قنبلة ملتوف

بسم الله الرحمن الرحيم
أعلنت الشرطة في بيان لها..القبض على طالب مفصول من جامعة بحري ..على خلفية إلقائه قنبلة حارقة على سيارة للشرطة ..أودت بحياة واحد منها وإصابة ثلاثة بحروق.. يمكن من سياق الخبر استنتاج نقاط هامة تصلح لتسليط الضوء على طبيعة الصراع الحالي بين النظام ومعارضيه والأخلاقيات التي تحكمه والمخاوف من مآلاته..
النقطة الأولى هي مقدرة الشرطة على تحديد شخص رمى بقنبلة حارقة على سيارتها من بين المتظاهرين ..وإذا علمنا أن السيارة وفق ما ورد في الخبر كانت مرتكزة في السوق العربي المزدحم بطبعه..تقودنا إلى سؤال بديهي ومباشر..طالما كانت الشرطة بهذه المقدرة..فما الذي جعلها بعيدة عن تحديد حتى واحد فقط مما سمتهم ( المندسين) ما يعني أنهم ضد النظام..مجرد واحد لاغير ..ممن أطلقوا النار منذ هبة سبتمبر المجيدة التي قتل فيها المئات من المتظاهرين ؟ وكذلك من أطلقوا النار على الطالبين الجامعيين في جامعتي كردفان والأهلية؟وإذا أضفنا إلى ذلك تصريح السلطات بأنها لا نية للتحري حول مقتل الأخيرين كما ورد في المواقع الاليكترونية ..فإن ذلك يقودنا إلى إجابة هي في الواقع تأكيد للمعلوم بالضرورة لدى المعارضة بأن القتلة هنا من الموالين للنظام ويطبقون سياسة ممنهجة في القتل ..عليه….فلن تتم مساءلتهم ولا حتى بذل الجهد في كشف حقيقتهم..وهي نقطة يجب تسجيلها دليلاً لدى المنظمات الدولية والاقليمية في فضح النظام وجرائمه.
أما النقطة الثانية فهي الأخطر في تقديري .. فتتمثل في مقتل الشرطي وحرق ثلاثة آخرين جراء القنبلة الحارقة ..وينبغي لتوضيحها الرجوع إلى كم المظاهرات التي استخدمت فيها قنبلة الملتوف ..فمئات المظاهرات المناهضة لمايو كان طلبة الثانوي وليس الجامعة فقط ..يصنعون هذه القنابل البسيطة ..ويستخدمونها ..ولا أظن أنه تم تسجيل أي حالة مماثلة من قبل ..فقد كانت لإشعال الحرائق في مقار (توتو كورة) ونيران في بعض الشوارع وربما بعض المقار الحكومية… لينهض السؤال البديهي ..ما الذي استجد هنا ؟
في الواقع لفت النظر في أخبار إغلاق جامعة الخرطوم ..ما ورد عن وجود مائة وخمسين سيارة تتبع للقوى الأمنية في الموقع !!!.. وقد يخطر للبعض زيادة إمكانات القوى الأمنية ..ولكن يجب النظر إلى أبعد من ذلك ..في استراتيجية النظام في مقابلة المتظاهرين ..فهو يعلم يقيناً أن نهايتة مرهونة في الخطوة قبل الأخيرة ..بتضخم المظاهرات السلمية..لذلك اختار القمع وسيلة لإخمادها ..باستخدام القوة والسلاح في التعامل معها..ما يجعلها تحشد هذا الكم من السيارات ..وهنا يوجد الفارق بين الواقع الحالي وما كان..ففي الماضي كان الشرطة يأتون في كومر واحد أو اثنين..ويكون الكومر في مكان بعيد ينزل منه الشرطة لمطارة المتظاهرين ..لذلك لم يكن هناك أي احتمال لاصابة شرطي بأكثر من حجر..أما الآن فإن الوجود الكبير للقوى الأمنية بسيارات قرب الموقع ..قد أدى إلى هذا الخطرعليها..ويمكن تقدير العدد في كل سيارة ما بين الخمسة إلى سبعة على الأقل وفقاً لعدد المصابين في الحادث المشار إليه.. وبناء على ذلك يمكن طرح السؤال التالي ..ماذا لو أدي خيار العنف والقتل الذي لا مساءلة فيه.. إلى تفكير البعض القليل..ولو بصورة فردية .. في مواصلة اللجوء ليس إلى القنابل الحارقة وحدها ..بل القنابل اليدوية شديدة الانفجار ؟ ( مع العلم أن هنالك فئات تؤمن بذلك )..النتيجة ستكون كارثية على الشرطة والوطن ..فعلاوة على إمكانية مقتل كل ركاب السيارة ومن حولها…فإن الوطن سيكون قد انجرف في حواضره إلى دموية لا تريدها أطراف عاقلة متعددة وكثيرة .. ويكون العمل المعارض للنظام قد نحا منحىً خطراً يكون النظام هو المسئول الأوحد منه..فهل يتعقل النظام في خياراته في كل أرجاء الوطن ..أم ستنجرف الأمور إلى ما لا يحمد عقباه ؟ حمى الله الوطن من كل سوء يفوق ما نحن فيه.
[email][email protected][/email]