفان قد قبلا من ناحية المبدأ وقف إطلاق النار فإن الاتفاق الملزم قد يكون محل مفاوضات متطاولة مع استمرار المعارك إلى أن يتفق الطرفان على تفاصيل وقف إطلاق النار وضوابطه وشروطه وأجهزة مراقبته، وستكون هذه المرحلة خطيرة لأن المعارك ستتواصل خلالها في محاولة من كل طرف لتحسين موقفه التفاوضي وسيرفع كل طرف سقف مطالبه وطموحاته في اقتسام الثروة والسلطة، وهذه هي المرحلة التي يكتسب فيها دور منظمات المجتمع المدني الجنوبية أهمية بالغة وهي تحتاج إلى تحريك وإلى تنشيط، ومنظمات المجتمع المدني السودانية باتصالاتها وعلاقاتها التاريخية مع تلك القوى هي الأقدر على تحريكها، بل هي الأقدر أيضاً على إجراء اتصالات مباشرة وغير مباشرة مع طرفي الصراع ومناشدتهما الإقدام على التفاوض بروح تصالحية وإرادة سياسية نافذة، وينبغي ألا تتحرج تلك المنظمات من القيام بهذا الدور لأن استمرار هذا الصراع لا يشكل خطراً على دولة الجنوب وحدها بل له تداعيات ستنداح أولا إلى السودان وإلى دول الجوار، وفي الأفق الآن ملامح صراع بين المعارضة الجنوبية ودولة يوغندا على أثر التصريحات الأخيرة المستفزة للمعارضة التي صدرت عن رئيس جمهورية يوغندا، الصراع الدائر في الجنوب الآن له خلفيات تاريخية وإثنية تجعله صراعاً مركباً ومعقداً وأي تداخلات إقليمية سالبة ستزيده تعقيداً، والمجتمع المدني الجنوبي قادر على المساهمة في احتواء تلك المخاطر لو استطاعت منظمات المجتمع المدني السودانية تحريكه ليلعب دوره في هذه المرحلة الخطيرة في تاريخ الجنوب.

ومنظمات المجتمع المدني السوداني يمكن أن تسهم في معاجلة الأزمة الإنسانية الناجمة عن هذه الحرب الكارثية ذلك لأن آلاف الجنوبيين قد نزحوا إلى السودان ومن بين كافة دول الجوار كان السودان هو المحطة الأولى المرشحة للجوء الهاربين من جحيم الحرب تماماً كما حدث في الماضي أثناء الصراع المسلح الشمالي الجنوبي، ويمكن أن تسهم منظمات المجتمع المدني خاصة في المناطق الحدودية في تهيئة المناخ لاستقبال هؤلاء النازحين وترحيلهم إلى أماكن آمنة بعيدة عن الحدود وبعيداً عن مناطق صراعات الماضي القبلية، ومع أملنا في ألا تطول إقامتهم إذا تحقق السلام في الجنوب وتوفر لهم الاستقرار فإن أي جهد يبذل لكي تكون إقامتهم المؤقتة في السودان مريحة وأي جهد يبذل لتحقيق هذه الغاية سيصب في خانة تقوية العلاقات بين الشعبين وهذه مسؤولية تأتي في مقدمة اهتمامات منظمات المجتمع السوداني.

ما زال الأمل معقوداً على أن ترفع منظمات المجتمع المدني السوداني في الخرطوم والولايات مستوى تعاملها مع أزمة الجنوب الحالية بما يتناسب مع تحديات الموقف ومخاطره ولا تستشعر حرجاً وهي تقوم بهذه المهمة.

كاتب سوداني
[email][email protected][/email]

العرب

تعليق واحد

  1. لك الشكر استاذنا محجوب محمد صالح وكل عام وانتم بخير — اورد تقرير البي بي سي نزوح 75 الف مواطن جنوبي عن مدينة بور وعلي طول مجري النهر توزعت ارتالهم دون ابسط احتياجات الحياة ومنظمات العون الاسلامي هي رهن باشارة النظام ويمكن تحريكها — هذه الفئة تدخل في المؤلفة قلوبهم وعلينا مساعدتهم فهم ايضا اهل وجيران .

  2. اللهم لا شماته والله يحفظ المسلمون والبشر في جنوب السودان هذه جنة الحركة الشعبية الموعودة والجنوب الذي سيكون أفضل من الشمال واستغلال اخطاء الكيزان لأعلان الحرب علي المسلمين والعرب لإستجلاب الدعم لصناعة دولة افريقية جديدة زعموا ان خواجية تدير الجنوب وأن هنالك مارينز يمنع الجيش السوداني من التقدم نحو الجنوب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    ولكن الغرب ياسادة يحتاج لأموال البترول ويجب ان يكون الرأس ضعيف وخائف
    130000للحركة يجب ان يتقلص ل56000جندي ويصير البترول في يد الغرب والدعم الذي قدم للحركة الشعبية يجب ان تدفع حركات الحرب ضد الإسلام والعروب ثمنه الان

  3. اقتباس
    و مازال في الوقت متسع، فلنترك حوار أديس أبابا يجري كما مقدر له، و علي الرئيس البشير و المعارضة، أن يستغلوا طائرة واحدة و يغادروا إلي جوبا، وسط هذا القصف العنيف من المدافع و الأسلحة الثقيلة، و يلتقوا بالرئيس سلفاكير و ريك مشار في أية مكان هو فيه، و يقدموا إساهماتهم لوقف القتال، و معالجة المشكلة عن طريق الحوار، لكي يتأكد العالم مازال في السودان قلب ينبض بالحياة، و قادر علي تحدي الصعاب و الموت، لكي يسهم في وقف نزيف الدم بين خوتهم، رغم المعاناة التي يعيشها أهل السودان، و رغم النزاعات الدائرة فيه، و لكن عار عليا إذا كتفينا فقط بالمناشدات، و مراقبة الوضع، و نترك المهمة لدول أخري لكي تقوم بها،))) اتتهي الإقتباس

    مقال لإحد الحمقي والمغفليين يريد ان يورط الشعب في حصار آخر هم أول من سيشهد ضد بلده ليزداد الحصار علي الشعب و البشير ووداد آخر من سيتأثر والشعب يموت من الحصار ومن أجل ماذا من أجل من صوت بنسبة 150% للإستقلال عن الشمال وأحتل هجليج وقتل النساء والإطفال لعنة الله علي الكاذبين من عمر البشير لأكبر راس في الجبهة الثورية

  4. اللهم اشغلهم بحروباتهم حتى يتركوننا في حالنا
    فالبذهبوا الى الجحيم غير ماسوف عليهم
    ومعهم جوخة المنافقين والمطبلين
    الذين يتباكون على الجنوب ويتمنون الدمار والحروب للسودان

  5. والله انك متفائل بمنظمات لاوجود لها الا علي الورق!!! فمتي اسهمت في حل مشكلاتنا الشمالية في دارفور وفي جبال النوبة وفي وفي!!!! حتي تسهم في الجنوب!!!

  6. عنوان المقال غير منطقي اذ كيف يعتقد كاتب و صحفي كبير أن منظمات المجتمع المدني يمكن أن تحل أزمة كالتي تستعر بالجنوب، يمكن أمريكا أو حلف الأطلسي، او الأمم المتجدة أو الأتحاد الأفريقي، أو الأيقاد، أو أضعف الأيمان السودان!!! ثم حين تبدأ خطوات الأنفراج يجي دور المنظمات.

  7. أستاذنا الفاضل نعرف صدق مقصدك
    بالنسبة للدولة في مثل هذه الظروف تحكمها مصالحها الاستراتيجية الطويلة الامد ولو كنت متابعجيدا مايجري في الجنوب قبل اسبوعين من اندلاع الاحداث ونشرت مؤسسة صحفية سودانية تحليل متوقع لما حدث لاحقا بعدها في اقل من اسبوعين وترجمته عنها وورلد تربيون ونشرت في مواجهته وكالة انباء الصين افتتاحية مطولة وكالعادة هي رسالة الحزب الحاكم مختصر ما اوردته المفيد هو ان السودان اكتشف الخدعة الصينية التي كانت ستئد السودان وميناء بورتسودان بحلول العام2020 بموافقتها على تمويل الميناء الكيني والاحتلال الفعلي لافريقيا الوسطى عن طريق زراعها في الخرطوم وتركت تلك الدراسة مخرج واحد للخرطوم لاثاني له هو اما اعادة احتلال الجنوب او الدخول معه في حرب استنزاف طويلة تفرض فيها شروطها
    وهذا لاعلاقة له بالنظام الحاكم اليوم بل مصالح السودان الاستراتيجية اي بقائه من عدمه
    الامريكان لم يخفوا علمهم بهذا فسارعت فرنسا بقطع الطريق في افريقيا الوسطى وخزلهم سلفاكير عندما اصر ان يكون القرار افريقي اقليمي يعني القبول بالتمويل الصيني للميناء وبالنسبة للصينيين كذلك هو قرار استرتيجي ومستقبل دولتهم من مصادر الطاقة لدلك هرع وزير خارجيتها بالامس لاديس ابابا والصراع بين سلفاكير ومشار هو صراع صيني امريكي سلفاكير وكينيا واوغندا مع الصين ومشار مع اصدقائه الامريكان والغرب والسودان ضائع في الزفة من جهة مع الصين ومن جهة استراتيجيا افضل له ان يكون ضدها هنا مادام قد خسر يورانيوم افريقيا الوسطى؟؟
    اربأ بك ان يكون مستوى وعيك لمصلحة الوطن مجيش بالعاطفة فقط رغم معارضتي للانقاذ افضل ان تتدخل لتزيد الطين بلة وتحكم قبضتها في النفط بل والافضل ايجاد نظام يراعي مصالح السودان الام
    الوطن يعلو ولايعلى عليه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..